
ساري نصر –
قبل ظهور الطباعة ووسائل الإعلام الحديثة استخدام اليمنيون العديد من الوسائل الإعلامية القديمة المختلفة كوسائل الإعلام الصوتية والضوئية بهدف تناقل الأخبار والمعلومات ومن هذه الوسائل (أصوات الطبول) التي استخدموها للإعلان عن الفرح أو الحرب أو لتكريم ضيف أو مسئول أو للتعزير أو التشهير بشخص ارتكب جريمة أخلاقية, واستخدموا أيضاٍ (الظاهرة) وهو مصطلح يستخدم للإعلان أو التبليغ الذي يقوم به شخص معين في الأسواق العامة وقد يكون لإعلان إنذار من قبيلة لقبيلة أخرى أو قد يكون تبليغا لقرار من قرارات الحكومة أو لتعليمات توجهها الدولة للمواطنين, وأيضاٍ استخدموا (النار) كوسيلة إعلام ضوئية من خلال إشعالها في رؤوس الجبال أو أسطح المنازل عند التعبير عن فرحهم بمناسبة قومية أو دينية أو تحقيق انتصار على عدو أو إشعالها كإنذار للحرب.
كما استخدم اليمنيون إلى جانب الوسائل الصوتية والضوئية وسائل إعلامية مكتوبة منها الرسائل الشخصية التي كانت تعتبر من أهم الوسائل لنقل الأخبار والمعلومات والتعليمات بل وكانت تعتبر منتدى أدبيا وفكريا يتم عن طريقه الحوار السياسي والأدبي وتبادل القصائد الشعرية والمقالات ذات المواضيع المتعددة, وفي المراحل الأخيرة تطورت هذه الوسيلة على يد بعض الأدباء اليمنيين فلم تعد حواراٍ بين اثنين فقط بل أصبحت حواراٍ يمتد بين مجموعة كبيرة من الأشخاص وبشكل يمكن أن نسميه بداية الصحافة الخطية .
» ظهور الصحافة
لم تعرف اليمن كغيرها من بلدان شبه الجزيرة العربية المطبعة إلا في وقت متأخر أي في النصف الأخير من القرن التاسع عشر عندما دخلت أول مطبعة إلى اليمن عام 1853م عندما أدخلت سلطات الاحتلال البريطاني في عدن أول مطبعة وذلك لتغطية احتياجات إدارتها في المستعمرة كما بعثت عدداٍ من المحكوم عليهم بالسجن إلى الهند للتدريب على عملية الصف اليدوي وذلك لتشغيل المطبعة ,كما أدخل العثمانيون عند حكمهم لشمال اليمن أول مطبعة إلى صنعاء في العام 1872م وكانت تطبع مطبوعات رسمية وأْطلق عليها (مطبعة الولاية) وأصدرت أول صحيفة مطبوعة ظهرت على شكل نشرة وهي( يـمن) وصدرت بحجم متوسط في أربع صفحات وكانت تهتم بأخبار الولاية وبالمراسيم والقرارات واستمرت ست سنوات كاملة, وعقبها صدور صحيفة (صنعاء) عام 1878م باللغتين العربية والتركية ولم تكن صحيفة صنعاء سوى منبر للدعاية التركية وما ينشر فيها لم يتجاوز سرد الوقائع اليومية ونشر البلاغات والمراسيم والقوانين والعلاقات والاتفاقات واستمرت أربعين عاماٍ بانتظام حتى تم جلاء الأتراك عن اليمن عام 1918م, وبعد مرور ثماني سنوات من خلافة الإمام يحيى صدرت (الإيمان) عام 1926م والتي عكست سياسة الإمام يحيى وفي عام 1938م صدرت (الحكمة) وهي مجلة أدبية شاملة مثلت أفكار المعارضة الناهضة من خلال ما كتبه محررها المرتبطون بهيئة النضال أهم مركز للمعارضة ثم صدرت صحيفة (سبأ) عام 1949م عن جمعية الشباب اليمني وكانت تناصر الإمام أحمد ضد مناوئيه وتقاوم الانجليز على طريقتها .
وفي عام 1950م صدرت (النصر) في مدينة تعز وهي صحيفة حكومية لا تختلف عن الإيمان وكان اهتمامها بقضايا الجنوب اليمني المحتل أكبر بكثير من اهتمام الإيمان بها, وصدرت الطليعة في تعز عام 1959م كصحيفة أسبوعية سياسية وقد توقفت بعد أن صدر منها أثنا عشر عدداٍ بضغط من الإمام أحمد وهي آخر صحيفة صدرت قبل ثورة سبتمبر.
