قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر نظمنا في لندن مسيرات سلمية مناهضة لحكم الإمام والاستعمار الإ


كتب- عبدالله بجاش –
قبل ثورتي سبتمبر وأكتوبر نظمنا في لندن مسيرات سلمية مناهضة لحكم الإمام والاستعمار الإنكليزي
ذات مرة كنا في تظاهرة احتجاجية ورشقنا اليهود.. وبسرعة تتدخل البوليس منعا لاصطدام معهم
عقب ثورة سبتمبر زارنا وفد رسمي ليطلعنا على آخر المستجدات على الساحة الوطنية ومتطلبات الثورة
جمعنا تبرعات دعما للمجهود الحربي ومقابل أسهم لتأسيس البنك اليمني للإنشاء والتعمير
< ونحن نحتفل بالعيد الذهبي لثورة أل 26 من سبتمبر والعيد التاسع والأربعين لثورة أل14 من أكتوبر لابد من أن نتذكر المغتربين اليمنيين الأوائل الذين قذفت بهم أمواج البحار في الأربعينيات والخمسينيات إلى أفريقيا أو أمريكا أو بريطانيا بحثا عن العيش الكريم والحياة الكريمة بعيداٍ عن ظلم وجبروت حكم الطغاة الكهنوتي والاستعمار الانكليزي القابض بأنيابه على رئة وطن يتنفس منها البشر والحجر والشجر.. تلك الحياة المكبلة بالحديد والنار جعلت اليمن أرضاٍ وإنساناٍ تعاني من جور هولها حتى نفذ صبر أبنائها في الداخل والخارج.. وبدأت نخبة من الضباط الأحرار تجتمع سرا تبحث وتخطط فيما بينها وتستقطب من خيرة أبناء الوطن تمهيداٍ لساعة الصفر والخروج علنا لمواجهة الطغاة والمستعمر وكان أولئك المغتربون السباقون في تقديم الدعم المعنوي والسياسي والمادي لثورتي سبتمبر وأكتوبر معلنين في تظاهراتهم لقادة وشعوب مواطن اغترابهم أن اليمنيين تواقون للحرية بالتخلص من جبروت الحكم البغيض والاستعمار الانكليزي .. حول هذا السياق وغيره يحكي لـ(الثورة) أحد المغتربين الأوائل في شيفيلد البريطانية الشاهد الحي الأخ محمد فارع قائلاٍ:
في فترة حكم الإمامة في الشمال والاستعمار الانكليزي بالجنوب أضطر ينا أن نغادر إلى ارض الله الواسعة بحثاٍ عن العيش الكريم واستقرت الفكرة الغربة في بريطانيا وكان هذا أواخرعام1957و أوائل1958م وحينها كان عمري سبعة عشر عاما وبما أني من مواليد عدن أبحرنا بدون جوازات على ظهر سفينة حتى وصلنا مدينة شيفيلد البريطانية .. طبعاٍ الغربة ليست سهلة فهي صعبه جدا وفي بلد مختلف له لغته وثقافته وعاداته وتقاليده الخاصة وكانت البداية شاقة لأني لم احصل على عمل مباشرة فقد بقيت سنتين بدون عمل لأن المصانع بمدينة شيفيلد كانت تعمل ثلاثة أيام في الأسبوع لأن تلك الفترة كانت بعد حرب السويس لكن بدأت الأمور تتحسن في الستينيات وحصلت على عمل لأن مدينة شيفيلد صناعية و تتواجد فيها مصانع كبيرة وهذا يتطلب إلى أيادُ عاملة والحمد الله كانت تسير الأمور من شهر وإلى عام نحو الأفضل.

صعوبة التواصل مع الوطن
طبعاٍ كان التواصل مع الوطن في تلك الفترة صعب جدا فإذا فكرت وبعثت رسالة تصل بعد أربعة أو خمسة أسابيع لذلك كان نادراٍ ما تأتينا الأخبار عن الأهل وحول ما يجري على الساحة الوطنية من حراك سياسي ضد الاستعمار والإمامة وكنا نتأثر بما يجري داخل الوطن ونخرج بمظاهرات دعما للحراك السياسي في اليمن المناهض لتواجد الاستعمار الانكليزي وجبروت الحكم الإمامي وبصدق وأمانة كان ينظم و يتزعم هذه المظاهرات في البداية المناضل (سيعد الجريك) وإلى ذلك كان لنا فعاليات سياسية أخرى مساندة لثوراتي ليبيا ومصر نابعاٍ من حمية عربية وقومية نستشعرها وملتزمين بها كعرب .. فعندما علمنا بخبر قيام ثورة ستة وعشرين سبتمبر كانت الفرحة كبيرة جدا لأن انتصار الثورة جاء ثمرة نضال داخل وخارج الوطن وهذا النصر هز من معنوية قادة الاستعمار الانكليزي بعدن لأن شرارة ثورة سبتمبر سوف تطالهم عاجلاٍ أم أجلاٍ.

