تقاطر الدعم على الملكيين من كل فج عميق.. فإذا بالثورة ضحية حرب طاحنة


لقاء/إبراهيم الأشموري –

نت في الإعدادية إبان الثورة.. وشارت في
مظاهرات صنعاء فاعتقلت مع طلاب المدارس في «الرادع»

{ يوم الثورة نا أول من دخل قصر البدر.. وشاهدنا احتراق دبابة الأحرار وأخرى كان يقودها «صبرة»
{ «450» من المحافظات الجنوبية قاتلوا معنا في نقم وعيبان وظفار وارتبط النضال بهدف الوحدة..

الإمام أشاع الأمن والانضباط وحفظ الحقوق ودعم ثوار الجنوب بالمال.. وحين انعدمت الحريات وساءت الأوضاع لم تشفع له إيجابياته

عاش اليمن عزلة شاملة.. فانت الثورة الخيار الوحيد للانعتاق

الشهيد الحمزي ضحى بنفسه.. وأحرق معسر قشلة بعمران بكل أسلحته حتى لا تقع في أيدي الملكيين..

تفاصيل نادرة لاتفاقية وقف الحرب والدعم الخارجي.. وفشل جهود التسوية الأممية عام 63م.

{ لكل حدث حقائقه.. ولكل عصر شهوده.. ولأن الثورة اليمنية الكبرى هي حدث الأحداث في المنطقة كان لها شهودها.. منهم من قضى نحبه لتدفن معه أسرار كثيرة ومنهم من ينتظر ليروي حقائق هامة في اللحظة الملائمة!!
üü مجاهد القهالي.. مناضل نقي من زمن الثوار.. كان شاهداٍ على العصر.. التحق بالثوار صغيراٍ في مقتبل العمر.. شارك في مظاهرات صنعاء تلميذاٍ قبل الثورة بشهور فاعتقل مع طلاب المدارس.. وحين انفجر بركانها في اللحظة الأولى كان أول من دخل قصر البدر.. شاهد دبابتين لضباط الأحرار- إحداهما احترقت والأخرى كان يقودها الملازم عبدالله عبدالسلام صبرة – المناضل الكبير.. ومن يومها تسنت له فرصة مرافقة الثوار ومعايشة أحداثها.. بكل انتصاراتها وصراعاتها الداخلية والخارجية.. فالتقطت ذاكرته صوراٍ غير منظورة- جديرة بالقراءة وإن اختلفت معه!!
>> حين يروي تفاصيل حقبة الثورة وما صاحبتها من تحديات مريرة تشعر أنك أمام شريط سينمائي يجسد الحدث لتتضح خفايا الصورة ويسردها بتسلسل دقيق ليكشف زوايا غامضة لم تقرأها من قبل!!
>> مع اللواء مجاهد القهالي نستحضر ذكريات صراع مرير كاد يجهض الحلم إلى الأبد.. لولا عزيمة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه!! فحفظ الله ثورتهم..
لقاء/إبراهيم الأشموري

>> في البدء يتحدث عن أوضاع اليمن في حقبة ما قبل الثورة موضحاٍ أن اليمن قبل الثورة كان يعيش حياة عزلة – كان معزولاٍ عن محيطه وعن العالم وما يجري فيه من تطورات وتحولات وتحالفات أعقبت الحرب العالمية الثانية ولعدم وجود كفاءات عالية المستوى تتابع طبيعة السياسات الخارجية حول العالم وتقدم التحليلات والنصائح المبنية على أسس علمية وسليمة إلى الامام ظل الإمام مشغولاٍ بالداخل بجمع الزكوات وبحل النزاعات والخلافات ذات الطابع الشرعي.. وكانت نظرته قاصرة فيما يتعلق بالعملية التعليمية حيث لم يكن يوجد في اليمن سوى مدرسة ابتدائية واحدة «هي دار الأيتام» ومدرسة متوسطة «إعدادية» ومدرسة ثانوية وفي تعز نفس الشيء.
وكانت البرامج التعليمية حينذاك تنحصر في تعليم القراءة والكتابة ودراسة القرآن الكريم فيما كان يسمى «المعلامة» الكتاتيب..
أما فيما يتعلق بالتعليم العالي فقد كان يتم بعث أقرباء الإمام وأسرته وحاشيته للدراسة واكتساب المعارف العليا خارج البلاد ولا ننسى هنا أن الإمام محمد البدر والذي كان ولياٍ للعهد لوالده الإمام أحمد يحيى حميد الدين كان البدر قد بذل جهوداٍ مضنية لإقناع والده وعمه الحسن لإنشاء وبناء الكلية الحربية وكلية الشرطة ومدرسة الأسلحة وكلية الطيران وتكوين وتشكيل ما كان يسمى «فوج البدر» وهي أول وحدة عسكرية حديثة تم تسليحها بالمدرعات والمدفعية في عهد الإمام.
كان للحكم الإمامي جناحان:
1- جناح متشدد برئاسة الأمير الحسن بن حميد الدين
2- جناح إصلاحي يرأسه ولي العهد محمد البدر الذي لم يدم في الحكم سوى أسبوع واحد.