» عهد جديد «
وبقيام ثورة 26 سبتمبر في شمال اليمن عام 1962م ألغيت كل الصحف التي كانت تصدر قبلها وصدرت صحيفة (الثورة) في التاسع والعشرين من سبتمبر لتكون لسان الشعب الناطق ولتعلن المسيرة الثورية وتبشر بالعهد الجديد وفي عشرين أكتوبر من نفس العام صدر العدد الأول من صحيفة (الجمهورية) لتكون رمزاٍ للعهد الجمهوري وبصحيفة الثورة والجمهورية بدأت مرحلة جديدة للصحافة في شمال الوطن.
وقد ظهرت صحف حكومية أخرى ما لبثت أن اختفت في مكاتب الألوية كالثغر واللواء الأخضر ومجلة اليمن الصادرة عن ديوان وزارة الإعلام بصنعاء والشعب ومجلة 26 سبتمبر وصدرت عن القوات المسلحة (صوت اليمن) و(مجلة الجيش) عام 1967م والتي لازالت تصدر حتى الآن وعن الدوائر الأمنية صدرت الشرطة ثم اختفت وتبعتها الحراس ولازالت تصدر حتى اليوم وصدرت مجلة شريعة الله عام 1963م في غير انتظام عن علماء الدين, وصدرت عام 1968م نشرة يومية عن وكالة الأنباء اليمنية .
وتتابعت الصحف الأهلية في الصدور وهي مفتقرة لكل ما يقيم الصحافة من رأس مال ومادة خام وأجهزة فنية وقوى عاملة قادرة وكفؤة فكانت النتيجة غيابها عن الساحة أو الصدور غير المنتظم والذي قد يطول فلا يظهر إلا في مناسبة من المناسبات التي تكثر فيها الإعلانات.
وموافقة للأحداث السياسية التي أحدثت تغيرات في توجهات الدولة صدرت التصحيح ثم تحول اسمها إلى الميثاق ثم توالت الإصدارات الصحفية الحكومية والأهلية وبلغت حتى عام 1990م 14 صحيفة رسمية ما بين صحيفة ومجلة ونشرة و31 إصدارا أهلياٍ ما بين صحيفة ومجلة ونشرة.
ويشار إلى أن العمل الصحفي بشمال اليمن قد نْظم بصدور قانون مطبوعات العهد الجمهوري رقم (24) لسنة 1968م , ثم صدر القانون رقم (42) عام 1982م بشأن تنظيم الصحافة واستمر العمل به حتى قيام الجمهورية اليمنية وصدور قانون الصحافة والمطبوعات رقم (25) لعام 1990م .
» توسع وظهور «
أما في عدن فقد توسعت المطابع وظهر العديد منها فقد أنشأت (شركة قهوجي دنشو وأخويه) مطبعة في العام 1874م كما افتتحت (شركة هوارد) مطبعة أخرى في العام 1889م وكانت تصدر مطبوعاتها باللغة العربية والإنجليزية والعبرية وصدر عنها أول صحيفة في عدن في العام 1900م تحت مسمى (جريدة عدن الأسبوعية) تحت إشراف الكابتن بيل, ثم أصدرت السلطات البريطانية نشرات عديدة مطبوعة (بالرونيو) عن طريق مكتب النشر بعدن فصدرت صوت الجزيرة وهي إخبارية بحتة تناصر الاحتلال وفي عام 1941م صدرت نشرة الصقر البريطاني ونشرة أخرى أسمها تعليقات على الأنباء وكل هذه النشرات أو الصحف الصغيرة التي كانت في مطبعة فتاة الجزيرة يمكن أن نطلق عليها الصحف التي صدرت من قبل السلطات البريطانية التي اتخذت طابعاٍ رسمياٍ .
أما قبل وخلال الحرب العالمية الثانية فقد صدر في حضرموت النهضة الحضرمية والمنبر في المكلا والإخاء بتريم والضمير في شبام وسيئون في سيئونوذلك بالإضافة إلى صوت الجزيرة والنداء الأمريكي والأخبار العربية في عدن.
