زيادة سكانية «مهولة» 

عبدالعزيز الهياجم


عبدالعزيز الهياجم

عبدالعزيز الهياجم 
في كل يوم نعايش فيه هديرا من أصوات وأبواق مسيرات الزفاف والأعراس نجد أنفسنا نفرح لإكمال الشباب نصف دينهم ولكن في ذات الوقت يثير قلقنا السرعة الهائلة في مشروع الإنجاب والخلفة بطريقة جعلت الكثيرين لا يحتاجون أكثر من تسعة أشهر بين تاريخ الزفاف وميلاد الطفل الأول وكأن المسألة لا تعدو كونها فرحة وبس.
إذا سألت شابا عن سر هذا الإنجاب المبكر واعتبرت أنه حرم نفسه من فسحة زمنية كان يفترض أنه سيقضيها مع عروسته براحة بال وبعيدا عن هم الأولاد لأجابك بأنه مستعجل على أن يكون أبا أو أنه يتفهم ما تقوله لكن الأمر بيد والديه اللذين يتلهفان لولوج مرحلة «الحفودية» حتى وإن كان والد الحفيد لازال في كنف والديه وضمن أجندة مصاريفهم ونفقاتهم.
وبحسب الإحصاءات فإن الزيادة السكانية في اليمن تبلغ سنويا نحو (700) سبعمائة ألف نسمة وهو ما يعني أن سكان اليمن الذين ولدوا من بعد قيام الوحدة المباركة وخلال عشرين عاما أكثر من عشرة ملايين نسمة وهو ما يمثل رقما مهولا بالنظر إلى بلد بمحدودية وشحة إمكانيات اليمن.. بمعنى أن الأحلام الوردية التي كنا نعلقها منذ عشرين عاما لم تتحطم على صخرة الوحدة كما يريد أن يزعم البعض ويعلق شماعة التشكيك عليها بغية التشويه لهذا المنجز العظيم وإنما تحطمت على صخرة الإنجاب العشوائي والتناسل غير المنظم.
والبعض للأسف الشديد يعتبر أن أي حديث عن تنظيم الأسرة والحد من التزايد السكاني المفرط هو اعتراض على سنة وفرض استنادا إلى ما يروى من حديث عن الرسول الكريم يحث فيه أمته على التكاثر لأنه مباه أو مفاخر بهم الأمم ولا أعرف أنا هل الحديث صحيح أم موضوع ولكن ما أفهمه أن الرسول محمدا عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم كان يعتد دوما بأمة نوعية تقوم على الكيف وليس الكم وفي ذلك يأتي قوله فيما معناه «بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل».
وللأسف الشديد أننا نصدق كثيرا من الشائعات التي تروج يوميا عن مساع غربية أو إسرائيلية عبر سلع غذائية تباع في العالم العربي تؤدي إلى العقم وعدم الخلفة مع أن الصحيح هو أن المساعي قد تكون قائمة ولكن من أجل ما يؤدي إلى التكاثر ويساعد على الإنجاب أكثر في البلدان العربية والإسلامية بدليل أن بلدانا إسلامية تجاوز سكانها المائتي مليون نسمة وبلدان عربية قد تناهز الثمانين مليون نسمة هي في حقيقة الأمر أصبحت مشغولة بتوفير لقمة العيش لسكانها أكثر من انشغالها بالبناء واستراتيجيات التصدي للعدو.
ونحن في اليمن عندما نتحدث عن عشرين عاما منذ قيام الوحدة المباركة ونتفق على أن هناك نجاحات في جانب المشاريع التنموية والخدمية ولكنها أقل مما هو مؤمل وأن هناك مشكلات الفقر والبطالة وعدم توفر فرص العمل للشباب من المؤكد أننا لا نغفل أسبابا تتعلق بمظاهر فساد وتجاوزات ومحسوبية وغير ذلك من العوامل لكن مع ذلك فإننا حتى لو كنا بلدا مثاليا في الإدارة والنظام والقانون فإن نموا سكانيا بهذا الحجم لا شك أنه سيعطل كل النجاحات وسيقزم كل الخطوات وما يتحقق من نمو ستبلعه الزيادة السكانية بشكل لافت.
وحتى على مستوى البيت الواحد فإن رب الأسرة عندما يكون لديه أطفال بطريقة منظمة وبخطة إنجاب مبرمجة وعلمية يستطيع أن يربيهم بالطريقة السليمة ويصرف عليهم بما يكفل لهم مستوى عاليا من خدمة التعليم والصحة والملبس والمأكل والمشرب أما حين يتضاعف العدد فإن نصيب الفرد يتم تقسيمه على ثلاثة أو أكثر.. فهل نعيد حساباتنا ونستفيد من تجارب الجيل السابق¿.

قد يعجبك ايضا