لقد عمل النظام الإمامي على جمع الأموال من خلال الزكوات والضرائب وغيرها وخزنها في بيوت المال كما عمل على مقاومة الاستعمار البريطاني في الجنوب ودعم الثوار فيها «من تلك الأموال» وهي من إيجابيات النظام الإمامي وشعوره الوطني وحسه الوحدوي تجاه الجنوب ومن إيجابياته أنه أنشأ المدرسة العلمية التي كان يتخرج منها العلماء والقضاة والحكام وبمستوى عال من الكفاءة والحق يقال فقد كانت الأحكام الشرعية في عهد الإمام لا تخضع في صدورها للتوجيهات من كبار المسئولين أو بالتأثير عليها وكان مستوى الحكام في ذلك الحين من حيث الكفاءة والقوة والقدرة في الحفاظ على الحقوق أفضل بكثير من الظرف الحالي.
وكان من إيجابيات الحكم الإمامي- عدم التفريط في المال العام بل وحماية المال الخاص..
إيجابيات النظام
ü ويضيف القهالي: صحيح أن الأوضاع المعيشية للناس كانت سيئة وضعيفة وبائسة ومتردية لكن الاستقرار- والأمن كانا متوفرين ولم يكن هنالك شيء اسمه القطاع الذي نشهده حالياٍ بين منطقة وأخرى ولا قبيلة وأخرى ولم يكن الناس يعرفون ما يسمى الآن اختطاف واختطافات ولا الاغتيالات في أي مكان في اليمن سواء بالمدن أو في الأرياف بل كانت المدن الرئيسية مهجرة وكان في عهد الإمام نظام ضبطي موحد فقد كان المشتكي لدى الجهات الحكومية يحصل من مدير الناحية أو من الحاكم على إحضار لغريمه أو خصمه وإذا لزم الأمر يتم التنفيذ كان هذا النظام الضبطي يعتمد على التعاون مع المشائخ ومن خلال الأعيان ومن ثم سلطات الإمام وهذا النظام ساعد على أن يلعب المشائخ والأعيان دوراٍ كبيراٍ في ضبط الأمور وفي إشاعة الاستقرار والأمن في ربوع البلاد ومختلف مناطقها سواء في المدن أو في الأرياف لكن تلك الإيجابيات لم تشفع للإمام في عدم التقدم بالثورة حيث انعدمت الحريات.. وبدأ الناس يطالبون بنظام ملكي دستوري منذ عام 48م ومن قبلها وقامت العديد من الحركات العسكرية والشعبية هدفت إلى التغيير وتوجت جميعها بقيام ثورة 26 سبتمبر المجيدة .
سجن رادع
>> وعن دوره في الثورة يقول القهالي: كنت في تلك الفترة في المدرسة طالباٍ في المدرسة المتوسطة «الإعدادية» حيث شاركت قبل قيام الثورة بالمظاهرات التي اندلعت بالعاصمة التي سبقت الثورة بعدة أشهر قامت بها المدرسة الثانوية والمتوسطة وكذا مدرسة الأيتام وخلال المظاهرة تم إلقاء القبض على مجموعة من المتظاهرين كنت واحداٍ منهم حيث بقيت في السجن «سجن الرادع» لمدة أسبوع كغيري من الطلاب وفي يوم الثورة كنت واحداٍ من الطلاب الذين ذهبنا إلى قصر البدر كان يبعد عن مدرستنا حوالي «200» متر تقريباٍ حيث وجدنا عدداٍ من الضباط منهم الملازم حينذاك عبدالله عبدالسلام صبرة وآخرين كان ذلك في الصباح الباكر فوجهونا بالدخول إلى قصر البدر وحيث لم يكن لدى الضباط المتواجدين مشاه راجلة بل كانت لديهم دبابتان احترقت واحدة منهما وبقيت واحدة يقودها الملازم عبدالله عبدالسلام صبرة «مارد الثورة» وهي من نوع تي «34» روسية الصنع وكنا أول من يدخل قصر الإمام البدر ومما يؤسف له أن الدخول إلى قصر البدر والقصور الأخرى كان عشوائياٍ وغير منظم مما سهل حدوث النهب والفيد لما كان فيها من أموال ومقتنيات أخرى.
وفيما بعد قيام الثورة التحق الكثير من طلاب المدارس بالحرس الوطني للدفاع عن الثورة وذهبت ثالث يوم من الثورة إلى العرضي وألقيت كلمة ومعي العديد من الشباب وأخذني السلال برفقته إلى مكتبه تعرفت عليه عندما خرج إلى عمران قبيل الثورة بصحبة الإمام البدر الذي أصدر توجيهاٍ ملكياٍ بدخولي المدرسة وحينها سألني عن أخي الأكبر الذي كان يتولى المشيخ في منطقة قهال- عيال سريح فقلت له أنه موجود وتم استدعاء أخي وكلفه البدر بالتحرك مع مجموعة من المشائخ إلى خولان ومن ثم إلى منطقة شنوان بمحافظة عمران والتي دارت فيها معارك عنيفة استشهد فيها العديد من الأبطال ومنهم الشيخ علي دحان الضلعي والشهيد الخالد في ذلك التاريخ اليمني «الحمزي» الذي قدم نفسه ضحية وأحرق كل ما كان بمعسكر «قشلة بشنوان» من أسلحة وذخائر خشية الاستيلاء عليها من قبل الملكية.