وكانت الأخبار العدنية تصدر بشكل أسبوعي وباللهجة الدارجة وذلك في عام 1945م وكانت فتاة الجزيرة الصادرة عام 1940م تقف في صف الاحتلال وتدعم الأحرار اليمنيين في آن واحد, وصدرت في عدن صحف نقابية فأول جريدة رسمية ناطقة بلسان مؤتمر عدن للنقابات هي العامل وعملت على انتهاج موقف النقابة الذي يؤكد ضرورة إبعاد العمال عن النضال السياسي , وتلتها صحيفة العمال حيث صدرت في عام 1965م .
أما عن الصحف الحزبية فقد صدر في عدن صوت اليمن عام 1946م والجنوبي العربي عام 1951م وكانت تدعو إلى قيام حكومة مستقلة في المناطق المحتلة من الجنوب اليمني كما صدرت القلم العدني الأسبوعي عام 1954م وتبنت سياسة الجمعية العدنية وكانت تدعو إلى عدن للعدنيين وصدرت البعث في أول يناير 1955م وهي صحيفة أسبوعية وقفت في صف العمال وتبنت أفكار قيادة المؤتمر العمالي ووقفت بصلابة ضد مشروع الاتحاد الفيدرالي المزيف لإمارات الجنوب اليمني .
» توالي الإصدارات «
ونتيجة لتوسع المطابع وانتشار وتعدد إصدار الصحف صدر العدد الأول من اليقظة في الأول من يناير عام 1956م وأصبحت لسان حال الحزب الوطني الاتحادي وصدرت الكفاح عام 1959م ودخلت الكفاح في صراع حاد مع المؤتمر العمالي وقياداته وشنت الحملات الإعلامية المعارضة للحركة العمالية الوطنية, وصدرت 14 أكتوبر في 19يناير 1968م وقد سبقها في الصدور جريدة الثوري التي صدرت عام 1967م وهي أسبوعية سياسية لسان حال اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني وصدرت الشرارة الأسبوعية السياسية الجامعة في محافظة حضرموت في 1 يناير 1968م , وفي عام 1964م صدرت عن رابطة أبناء الجنوب صحيفة الفاروق والرأي العام والحق وصدرت الأمل عام 1965م أسبوعية ناطقة باسم اتحاد الشعب الديمقراطي وشهدت هذه الفترة منذ قيام الثورة وحتى إعلان الوحدة تنافساٍ حاداٍ بين الصحف فتطور مستواها وهذا بحد ذاته يعتبر إنجازاٍ للصحافة اليمنية.
ويشار إلى أن العمل الصحفي في جنوب اليمن قد نَظم بصدور القانون رقم (27) في 3 يوليو 1939 م الذي عرف بقانون النشر والكتب في مستعمرة عدن كما صدر في عام 1953 م قانون الصحافة في ما كان يسمى الدولة القعيطية الحضرمية وعمل بهذين القانونين حتى إعلان الاستقلال في 30 نوفمبر1967 م وبعدها لم ينظم العمل الصحفي في الجنوب حتى صدور قانون الصحافة والمطبوعات.
» قفزة نوعية «
وشهدت الصحافة في اليمن قفزة نوعية بعد قيام الوحدة بين شطري اليمن في 22 مايو 1990م خاصة وقد اتفق على نظام حكم لدولة الوحدة يقوم على التعددية والديمقراطية والسماح للأحزاب السياسية بمزاولة النشاط العلني وأتاح الدستور والنظام السياسي لدولة الوحدة حرية الرأي وحرية الصحافة فصدر قانون الصحافة والمطبوعات رقم 25 في نفس عام قيام الوحدة وتحديداٍ في 23 ديسمبر 1990م وينص على حق أي مواطن في التعبير عن رأيه وإصدار صحيفة وحق أي حزب في إصدار مطبوعة أو صحيفة خاصة به تعبر عن آرائه واتجاهاته وهذه الحرية أتاحت لوسائل الإعلام الرسمية والأهلية والحزبية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني فرصة الاضطلاع بدور رائد ومتميز ترتب عليه ازدهار النشاط الصحفي شكلاٍ وأسلوباٍ ومحتوى وساد العمل الصحفي التنوع والتجديد والارتباط الأكثر بواقع الحياة الاجتماعية وتوافر أكبر قدر من مظاهر الصدق والتفاعل الحقيقي الذي خلفته الدولة الموحدة (الجمهورية اليمنية) فازدهرت الصحافة ازدهاراٍ لم تعرف له اليمن مثيلاٍ وتجسد هذا الازدهار بشكل واضح من خلال الزيادة العددية للإصدارات الصحفية الصادرة عن الجهات الحكومية والأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني إذ تجاوز عدد المطبوعات الصحفية أكثر من (400) صحيفة ومجلة يومية وأسبوعية حسب إحصائية صادرة عن وزارة الإعلام اليمنية.