تظاهرنا ضد الإمام والاستعمار
بالنسبة لسؤالك عن موقف السلطات الانكليزية من تظاهرتنا ضد حكم الطغاة في الشمال والمستعمر الانكليزي بالجنوب للأمانة لم يحدث أي مضايقات لأن المسيرات كانت سلمية و لم نحدث أي أعمال شغب وكنا نعبر عن رأينا بحدود لهذا كان البوليس يحمي مسيراتنا على الرغم من أن اليافطات منها منددة بالاستعمار الانكليزي ومطالبة برحيله من جنوب اليمن وأخرى مناهضه لحكم الأمام ومع هذا لم تقمع أي مسيرة أو تصادر يافطة لأن القانون يسمح بحرية التعبير سلميا .. وأذكر ذات مره كنا في مسيرة كبيرة وقام بعض اليهود برشقنا بأشياء لم أعد أتذكرها و لكن البوليس تتدخل بسرعة ولم نصطدم معهم بل واصلنا المسيرة حتى النهاية.. ومن ثم أتفرقنا والتقينا في هايدى بارك بحسب الخطة لأننا كنا نتجمع في البارك من مختلف المدن الانكليزية كيمنيين دون التفكير أن هذا جنوبي وهذا شمالي فنحن يمنيون بروح وجسد واحد وقضيتنا واحدة حكم الطغاة والاستعمار.

زيارة النعمان لبريطانيا
أما بالنسبة لزيارة النعمان الحقيقة ما أذكره أن النعمان زار بريطانيا فعلاٍ وكان يلتقي بالمغتربين بشكل مجموعات.. ولم تكن تلك الزيارة معلنة وربما كان لها طابع خاص ولكن كنا نحضر لقاءاته في مدينة شيفيلد وكان في كل للقاء يشرح لنا عن الثورة ومتطلبات الثورة من إمكانيات وأظن لم يكن لذلك صدى لدى اليمنيين بشكل عام.
وفد يمني عقب الثورة
طبعاٍ دعمنا السياسي والمعنوي والمادي كان مبكراٍ جداٍ فقد نظمنا المظاهرات في لندن وجمعنا التبرعات من المغتربين اليمنيين المتواجدين ببريطانيا قبل قيام ثورتي سبتمبر وأكتوبر وهذا كان له أثر كبير لدى كل القيادات النضالية في اليمن والدليل على ذلك بعد انتصار ثورة سبتمبر مباشرة وصل إلينا وفد رسمي يتكون من ثلاثة إلى أربعة أشخاص تقريبا وأتذكر كان منهم الأخوان (محمد مهيوب ثابت ومحمد سعد القباطي) وقام الوفد بعقد لقاءات عديدة مع كافة المغتربين في بريطانيا وكانت مهمة الوفد اطلاعنا على آخر التطورات والمستجدات على الساحة اليمنية عقب الثورة وتوضيح الصورة الحقيقية للأوضاع والتحديات والمخاطر التي تحاك ضد الثورة من قبل أعدائها وكذلك شرح فكرة تأسيس البنك اليمني للإنشاء والتعمير وطلبوا منا الدعم والمساهمة وبالفعل جمعنا تبرعات منها كان دعما للثورة أي (المجهود الحربي) والجزء الآخر مقابل أسهم في البنك اليمني للإنشاء والتعمير.. لكن وبكل أسف لم نتوقع من أن الحالة ستكون أسوأ من قبل الثورة وخاصة الوضع السياسي ورغم هذا مازلنا نأمل ونتطلع إلى أن تتجه الأمور نحو الأفضل حفاظا على استقرار اليمن وسلمه الاجتماعي.

اختلطت الأمور السياسية
ما أود الإشارة إليه في نهاية هذا اللقاء القصير أن الحراك السياسي الثوري للمغتربين اليمنيين في بريطانيا كان له دور مساند في انتصار ثورتي سبتمبر وأكتوبر وفي نفس الوقت عمل على نشر الوعي الوطني والقومي و توحيد صفوف اليمنيين دون تميز تحت مظلة اتحاد العمال العرب لأن الكل ناصرين وأذكر أن المركز كان في مدينة برمنجهام وكان يحصل على دعم من مصر المهم لعبنا دوراٍ سياسياٍ على مدى أربع أو خمس سنوات على ما أذكر وبعدها تأسست أحزاب كثيرة وتحولت الأهداف الوطنية إلى جبايات مالية من ليبيا والعراق وسوريا بينما كان أغلبية المتواجدين حين ذاك في بريطانيا يمنيين وبدأت عملية المنافسة بين الأحزاب السياسية في استقطاب أكبر حشد من الأعضاء ولهذا اختلطت الأمور السياسية بالجوانب المالية هذا كل ما أتذكره في هذه اللحظة والتي أستغلها فرصة وأرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ورئيس وأعضاء حكومة الوفاق الوطني وإلى شعبنا اليمني العظيم داخل وخارج الوطن بمناسبة العيد الذهبي لثورة سبتمبر الخالدة والعيد الـ49 لثورة أكتوبر المجيدة وكل عام والجميع بخير.

قد يعجبك ايضا