تحديات أمام الثورة
ويستطرد القهالي: «إن ثورة 26 سبتمبر» الخالدة بأهدافها العظيمة قد واجهت صعوبات كبيرة محلية وخارجية كان من أسبابها الخارجية هو تبني النهج القومي الإشتراكي في ظل الحرب الباردة التي كانت تدور بين الشرق والغرب وبالتالي فقد وجدت اليمن نفسها في أحد المعسكرين المتحاربين وتم الزج بها في أتون حرب ليس لشعبنا وبلادنا لا ناقة فيها ولا جمل ودخلت الثورة بمواجهات عنيفة كان وقودها اليمنيون.
وبعض المصريين الذين وصلوا لدعم الثورة وحمايتها واستمرت المعارك سبع سنوات وكان المدد الخارجي والمعسكر الغربي يتقاطر على الملكيين من كل فج عميق وكان المدد الشرقي يقف مع النظام الجمهوري وبذلك فقد اشتدت المعارك ضراوة أما على صعيد الداخل اليمني فقد برز عليها النهج والتوجه الإصلاحي الذي دعا إليه القاضي الرئيس عبدالرحمن الإرياني رحمه عليه ومعه العديد من الحكماء مدنيين وعسكريين وفي طليعتهم الأستاذ المناضل أحمد محمد نعمان والشهيد الشاعر محمد محمود الزبيري والعقيد/علي سيف الخولاني وعدد من ضباط الثورة ومنهم الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي تغمده الله بواسع رحمته والشيخ المناضل عبدالله بن حسين الأحمر رحمه الله رحمة الأبرار والقاضي عبدالسلام صبرة طيب الله ثراه والشيخ مجاهد أبو شوارب تغمده الله بواسع رحمته والشيخ عبدالرحمن محمد علي عثمان وغيرهم كثير من المناضلين والذين تعرضوا كثيراٍ للتوقيف والقمع وأوقف البعض الآخر منهم في مصر العربية ومنهم القاضي عبدالرحمن الإرياني والفريق حسن العمري- نائب رئيس الجمهورية والشيخ المناضل الأستاذ أحمد محمد نعمان عضو المجلس الجمهوري والقاضي عبدالسلام صبرة نائب رئيس الوزراء والدكتور حسن مكي وزير الخارجية والعميد يحيى المتوكل والعميد حسين الدفعي وزير الداخلية والشيخ أمين عبدالواسع نعمان وزير الزراعة والقاضي محمد الحجي وزير العدل وعبدالكريم العنسي وزير المواصلات ومحمد الخالدي وزير التربية وأحمد عبده سعيد مستشار رئيس الوزراء ومحمد عبدالله الإرياني رئيس الأركان وعدد آخر من ضباط الجيش الكبار واستمر احتجاز هؤلاء القادة في القاهرة من سبتمبر 1966م إلى أكتوبر 1967م كان هؤلاء القادة الكبار ممن يتبنون المصالحة «الجمهورية الملكية» ويشخصون مشكلة اليمن أنها فقط مع أسرة حميد الدين وأن الجميع عليهم أن يعملوا يداٍ واحدة من أجل مصلحة اليمن والرفع من شأنها والحفاظ على النظام الجمهوري ووحدة البلاد وسيادتها ولم يكونوا يرون في توجه الزعيم العربي الكبير جمال عبدالناصر- الذي كان بهدف إلى مقاومة الرجعية والاستعمار ومن يقف وراءها أي فائدة لمصلحة اليمن والشعب اليمني.
لذلك دخل العديد من قادة اليمن ورجالاتها في خلاف مع المشير السلال الرئيس الأول بعد قيام الثورة وتوسع ذلك الخلاف فكان أن أوعز السلال إلى جمال عبدالناصر بما يفكرون به وكان ذلك سبباٍ لاحتجازهم في مصر حتى انتهاء الحرب بين مصر وإسرائيل.
ثوار الجنوب ودورهم البطولي في الثورة
ويؤكد اللواء القهالي أن واحدية الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر تجسدت من خلال مساهمة الكثير من المناضلين الوطنيين مما كان يسمى الجنوب اليمني المحتل في القيام بالثورة 26 سبتمبر وفي الدفاع عنها حيث توافدت قوافل من المناضلين الوطنيين خلال كل سنوات النضال الوطني وقدم الكثير منهم أرواحهم خلال التحضير للثورة وبعد قيامها أثناء حصار صنعاء وأظهروا بطولات نادرة أثناء حصار السبعين يوماٍ في فك الحصار عن صنعاء فقد كان أبطال المحافظات الجنوبية يتواجدون معنا في مختلف المواقع حيث إشترك أكثر من «450» من المناضلين في الدفاع عن الثورة والجمهورية كانوا يقاتلون في الصفوف الأولى في نقم وعيبان وظفار وفي شتى مواقع الشرف والفداء والتضحية – وتواجد العديد منهم في مختلف وحدات القوات المسلحة وفي المدارس العسكرية وفي الكلية الحربية وأتذكر منهم أحمد المنتصر وصالح حسين اليافعي فهؤلاء كانوا من زملائي في الكلية الحربية كما عرفت آخرين أمثال الشهيد صالح مصلح قاسم والشهيد علي شائع هادي والشهيد علي أحمد ناصر عنتر وكثيرين غيرهم والأستاذ عمر الجاوي ذلك أن نضال الشعب اليمني وحركته الوطنية الديمقراطية ارتبط وطنياٍ في مختلف المحافظات مع بقية نضالات الشعب في مختلف مراحل النضال الوطني والدفاع عن الثورة وفي قيام ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر مما أكد وحدة الشعب والوطن ووحدة النضال الوطني التحرري وكانت دعوات النضال ضد الإمامة والاستعمار ترتبط برباط وثيق بالنضال من أجل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وبناء الوطن اليمني الواحد وتطوره.