» وكالة الأنباء «
يذكر الدكتور عبدالله الزين أنه في أواخر سنة 1946م أنشأت وكالة يمنية للأنباء بالتعاون مع مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط صنعاء وكان ينسب إليها بعض الأخبار آنذاك ولكن لم تدم طويلاٍ لانعدام الأسس القانونية والفنية والمالية لهذه الوكالة, وقد كان مكتب وكالة الشرق الأوسط هو الجهاز الوحيد الذي يعمل في اليمن في الفترة من 1962 – 1967م والوحيد الذي يقدم الأنباء للمؤسسات الحكومية ومختلف المؤسسات الإعلامية ووسائل النشر وقد توقفت هذه الوكالة عن العمل في سنة 1967م.
وكانت النواة الأولى لظهور وكالة وطنية قد ظهرت خلال ظروف حصار السبعين يوماٍ أواخر عام 1967م وفي هذه الفترة كانت الوكالة تقوم بتوزيع الأخبار على مراسلي وكالات الأنباء العربية والأجنبية المتواجدين في صنعاء وكذا تزويد الإذاعة والصحف وبعض الأجهزة الحكومية بها كما كانت الوكالة تقوم برصد الإذاعات العربية والأجنبية ونقل الأخبار الخاصة ببلادنا من الإذاعات المؤيدة وتوزيعها على كبار المسؤولين والأجهزة الخاصة للإطلاع والاستفادة من تحليلها ووضع السياسة الإعلامية المناسبة للرد على الإشاعات المعادية التي كانت تروجها الوسائل الإعلامية الخارجية كما كانت الوكالة تصدر نشرة يومية تضم أهم أحداث العالم خلال 24 ساعة.
وفي عام 1970م أصبحت الوكالة يمنية مستقلة ذات صفة اعتبارية وتتمتع بالشخصية القانونية التي تخول لها حق التعاقد لتطوير إمكانياتها وجهودها وأجهزتها وخدماتها فقرة (5) من النظام السياسي وحددت الفقرة الثانية من النظام الأساسي هدف إنشاء الوكالة بتمويل الإذاعات والصحف والوكالات والهيئات المحلية والعالمية والتجارية المحلية والعالمية وإلى عام 1975م كانت الوكالة قد طورت نفسها تطوراٍ بطيئاٍ وفي هذا العام أصبحت وكالة (سبأ) للأنباء أحد قطاعي مؤسسة سبأ العامة للصحافة والأنباء وذلك بموجب قرار مجلس القيادة بالقانون رقم (59) لسنة 1975م ويرأس مجلس الإدارة وزير الإعلام وتتبادل الوكالة الأخبار على المستوى الخارجي مع وكالات عربية محدودة هي (القطرية والعراقية والعمانية) ثم مع وكالة الأنباء الألمانية الديمقراطية ادن.
