قصــــة قصــــيرة
يقال: طب الطالب ف الامتحان..أو طب (فلان) في شر أعماله أي سقط أو وقع..ومطب من طب.
والمطبات (جمع مطب) هي الهاجس الذي يلازمني طوال رحلتي على الخط الطويل ما أنا عليه عندما انطلقت بسيارتي لقضاء إجازة العيد في قريتي..وقريتي لا تبعد كثيرا عن صنعاء (140كم) إلا أني أقطعها في ثلاث ساعات والسبب هاجس المطبات أظل مترقبا متى يقع حتى لا أقع. ولكل أجل كتاب إلا أننا مأمورين:خذو حذركم..كثيرون وقعوا في المطب بسبب تهورهم أو ثقتهم الزائدة في أنفسهم وما زاد عن حده انقلب ضده..والثقة الزائدة غرور والغرور يعمي البصر والبصيرة..الغرور مطب سيقع فيه صاحبه إن عاجلا أم آجلا.
وحرية صناعة المطبات أين ما كان وكيفما كانت..أو فوضى صناعة المطبات على الطرق ربما تكون حالة تنفرد بها اليمن. وطرق السيارات من حق السائق إلا في اليمن من حق المشاة يقطعون الطريق متى ومن أين يشاءون وإذا وقعت الواقعة لن يرحمهم القانون ولا البشر. بل ومن حق الحيوانات. وفوضى صناعة المطبات انتهاك لحقوق السائق..حدثني مقاول..قال:كنت عائدا إلى مقر عملي في إحدى المديريات..بسيارتي المحملة بالرخام والأدوات الصحية..وفي مكان ما على الطريق أشار لي عجوز برفقته (جدي)..وقفت وأخذتهما معي..وبعد أن قطعت مسافة فاجأني مطب جديد لم أستطع حينها أن أتلافيه ..وقعت في المطب..انقلبت سيارتي وتحطم ما عليها من أغراض..سلمت والعجوز من أي خدش ومات (المعزي) طالبني العجوز بثمن المعزي وأيده القانون لأني كنت المتسبب..لم يرحمني القانون ولا العجوز والمتسبب المطب..والسبب صانع المطب أو الفوضى..الفوضى عند غياب القانون..الفوضى هي المتسبب قتلت (المعزي) ونكبت السائق. والفوضى إذا كانت كان الحذر واجب لا تصنع معروفا ومن المطبات..واستطرد (ضاحكا):
– وأطلقوا على المطب أسم: مطب المعزي.
والسبب الذي من أجله أقيم المطب: أن أحدهم أراد لماشيته طريقا آمنا وهي تقطع الطريق إلى الجهة الأخرى.
وللمطبات التي على طريقي أسماء: مطبات (الدبا)..مطبات الجزر..مطبات القات..مطبات البطاطس ومطبات بدون أسماء وسر إنشائها عند أصحابها. ولفتت انتباهي زوجتي الجالسة إلى جواري إلى مطب على بعد 20 متر..سألتها : كيف عرفت¿ أجابت (ضاحكة):
– هناك على يمينك لوحة كتب عليها: أحذر أمامك على بعد مائتين متر مطب (الكبش).
لم أضحك مثلها المتعجب على الحس الحضاري لصاحب المطب عندها ذكرت حكاية (مطب المعزي)..حكيتها لزوجتي..ثم قلت:
– وهنا قتل الكبش.
وحكاية مطب (المعزي) معروفة فهل هناك لمطب الكبش حكاية¿..سألت نفسي وحتى أنفس عن نفسي سألت زوجتي..أجابت (متفاعلة):
– وقف..وقف..أسأل الرجل الذي تقترب منه.
أجاب الرجل (مستغربا):
– ولماذا تريد أن تعرف¿
– الفضول يا أخي .. الفضول.
رمقني بعين خبيثة وقال:
– تريد أن تشبع فضولك.
– نعم.
أشار إلى فيه وهو يقول:
– وأنا أريد حقه.
– حق القات.
– حق المطب..يا وليد.
لم تستفزني يا وليد يتداولها فئة من اليمنيين بعفوية..عفوية كما كانوا أو أنهم يعودون إلى الوراء وفوضى المطبات تنتشر على الطريق..والكلاشنكوف لم ينس أن يعلقه على كتفه الأيسر..أعادني إليه وهو يقول:
– ما قلت.
لم يسعني إلا أن أبتسم وأنا أنقده مأتي ريال.
رمقها بعين ساخرة ثم قال:
– ماهيش قيمة (معبر).
ثم رمقني بعين راضية وهو يقول:
– فاتحة خير..فاتحة خير..اسمع: قتلت سيارة (كبش) صاحبنا وهرب صاحب السيارة فأقام صاحبنا المطب لتخليد ذكرى الكبش وتذكير صاحب السيارة بأنه سيدفع ثمن الكبش إن آجلا أم عاجلا واستطرد (منفعلا):
– الثأر لا يموت..يا وليد.
رمقته بعين حزينه..وقلت:
– حتى الكبش..أنها..أنها….
– كيف¿
– صاحبك هو السبب عندما لم يحرص على كبشه..والطريق من حق السائق.
رمقني بنظرة عدائية..وقال (منفعلا):
– هي حقنا..حقنا.
عدت خائفا إلى سيارتي وأنا أقول:
– حقكم..حقكم.
ولم تنس زوجتي أن تعاتبني..قالت:
– أي فضول هذا ثمنه إفساد الناس.
– فضول زوجك.
رمقتني بعين حزينة أو نادمة..وكأنها تقول: ليتك..ليتك..ثم الحائر لم استطع أكمال الجملة.
وفوضى صناعة المطبات سبقت فوضى صناعة المتاريس على شوارع العاصمة وأبواب نفر بعينهم منهم من يستحق ومنهم من لا يستحق..لأنها الفوضى..ولولا فوضى المطبات ما كانت فوضى المتاريس. وكأن المطبات كانت المؤشر بأنها ستأتي لا محالة. والمتاريس مطبات كبيرة قد يقع فيها الحجر والبشر..وإذا كان المتهور أو الماشي بأمان الله وهو لا يدري بأن أمامه مطب هم من يقعون فيها..فإن من سيقع في المتاريس هم الأغلبية الآمنون بأمان الله أما المتهو