ويضيف القهالي : وكانت مصر قد أرسلت «20» ألفاٍ من قواتها لفك الحصار عن صنعاء وحماية النظام الجمهوري وحاولت قواتها إجهاض الدعم السعودي للملكيين وفي أول زيارة له قام المشير عبدالحكيم عامر بزيارة القوات المصرية في اليمن وحينها بدأ شن أول هجوم مصري شامل في فبراير 1963م تمكن المصريون خلاله من استعادة مارب وحريب وأستولى الجيش المصري على كل الطرق الرئيسية والمدن الهامة ودفع بالملكيين إلى الخارج في الجبال وتم قطع طرق وإمداد الملكيين الرئيسية عبر بيحان ودخلت الكثير من القبائل تحت نطاق الجمهورية فاعتبرت القيادة المصرية ذلك نصراٍ نهائياٍ وأنه سوف يحسم الأمور لكن موقف بريطانيا وأمريكا وتقديم الدعم للملكيين أدى إلى التخطيط للرد على الهجوم المصري فنشبت الحروب مجدداٍ وعند ذاك ولما كانت الإدارة الأمريكية قد اعترفت بالنظام الجمهوري ورغبتها في استقرار الأوضاع في اليمن لاستيعاب الموفق لصالحها حينها بدأ الرئيس الأمريكي جون كنيدي اتصالاته مع كل من القيادة المصرية واليمنية والسعودية فأرسل رسالة للرئيس جمال عبدالناصر ورسالة للسلال وأخرى للأمير فيصل يطلب منهم جميعاٍ وقف القتال وشاركت الأمم المتحدة وأمينها العام في فض الاشتباك ثم عاد عامر إلى اليمن واجتمع بعدد من المسئولين قبيل وصول مساعد الأمين العام للأمم المتحدة رالف باثش وأكد على ضرورة سيطرة القوات المصرية على كافة المدن الرئيسية ومنها مارب وفي 13 أبريل 1963م نجح السفير بانكر مع بقية أطراف الاتفاق بالوصول إلى اتفاقية سلمها للأمين العام للأمم المتحدة وتلقى الأمين العام للأمم المتحدة «يوثانت» تأكيدات رسمية من السلطات المصرية واليمنية والسعودية بقبول صيغة الإتفاق والذي تضمن ما يلي:
1- تتوقف السعودية عن مساندة الملكيين وتمنع عليهم استخدام أراضيها للاعتداء على اليمن.
2- تلتزم مصر بالبدء بالإنسحاب من اليمن على مراحل وفي أسرع وقت ممكن.
3- قبول مصر عدم اتخاذ إجراءات ضد الملكيين بسبب مقاومتهم قبل فض الاشتباك.
4- تتوقف القوات المسلحة المصرية عن القيام بأي أعمال عسكرية على الأراضي السعودية.
5- تنشأ منطقة منزوعة السلاح على الحدود اليمنية- السعودية – لمسافة 20 كيلو متراٍ من كل جانب ويعمل فيها مراقبون محايدون للتأكد من احترام فض الاشتباك – ولهم حق تجاوز الحدود للتأكد من عدم وجود مساندة للملكيين من الجانب السعودي ومن انسحاب القوات المصرية بمعداتها من المطارات والموانئ اليمنية.
6- تتعهد مصر والسعودية بالتعاون مع ممثل الأمين العام أو أي وسيط آخر تقبله الدولتان للتوصل إلى اتفاق حول جوانب فض الاشتباك والرقابة عليه.
– وتوقفت الغارات والاشتباكات وإطلاق النار في مايو 1963م ولن يرسل فريق المراقبة برئاسة الميجور جنرال «فون هورن» ومعه مائتان من المراقبين إلا بعد شهرين من تاريخ وقف إطلاق النار وفشلت هذه البعثة في أداء مهمتها والوصول إلى اتفاقية لفض الاشتباك بسبب الظروف والمشاكل التي أحاطت بعملها وأهمها :
1- اتساع الحدود اليمنية السعودية التي تصل إلى «400» ميل أغلبيتها جبال ومرتفعات لا يقل متوسط ارتفاعها عن «200» متر عن سطح البحر.
2- إهمال الاتقافية للملكيين والبريطانيين الذين هم المسئولين عن إدارة العلاقات الخارجية لاتحاد الجنوب العربي وعدم ترتب أي إلتزام على الملكيين بالتوقف عن القتال كطرف من أطراف الحرب ولم يلتزم البريطانيون بالتوقف عن إمدادهم وبذلك لم تنفذ الأطراف المعينة التزاماتها المقررة في ذلك الاتفاق فاضطر رئيس البعثة إلى تقديم استقالته مما حدا بالأمين العام للأمم المتحدة «يوثانت» إلى إعلان فشل جهود الأمم المتحدة السلمية في سبتمبر 1963م.