وبالنسبة لجنوب الوطن فقد قامت وكالة (رويتر) البريطانية بافتتاح مكتب الخدمات الإخبارية في الأربعينيات وقد لعب هذا المكتب دوراٍ كبيراٍ في تزويد الصحف المحلية التي ظهرت في تلك الفترة بمدينة عدن وبالمثل كانت الوكالة تنقل أخبار عدن لوسائل الإعلام العالمية والتي ساعدت كثيراٍ في معرفة شعوب العالم الأخرى لليمن وخاصة مدينة عدن وكان مكتب هذه الوكالة داخل مبنى إذاعة عدن التي تأسست عام 1940م واستطاع أن يحتكر توزيع الأخبار للصحف الصادرة في عدن مقابل أجر تدفعه له تلك الصحف وكان هذا المكتب يخدم التوجهات الاستعمارية البريطانية برسم صورة مشوهة عن اليمن واليمنيين والعرب بشكل عام وقد استمر مكتب وكالة رويتر بعدن في تقديم خدماته الخبرية حتى بعد الاستقلال بسنوات وبعد الاستقلال تم تشكيل وكالة أنباء عدن (أ.ن.أ) وفي عام 1980م صدر قرار مجلس الوزراء رقم (36) والخاص بإعادة تنظيم وكالة أنباء عدن ليحدد صياغة أكثر دقة لمهمات الوكالة وذلك استناداٍ إلى معطيات الخبرة والتطور التي تكدست لدى الوكالة خلال السنوات العشر التي تلت تأسيسها وقد عكست هذه الصياغة الجديدة في قرار مجلس الوزراء أهمية اتساع عمل الوكالة ليتناسب مع الاحتياجات السياسية للمجتمع وكانت هذه الوكالة تصدر سبع نشرات وملحقات وملفات للأحداث المحلية والعربية والدولية ولها مكاتب فرعية في المحافظات ولها نشاط خارجي تركز في الإرسال إلى خارج الجمهورية باللغة العربية لمدة ساعتين في اليوم وفي يناير 1983م تم تخصيص ساعة إرسال يومياٍ باللغة الإنجليزية ويغطي هذا الإرسال باللغتين العربية والإنجليزية مساحة واسعة من شمال الوطن اليمني قبل الوحدة وبعض البلدان الاشتراكية وبلدان أوروبا الغربية.
وكان لوكالة أنباء عدن نشاط واسع في إقامة العلاقات مع التجمعات السياسية والإقليمية لوكالات الأنباء وارتبطت باتفاقيات ثنائية مع عدد من الوكالات العربية بالإضافة إلى علاقتها بوكالة الأنباء السوفيتية (تاس) ونوفسيتي وغيرها من وكالات المعسكر الاشتراكي ولم يكن لها مراسلون في الخارج وكانت تركز على الأنشطة الحزبية بصفة أساسية وفي 5 مارس 1990م تم دمج وكالة الأنباء عدن بوكالة سبأ للأنباء فأصبحت وكالة الأنباء اليمنية سبأ .
» الإرسال الإذاعي «
كانت اليمن من الدول السباقة لإدخال هذه الوسيلة فقد سبقت دول الجوار في الجزيرة العربية عندما تلقى الجيش اليمني عام 1946م على جهاز إرسال واستقبال عسكري حملتها بعثة عسكرية أمريكية كهدية إلي اليمن لا تزيد قوته عن 50 كيلو وات فافتتحت الإذاعة بنفس العام وكانت سيئة التجهيز وكذلك كان ينقصها الفنيون المتخصصون.
وكانت تبدأ الإرسال من الساعة السابعة وخمس عشرة دقيقة من مساء يوم كل جمعة من كل أسبوع ولمدة ساعة وخمس عشرة دقيقة على موجة قصيرة طولها بالأمتار 41 متراٍ وظلت الإذاعة على هذا المنوال لمدة خمسة عشر يوماٍ ثم بدأت في إرسال إضافي يوم الاثنين أي يومين في الأسبوع وكانت البرامج تقتصر على بعض سور القرآن الكريم والأحاديث النبوية وغيرها وكذلك الأخبار المحدودة الداخلية والخارجية العربية والدولية التي كانت تلتقطها من بعض الإذاعات العربية ولم يكن نطاق الإذاعة يتعدى صنعاء وضواحيها لذلك لم يستمع إلى بيان ثورة 1948م الذي بثته إلا من كان في صنعاء أو قريباٍ منها.
وفي أوائل الخمسينات افتتحت (إذاعة صنعاء اللاسلكية للمملكة المتوكلية اليمنية) وبدأت إرسالها اليومي الذي كان يستمر ساعة ابتداءٍ من الساعة السابعة والربع مساء على موجات قصيرة طولها خمسون متراٍ وثلاثة عشر في المائة من المتر بذبذبة قدرها 119.5 كيلو سايكل في الثانية, وفي عام 1958م توسع الإرسال الإذاعي وأصبح البث يبدأ بعد ظهر كل يوم من الساعة الثالثة والنصف وحتى الساعة التاسعة ليلاٍ وتم تجهيز المنشأة بوسائل حديثة وبدأت في إرسال البرامج اليومية والأسبوعية وبدأ الجمهور الذي كان يزداد يوماٍ بعد يوم في متابعة الإرسال بالاهتمام وفي هذه الفترة كان يغلب على برامج الإذاعة الاتجاهات الدينية والسياسية.
