تستل غيابهم 


وتفتح في جدار الغياب كوة لعلهم يطلون منها ويباغتونك بتحية عابرة أو بمطلع أغنية يتيمة الأمل.
تعد طاولة للمسرة وورقة بيضاء للألفة ووردة عابقة المودة وأمكنة مشبوبة اللهفة وأزمنة محتشدة بالحنين وجرار لا تنفد من نبيذ الشجون المعتقة وتهيئ نفسك لتقديم وصلة طويلة من البوح الحميم وتلقي هطول كثيف من أمطار النقاء.
 
{ ها أنت تستل غيابهم
وتجرهم إليك من جب النسيان العميق تخرجهم من ذاكرة مطمورة برمل الوحشة وتراكم القطيعة والجفاء وترسبات العزلة وارتحالات المودة إلى صقيع يلفظ معاني الدفء وتعابير الفرح.
 
{ ها أنت تفتق جدبهم
وتشعل خضرة المروج وقحط أعماقهم العامرة بصفير الرياح وعواء الخريف ورفرفة الحيرة في فضاء يضيق بنفسه.
 
{ ها أنت تقشر أيامهم
وتبحث عن لون ينسجم مع بقايا العواطف المتيبسة والمشاعر المثقلة بإرث من الأسى والمواجع والآهات المتجددة والحكايات الغائمة بأسئلة تعرج في طريقها نحو الحقيقة.
 
{ ها أنت تنقش ملامحهم
وتكتب خفقاتهم فوق سطور تلهج ببروقها القادمة من أصابع القصيدة التي تلوح لك من خدرها البعيد ومن عروشها المنيعة وأعاليها الباسقة.
 
{ ها أنت تمدهم إليك
وترشقهم بحضورك الغض ونداك المهادن ويناعة حرفك المخضر بالمحبة والمواسم المتوثبة لدلق رحيقها وبسط آفاقها أمام دهشتك البريئة.
 
{ ها أنت ترشقهم بحضورك
وتغرس في معطف انتظارهم وردة تتلألأ بكل ما هو رائع ومخالف لأنظمة الرتابة والضجر المتمدد بدون خجل والملل الذي يدلي بساقيه من فوق الجميع دونما اعتبار لمقام صبح أو مكانة معنى أو يليق بنجمة عابرة.

قد يعجبك ايضا