وبعد حصول الملكيين على دعم كبير قاموا بهجوم أكثر تنظيماٍ فقطعوا طريق صنعاء – الحديدة – وتعز- ومأرب- وصعدة وقامت مصر بهجوم واسع في اليمن وألحقت هزيمة بالملكيين كان لذلك أن يقوي المركز التفاوضي لعبدالناصر في مؤتمر القمة العربي المنعقد في سبتمبر بعد أن أرسلت مصر «4000» جندي لذلك الغرض .
عقد مؤتمر القمة العربية في الإسكندرية بتاريخ 14 سبتمبر 1964م وبعده اجتمع الرئيس جمال عبدالناصر مع الأمير فيصل نائب الملك السعودي للوصول إلى تسوية سياسية للحرب الأهلية اليمنية وقد أسفر عن الاجتماع صدور بيان مشترك تضمن ما يلي:
1- عزم السعودية ومصر على التعاون لإنهاء الخلافات بين الأطراف المختلفة في اليمن ووقف الاشتباكات المسلحة.
2- إجراء الدولتين الاتصالات بأطراف الصراع لخلق أجواء التفاهم وإزالة الخلافات ولتستقر الأمور.
3- تمسك الدولتين بالتعاون التام والتأييد المتبادل بينهما في جميع الظروف والميادين مادياٍ ومعنوياٍ.
وقد اعتبر الجمهوريون ذلك الإتفاق مفروضاٍ عليهم من الخارج عندما تم استدعاؤهم للجلوس والتفاوض مع الملكيين نداٍ للند وبعد تردد ذهب الوفد الجمهوري برئاسة محمد محمود الزبيري والتقى بالوفد الملكي برئاسة أحمد محمد الشامي في أركويت بالسودان واستمرت الاجتماعات المشتركة للتحضير للإتفاق ما بين سبتمبر وحتى 29 أكتوبر 1964م وتوصلت أطرافه إلى ما يلي:
1- وقف إطلاق النار وأعمال العنف إبتداءٍ من الساعة الواحدة من صباح يوم الاثنين 9 سبتمبر 1964م
2- عقد مؤتمر وطني في مدينة يمنية في 23 سبتمبر 1964م لوضع أسس حل الخلافات القائمة بالطرق السلمية لتستقر الأمور في اليمن على أن يحضر المؤتمر الوطني اليمني «169» من العلماء والمشائخ والقادة العسكريين وأهل الخبرة والرأي من ذوي الحل والعقد وحسب النسب التالية:
(3) من العلماء و«3» من المشائخ و«2» من العسكريين وأهل الرأي والخبرة على أن ينضم إليهم أعضاء اللجنة التحضيرية الذين حضروا لهذا الاتفاق وعددهم «12» .
3- مطالبة مصر والسعودية مجتمعين أو منفردين بالمساعدة على تنفيذ الإتفاق.
إلا أن هذا المؤتمر لم يعقد بسبب الخلافات التي نشبت بين الملكيين والجمهوريين وتضارب الآراء حول مهمات ومتطلبات المؤتمر وانقسم الصف الجمهوري وتشكل اتحاد القوى الشعبية نتيجة للانقسام في الصف الجمهوري بعد مؤتمر عمران بين الجمهوريين في سبتمبر 1963م حين لم يقدم المؤتمر برنامج عمل مفصلاٍ بسبب عدم الثقة بين أطرافه وأكتفى بطرح عدد مطالب أهمها إيجاد دستور وإجراء انتخابات عامة وإعلان التأييد للثورة في الجنوب اليمني وكان الصراع بين الجمهوريين ينصب على أسلوب مواجهة الملكيين فاليسار يرى أن الشدة والحزم هي الوسيلة الوحيدة للدفاع عن الثورة بينما يرى اليمين استخدام التساهل واللين والمصالحة مع الملكيين باستثناء «الأسرة الحاكمة» وأبرز مظاهر الإنقسام الجمهوري ما جرى أوائل ديسمبر 1964م عندما قدم كل من الأستاذ أحمد محمد نعمان رئيس مجلس الشورى والقاضي عبدالرحمن الإرياني والقاضي محمد محمود الزبيري نائبا رئيس الوزراء استقالة جماعية من مناصبهم وبرروا تلك الاستقالة في رسالة الأستاذ النعمان إلى السلال بقوله:«إنه بعد تجربة عامين كاملين وأشهر ثلاثة لم نحقق للشعب آماله ولم نكسب للثورة التأييد والدعم الشعبيين وإنه بعد تجربة العامين تراكمت الأخطاء وتفاقمت المشاكل وأنتشر الفساد ولا تزال الحرب مستمرة» فقد اتهم المستقيلون السلال بالفساد وتحويل السلطة لخمسة أشخاص فقط في الفترة الانتقالية ومن ثم استقال ستة وزراء آخرون وتم تشكيل حكومة برئاسة الفريق حسن العمري كحكومة عسكرية هدف السلال من ورائها ضبط وتنظيم الأمور بعدها قام الزبيري بإعلان تشكيل «حزب الله» وإصدار جريدة صوت اليمن ما أثار القوى المعادية للوحدة والسلام فقامت أيد خفية باغتياله في أول أبريل 1965م .