وعندما اندلعت ثورة السادس والعشرين من سبتمبر استمرت الإذاعة في بث برامجها غير أن مضمون البرامج وعرضها كان مختلفاٍ كل الاختلاف عما كان عليه من قبل كما أنها أسهمت في خلق الوعي في الأوساط الشعبية وفي الإعداد للتحول السياسي وأصبحت الإذاعة مسموعة باهتمام وانتظام خاصة وأن الجمهور لم تكن لديه وسيلة أخرى من وسائل الإعلام, وكان لإذاعة صنعاء دور مشهور في حصار السبعين يوماٍ عام 1967م عندما حوصرت صنعاء من قبل أذناب الملكية إذ أنها ساعدت على تماسك المدافعين عنها بانتهاجها خطة الدعاية المضادة فكانت تذيع الأغاني العاطفية رغم أن القص يتوالى على المدينة ويطال مبنى الإذاعة نفسها.
وفي جنوب الوطن سبق أن قامت السلطة البريطانية التي كانت تحتل أراضيها بافتتاح أول إذاعة صغيرة بعد الحرب العالمية الأولى لنشر سياستها الاحتلالية في الوطن العربي تبث برامجها خلال 1.45 ساعة في اليوم, وفي عام 1954م كانت إذاعة عدن تغطي مساحة (600) متر مربع لا غير في العاصمة عدن وتضم أستوديوهين صغيرين ورفوفاٍ تضم عشرات الأشرطة والاسطوانات وغرفة صغيرة للإدارة تتسع لضابط صوت واحد وبها ثلاث مسجلات ذات الاستخدام المنزلي المعتاد وكان عدد موظفيها 25 موظفاٍ فقط وإلى عام 1956م كان جهاز الإرسال حينها بقوة 250 وات معتمدة كلياٍ على شركة البرق واللاسلكي 250 وات بموجة متوسطة قوتها 5 كيلو وات وجهاز إرسال بموجة قصيرة بقوة 7.5 كيلو وات… ولم تغط غير جزء بسيط من مدينة عدن وضواحيها توسعت من خلالها البرامج وتقدم الأعمال الدرامية والمنوعات وفي عام 1957م زودت الإذاعة بأجهزة جديدة لمزج الصوت ومسجلات خاصة بالإذاعة أما في عام 1960م فقد افتتح في إذاعة عدن أول قسم هندسي ثم استخدم أستوديو ثالث وتم تعيين فنيين من المهندسين.
و تطورت الإذاعة في اليمن منذ نشأتها وحتى الآن تطوراٍ كبيراٍ من حيث التقنيات ومحطات الإرسال وأصبح هناك الآن البرنامجان الإذاعيان العام والثاني واللذان يغطي إرسالهما معظم أراضي الجمهورية اليمنية ويصل إلى خارجها, بالإضافة إلى إنشاء عدد من الإذاعات المحلية في مختلف محافظات الجمهورية اليمنية بهدف توعية المجتمعات المحلية بقضايا التنمية والتطوير الحضري وفقاٍ لخصوصية هذه المناطق.
» البث التلفزيوني «
عرفت اليمن البث التلفزيوني لأول مرة عام 1964م حيث أنشأت محطة تلفزيون عدن وذلك خلال السنوات الأخيرة من الاحتلال البريطاني, وقد أتت فكرة إنشائه بعد انفجار ثورة الـ14 من أكتوبر عام 1963م كهدف لشغل الشعب عن دعم الثورة وإحباط تطلعاته لنيل الحرية والاستقلال فقد استجلبت السلطات البريطانية أجهزة محطة قديمة كانت مستخدمة في إحدى جامعاتها وتم إرسالها إلى عدن دون تخطيط مسبق حيث استؤجر لها أحد المنازل الشخصية في علو أحد الجبال المطلة على ميناء عدن بمنطقة التواهي وذلك لاستخدامه كمحطة للتلفزيون حيث تقدر مساحة هذا المبنى بما لا يتجاوز مساحة 180 متراٍ مربعاٍ وفي يوم الحادي عشر من سبتمبر عام 1964م تم افتتاح المحطة وبدأ البث منها (أبيض وأسود) وبإمكانيات مبسطة, وفي هذه الفترة كان الطابع الغربي غالباٍ على المادة التلفزيونية الفيلمية أما البرامج الحية فكانت مقصورة على المنوعات واللقاءات والبرامج التعليمية البحثية ولم يكن يتجاوز البث مدينة عدن ولا يتجاوز ساعات البث 4 ساعات يومياٍ.
