ليثروا ويثأروا… يمزقون!!
جميل مفرح
جميل مفرح
جميل مفرح
< يحز في النفس ويبعث على الأسى والأسف ما تتشكل ملامحه على وجه الحال السياسي وتحولاته في الأزمة الراهنة في بلادنا من توجه خطير تلعب على تجسيده بعض القوى إذا جازلنا تسميتها قوى أو بعض الشخصيات السياسية والوجاهات الاجتماعية والاقتصادية المتنفذة في الساحة الوطنية ومنها تلك الشخصيات التي طفقت في الأعتقاد بإطلاقية تنفذها وقدراتها وإمكاناتها حتى وصل بها الأمر إلى امتطاء صهوة الخيال وإكبار الذات وعدم الاستسلام لأي وجه من أوجه الشك في قدراتها مؤكدة على قدرتها حتى في التحكم بمصائر الشعوب والتحول بالنظم الاجتماعية بمزاجية مطلقة لا تركن إلى العقل والمنطق ولاإلى ما يمكن تسميته المصلحة العامة أو الخيار الشعبي في مصادرة ظالمة وقاسية وغير منطقية للحرية والتعددية والديمقراطية وما يسير في مسار تلك المعاني من قيم وأخلاق وضوابط.. ومن هذا المنطلق وهذا المنطق الإقصائي لم يعلم أولئك أنهم إنما يذهبون باتجاه خلق وبوتقة حالة إقصائية متوقعة لن يقع في شراكها سواهم ولن يتضرر جراءها سوى مصالحهم السابقة واللاحقة.
< الحالة أو الوجه الذي تبدت ملامحه في الأزمة والذي أشرنا إليه مسبقا يتمثل في نزوع غريب باتجاه تجسيد تمزق اجتماعي ووطني في الساحة يناقض كل معنى وكل قيمة وكل هدف قامت وتجسدت على تحققه أهم وأكبر التحولات والأهداف ابتداء من ثورتي سبتمبر واكتوبر وإعادة تحقيق الوحدة الوطنية التي كانت هدفا وطنيا لا يبارح بالا ولا يفارق حلما وغير ذلك من الأحداث والتحولات التي تصدرت أهدافها وقبل ذلك عواملها قيم الحرية والديمقراطية والعدالة والتماسك الاجتماعي والتوحد بين أبناء الوطن لإيجاد مجتمع قوي متماسك بإمكانه المحافظة على كل مكتسب والوقوف بقوة في وجه كل سبب يعترض مسيرة بنائه وطريق تحقق أهدافه المنشودة وآمال شعبه.
{ الذي بدر من تلك القوى وتلك الشخصيات الحالمة أحلاما مدمرة من تصرفات ومحاولات تثوير غير مبررة كان حريا بأن يكشف عن خواء ذاتي مفرط وعن مطامع أنانية لا تنظر أبعد من محيطها الضيق الذي لا يذهب باتجاه خدمة شعب أو وطن بقدر ما يميل إلى تحقق مصالح وخدمات ذاتية وإن يكن ذلك على حساب هذا الوطن أو هذا الشعب وكأنهم يرون بأن لا دور لهذا الشعب في تلك الصفقات أو النزعات الثورية إلا كونه ورقة ضغط رابحة أو طريقا معبدا للوصول إلى تحقق أحلامهم وتجسد مطامعهم..
{ إن الذي يجب التأكد عليه والإشارة إلى خطورة عدم الاهتمام به هو أن الذهاب باتجاه تمزيق الوطن أشلاء وتحويله إلى جبهات سياسية وقتالية لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يحقق مصلحة للوطن ولا لأبناء الوطن بقدر ما يعني ويمثل قنبلة موقوتة تحاول تلك القوى زرعها في أمتن أساسات الوطن لتعود من بعد ذلك تهدد بتفجيرها وتبتز بها لانتزاع ما تفرضه من فدية أو فديات من أجل مصالحها الذاتية والمؤكد أنها لا تتوانى ولن تتوانى عن تفجيرها حتى وإن حققت مصالحها الذاتية فما عرفناه عن هؤلاء المنتفعين وأكثر ما كشفت عنه الأحداث والمتغيرات خصوصا في الأزمة الراهنة أن هؤلاء لا يتحلون على الإطلاق بأي شكل من أشكال الوفاء والصدق والإيفاء بالعهود والعقود وهذا على رأس ما يخيف مما يمكن أن يقوموا به تجاه الوطن إنهم يتعاملون مع الوطن كقيمة شرائية رابحة أو ورقة مالية باهظة الثمن يمكن استخدامها والربح من ورائها في صفقاتهم المشبوهة.
< وإن المتابع للأحداث والمجريات سيجد أن هؤلاء المرابحين أصبحوا يشكلون طرفا بل أطرافا منازعة في نزاع خلقوه بدهائهم وبجشعهم وبطفراتهم ومغامراتهم نزاع لا مبرر له ولا غاية من ورائه إلا أنهم أرادوا له أن يكون إما لتحقيق صفقات ربحية مغرية أو لتصفية حسابات وتحقيق ثارات ليس لنا ولا لوطننا من ورائها جدوى وليس من نتائجها سوى دمار وطننا وإثقال كاهل شعبنا بما يطاق وما لا يطاق.
وعليه فإن ما كشفته الأحداث الجارية في بلادنا منذ اندلاع الأزمة المفتعلة لجدير بأن يجعلنا الآن أكثر وعيا وإدراكا بما يجري من حولنا وبأن نرفض كل الرفض أن نكون هامشا في حسابات أولئك الجشعين الغادرين عدا كوننا ورقة رابحة في صفقاتهم وأن نفتح أعيننا قبل أن يصيبها عمى كامل يجعلنا نركن إلى هذا المرابح أو ذاك المزايد والله من وراء القصد والمبتغى.