زيارة عبدالناصر لليمن
>> ويستدرك قائلاٍ:
– في أبريل 1964م قام الزعيم العربي بزيارة رسمية إلى صنعاء وتعز وهي أول زيارة يقوم بها لليمن لشد عزيمة الجيش المصري في اليمن ومن هناك دعا إلى تأييد ودعم ثورة 26 سبتمبر اليمنية المجيدة وطالب المملكة العربية السعودية بوقف دعم الثورة المضادة المناهضة للجمهورية كي دعا الاستعمار البريطاني إلى أن يحمل عصاه ويرحل من أرض الجنوب اليمني المحتل وشدد على ضرورة دعم ثورة الشعب في الجنوب ضد الاستعمار البريطاني.
جاء ذلك في ظل أوضاع غير مستقرة بين النظامين السعودي والمصري حيث طلب الملك السابق اللجوء إلى مصر بعد موافقة عبدالناصر السماح له باللجوء ومن هنا بدأ الملك «سعود» يندد بما سماه العدوان السعودي على ثورة وشعب اليمن والجمهورية الوليدة من إذاعة صوت العرب ودعا إلى ترك الشعب اليمني يبني وطنه ودولته دون تبعية للغرب أو تقديم الدعم للملكيين الذين لا يريدون لليمن الخير والتقدم وأشار الملك سعود إلى أن الأموال المستخدمة لدعم الملكيين ينبغي أن توجه للبناء والتنمية ومحاربة الغزو الصهيوني وتطهير المسجد الأقصى.. وكان هذا ما يزعج المملكة التي تابعت بشكل حثيث لوقف تلك الحملات الإعلامية التي تشن ضد المملكة والتي تعتبر مصر ممولاٍ لها كما وصفها الحكام في الرياض آنذاك وأنها أي مصر العربية تدعم قوى النظام الجمهوري في اليمن وتقوم بضرب بعض المواقع داخل الأراضي السعودية والتي تشكل مصدر دعم للملكيين الذين يحاولون الانقضاض على النظام الجمهوري الوليد في اليمن.
مؤتمر الطائف
ü ويضيف اللواء القهالي : عقب فشل مؤتمر خمر إجتمع عدد من المشائخ في منطقة الحدا فرأت الحكومة ضرورة بعث مجموعة من المشائخ وبعض الوزراء إلى قبيلة الحدا للتشاور وإقناع المشائخ بالعودة إلى صنعاء بينما قرر الجميع التحرك إلى بيحان فالسعودية ومن بيحان بعثوا برقية احتجاج شديدة اللهجة إلى الأمين العام للأمم المتحدة.. وأمين عام جامعة الدول العربية والملوك والرؤساء العرب طالبوا فيها بانسحاب الجيش المصري وترك المجال الحر للشعب اليمني ليقرر ما يريده وانقسم الوفد إلى قسمين : الأول تحرك إلى بيروت وعقد مؤتمراٍ صحفياٍ أكد فيه أن جميع قوى الشعب اليمني وقبائله من الجمهوريين لا يضيرهم اللقاء بالملكيين طالما كان الهدف هو وقف الصراع وأنهم ينوون تطهير البلاد من المصريين.
بينما الوفد الآخر توجه إلى الرياض وأصدر بياناٍ أدان فيه تصرفات السلال وأعلن تمسكه بقرارات مؤتمر خمر وبحكومة النعمان معتبراٍ إياها الحكومة الشرعية واعترف بما قدمته مصر من عون لدعم نظام الجمهورية وناشد عبدالناصر وفيصل مع الشعب اليمني وقف الحرب وإحلال السلام ووقف المساعدات للملكيين وسحب القوات المصرية وترك الشعب اليمني يعقد مؤتمراٍ يقرر فيه مصيره بنفسه..
ü وفي أوائل أغسطس 1965م عقد مؤتمر الطائف تحت رعاية سعودية وكان عاملاٍ من العوامل التي أدت إلى مؤتمر جدة بين الملك فيصل والرئيس عبدالناصر الذي وصل جدة بعد مؤتمر الطائف مباشرة.
بعد مؤتمر الطائف طلب عبدالناصر السعودية بالاستجابة لجهود السلام وقام الممثل الشخصي لرئيس مصر حسن صبري الخولي بتقديم اقتراح عقد لقاء في السعودية في 8 أغسطس 1965م حيث وصل السفير السعودي بالقاهرة برد الملك فيصل الذي استقبله الرئيس جمال عبدالناصر وعرض أن يذهب إلى السعودية بنفسه والتقى عبدالناصر قبيل سفره بالجمهوريين وجرت مشاورات معهم للتفاوض باسمهم ووصل إلى جدة في 22 أغسطس 65م وصدر اتفاق جدة الذي نص على ما يلي:
1- يقرر الشعب اليمني رأيه في نوع الحكم الذي يرتضيه لنفسه وذلك في استفتاء شعبي في موعد أقصاه 23 نوفمبر 1966م
2- تعتبر المدة الباقية حتى تاريخ الاستفتاء فترة انتقالية بقصد الإعداد والترتيب للاستفتاء المذكور.