وبعد تحقيق الاستقلال الوطني في الثلاثين من نوفمبر 1967م أولت حكومة الثورة اهتماماٍ خاصاٍ لجهاز التلفزيون باعتباره من أهم وسائل الإعلام الجماهيري وفي الاتصال والتثقيف والتعليم والإبداع وأداة لحماية وبلورة التراث الوطني والإنساني ووسيلة لنشر العلم والمعرفة والتواصل بين الشعوب.
وأما في شمال اليمن فقد افتتحت محطة التلفزيون بصنعاء في تاريخ 24 سبتمبر 1975م وبدأت بأستوديو بث صغير لا يتجاوز مساحة 100 متر مربع وجهاز سينما وجهاز فيديو 2 أنش ومازج صوت وإضاءة خاصة بالاستديو وبعض الكاميرات ولم يكن البث يغطي سوى مدينة صنعاء وضواحيها بمساحة لا تتعدى 4 كيلومترات مربعة وبدأت المحطة بـ11 عاملاٍ فقط ما بين مهندسين ومذيعين وإداريين وفنيين بالإضافة إلى 9 أشخاص قدموا من عدن وبعض الإخوة من دولة الإمارات العربية المتحدة في بداية الافتتاح واستمروا قرابة أسبوعين وبعد ذلك تم تنفيذ مشروع النظام الملون واستقطاب عدد كبير من الكفاءات وابتعاث عدد منهم إلى الخارج في دورات قصيرة وبعد قيام الوحدة اليمنية تم دمج كل من هيئة الإذاعة والتلفزيون التي كان مقرها في الجزء الجنوبي من اليمن مع المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون في شماله ضمن مؤسسة جديدة إطلق عليها المؤسسة العامة اليمنية للإذاعة والتلفزيون وسميت محطة صنعاء القناة الأولى فيما سميت محطة عدن القناة الثانية.
» عصر الفضائيات «
ولمواكبة التطور التقني والانفتاح على العالم بدأت اليمن الإرسال الفضائي في 20/12/1995م كأول انطلاقة يمنية للبث الفضائي وذلك عبر القمر (انتلسات) نظام تماثلي على البند (C-BAND ) وكانت التغطية على الشرق الأوسط أوروبا وأمريكا الشمالية وآسياء وجزء كبير من أفريقيا وفي 15/9/1996م تم البث عبر القمر العربي (عربسات) ومنذ ذلك الحين حتى اللحظة واليمن تبث إرسالها العام الخارجي عبر هذا القمر وذلك بناء على صدور قرار وزير الإعلام رقم 25 في 16/1/1994م بشأن تشكيل لجنة متخصصة من الإعلاميين والفنيين والمهندسين وذوي العلاقة في البث الفضائي بالتعاون مع القطاعات المالية والإدارية لوضع التصورات العملية للقناة الفضائية هادفة من وراء ذلك اللحاق بركب الدول التي انطلقت بإرسالها فضائياٍ وللتعريف باليمن بين قارات العالم أرضاٍ وإنساناٍ ولتعميم الإرسال التلفزيوني داخل الوطن كما هدفت إلى تلبية الحاجات الإعلامية للمتلقي في نطاق إرسالها الخارجي وقد تطورت وأصبح اليوم لليمن العديد من القنوات الفضائية الرسمية والحزبية والأهلية إلى جانب قناة اليمن الفضائية الأولي وقناة عدن الفضائية الثانية ومنها قناة الإيمان الفضائية وهي قناة دينية تأسست عام 2008 بتوجيهات رئاسية بهدف إنتاج وبث البرامج الدينية, التوجيهية والإرشادية المعتدلة بعيداٍ عن ما أسمته بالتطرف والغلو و قناة السعيدة التي بدأ بثها الفضائي في أغسطس 2007 كقناة يمنية مستقلة عن التقيد بالتوجهات السياسية والمحلية وقناة سهيل وقناة المسيرة وقناة سبأ التي افتتحت أوائل عام 2008م وقناة العقيق وقناة شباب اليمن وقناة اليمن اليوم وقناة ازال وغيرها من القنوات الفضائية اليمنية .