3- تتعاون المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية المتحدة في تشكيل مؤتمر انتقالي يتكون من خمسين عضواٍ يمثل جميع القوى الوطنية وأهل الحل والعقد للشعب اليمني بعد التشاور مع الفئات اليمنية المختلفة حسب ما يتم الإتفاق عليه.
ويجتمع المؤتمر المذكور في مدينة حرض يوم 23 نوفمبر 1965م وعليه القيام بالمهام التالية:
أ- تقرير طريقة الحكم في الفترة الإنتقالية وحتى إجراء الاستفتاء الشعبي.
ب- تشكيل وزارة مؤقتة تباشر سلطات الحكم خلال فترة الانتقال.
ج- تقرير شكل ونظام الاستفتاء الذي سيتم في موعد أقصاه 23نوفمبر 1966م .
4- تتبنى الحكومتان قرارات المؤتمر الانتقالي اليمني المذكور وتدعمانها وتتعاونان في إنجاح تنفيذها وتعلنان من الآن قبولهما بوجود لجنة محايدة منهما معاٍ للمتابعة والإشراف على الاستفتاء وذلك فيما إذا قرر المؤتمر ضرورة وجود مثل هذه اللجنة المحايدة.
5- تقوم المملكة العربية السعودية على الفور بإيقاف عمليات المساعدة العسكرية بجميع أنواعها أو استخدام الأراضي السعودية للعمل ضد اليمن.
6- تقوم الجمهورية العربية المتحدة بسحب كافة قواتها العسكرية من اليمن في ظرف عشرة أشهر ابتداءٍ من يوم 23 نوفمبر 1965م .
7- توقف كافة الاشتباكات المسلحة في اليمن فوراٍ وتشكل لجنة سلام مشتركة من الجانبين تقوم بما يلي:
أ- مراقبة وقف إطلاق النار بواسطة لجان خاصة للمراقبة
ب- مراقبة الحدود والموانئ وإيقاف المساعدات العسكرية بجميع أنواعها أما المساعدات الغذائية فتتم تحت إشرافها ولجان المراقبة المذكورة أن تستخدم وسائل النقل اللازمة ويمكن لها أن تستخدم بحرية الأراضي اليمنية كما يمكن لها أن تستخدم الأراضي السعودية التي توصلها إلى نقاط المراقبة إذا دعت الضرورة إلى ذلك.
8- تتعاون المملكة العربية السعودية والجمهورية العربية المتحدة وتعملان إيجابياٍ على تأمين تنفيذ هذا الإتفاق وفرض الاستقرار في الأراضي اليمنية حتى إعلان الاستفتاء وذلك بتخصيص قوة من الدولتين تستخدمها اللجنة عند اللزوم للقضاء على أي خروج على هذا الإتفاق أو أي عمل يؤدي إلى تعطيله أو إثارة القلاقل في سبيل نجاحه .
9- دفع التعاون بين الجمهورية العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية إلى التقدم واجتياز المرحلة الحالية إلى الوضع الطبيعي كما كانت كما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين البلدين ويتم اتصال مباشر بين الرئيس جمال عبدالناصر والملك فيصل عند حدوث أي مشاكل تقف في طريق تنفيذ هذا الإتفاق.
حرصت القيادة المصرية على إقناع المتشددين من المعسكر الجمهوري بقبول هذا الإتفاق لضمان معركتهم في اليمن بوسائل سياسية وأن ذلك يتطلب وحدة كاملة في المعسكر الجمهوري بما في ذلك التسامح مع القوة الثالثة «الإصلاحيين» وليس فقط المعتدلين.
مؤتمر حرض
ü ويضيف القهالي: وعلى إثر نجاح اتفاقية جدة وقبول الأطراف كافة بها بدأ الجميع التحضير لمؤتمر حرض فعقد اجتماع بالقصر الجمهوري قرر فيه المجتمعون عند حضور مؤتمر حرض ضرورة تمسكهم بالنظام الجمهوري وبعدم عودة أسرة حميد الدين إلى اليمن والإحتكام إلى الشعب عندما يصعب على المؤتمرين في حرض النجاح في طرح الحفاظ على النظام الجمهوري والتمسك به كنظام جديد.
ورغم ذلك فقد فشل مؤتمر حرض نتيجة للخلافات بين الجمهوريين والملكيين واستمر الحال على ما كان عليه فالمعسكر الجمهوري ورغم الخلافات القائمة داخله من جهة والمعسكر الملكي وما يطرح من مشاكل وآراء يريد طرحها ويتمسك بها لم يؤد إلى نتيجة تنهي الخلافات وإن كانت لدى بعض الجمهوريين من الإصلاحيين رؤى تتجه نحو حل المشكلة برمتها يمنياٍ عن طريق التفاوض السلمي والإشتراك في بناء الدولة الجمهورية بمشاركة جميع الأطراف شريطة عدم عودة أسرة حميد الدين ومن ارتبط بهم… مع أنه يمكن عودة المرتبطين بأسرة آل حميد الدين كمواطنين دون مشاركتهم في الحكم.
وعمد الحسن بن حميد الدين إلى تكتيل قوى الملكيين بدعم خارجي واستمر في مناهضة الثورة وتجميع الملكيين والعمل على محاصرة النظام الجمهوري من عدة جبهات حتى جرى لقاء الخرطوم بين الزعيم العربي الكبير جمال عبدالناصر والملك فيصل بن عبدالعزيز.
اتفاق الخرطوم يضع حداٍ للإحتراب في اليمن
بعد إخفاق مصر والزعيم جمال عبدالناصر في المبادرة السابقة كما يقول القهالي وبعد نكسة 5 حزيران 1967م ونتيجة لضمان نجاح الثورة في جنوب الوطن حين انتشرت قوات الثوار ضد الاستعمار في مختلف المناطق وبدأوا تحرير بعض مناطق الجنوب ولضمان عبدالناصر بأن الاستعمار لم يعد قادراٍ على دعم حكم الإمامة والملكيين ورغبة في حل مشاكله وافق الرئيس جمال عبدالناصر على سحب قواته من اليمن وأعلن رئيس وزراء السودان محمد المحجوب في 24 أغسطس 1967م أن الرئيس عبدالناصر وافق على مقترح السودان بإنهاء الحرب في اليمن كما وافق الملك فيصل على نفس المقترح على أن تتم مناقشته في الفترة التي ينعقد فيها مؤتمر القمة العربية بالخرطوم 29 أغسطس وحتى 1سبتمبر 1967م وهو المؤتمر الذي حضره رئيس الجمهورية العربية اليمنية المشير عبدالله السلال.. وفيه وافق الزعيم المصري على سحب قواته من اليمن ابتداءٍ من 15 أكتوبر 1967م وحتى 15 ديسمبر 1967م ووافقت السعودية والكويت على دفع تعويضات لحكومة عبدالناصر عما خسرته في الحرب مع إسرائيل وإغلاق قناة السويس وأما بشأن اليمن فقد التقى الملك فيصل والرئيس جمال عبدالناصر بمنزل محمد محجوب رئيس وزراء السودان بحضور الأمين العام للجامعة العربية السيد محمود رياض وبحضور الأمير سلطان بن عبدالعزيز وتمت الموافقة النهائية على ما سميت باتفاقية الخرطوم ونصت على ما يلي:
مضمون اتفاق الخرطوم:
أولاٍ: تكوين لجنة ثلاثية يعهد إليها بمعالجة المشكلة تتكون من ثلاث دول عربية تختار السعودية إحداها وتختار مصر الثانية ويتم اختيار الثالثة من قبل وزراء الخارجية العرب أو بالإتفاق المتبادل بين الطرفين .
ثانياٍ : تضع اللجنة الخطط لضمان انسحاب القوات المصرية من اليمن ووقف المساعدة العسكرية المقدمة إلى اليمنيين بواسطة السعودية.
ثالثا: تقوم اللجنة بكل ما في وسعها لتمكين اليمنيين من التحالف والتآلف لتحقيق الاستقرار وذلك تمشياٍ مع رغبة أهل البلاد الحقيقيين وتثبيتاٍ لحق اليمن في السيادة والاستقلال الكاملين.
رابعاٍ: تتشاور اللجنة السعودية والمصرية في كل المشكلات التي تعوق تقدمها بغية تذليلها والتوصل إلى تفاهم تقبله كل الأطراف المعنية.
وقد اختارت مصر العراق لعضوية اللجنة واختارت السعودية المغرب واتفقت الدولتان على أن تكون السودان هي الدولة الثالثة أو العضو الثالث لكن السلال أعلن في 18 سبتمبر 1967م أنه لن يلتزم بهذه الإتفاقية لأنه يعتبرها مثل اتفاقية جدة تدخلاٍ في الشئون الداخلية لليمن ومن جانبه أعلن الأمير الحسن رئيس وزراء الملكيين في نفس اليوم من بيروت أن الملكيين لا يعتبرون أنفسهم طرفاٍ في الإتفاقية حتى تنسحب القوات المصرية من اليمن.
إلا أن هذه الاتفاقية قد ساعدت على التقارب بين مصر والسعودية وفي 3 نوفمبر 1967م غادر السلال صنعاء متوجها إلى موسكو عن طريق القاهرة وقد نصحه الرئيس جمال عبدالناصر بالاستقالة من رئاسة الجمهورية في اليمن والبقاء في القاهرة.
وفي 5 نوفمبر 1967م قام ضباط الجيش بحركة انقلاب أعلنوا فيها عزل السلال رسمياٍ وقيام مجلس جمهوري برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني وتشكلت حكومة جديدة برئاسة محسن العيني وفي أول بيان لها أعلنت الحكومة الجديدة أنها ستقوم بتصحيح الاوضاع والمصالحة مع الأشقاء والأصدقاء وبقية الأطراف المعنية وأعلن الرئيس الإرياني أن حواراٍ سيجري مع كبار المشائخ والعناصر الملكية التي تريد تسوية القضية الوطنية اليمنية وتم الإفراج عن السجناء السياسيين.
وبذلك فتحت الحكومة الجديدة طريقاٍ جديداٍ للتصالح مع كافة الأطراف اليمنية لإصلاح ما فسد وتحقيق المصالحة بين أطراف الصراع بعيداٍ عن أسلوب الإرهاب والسجن والتعذيب.

قد يعجبك ايضا