علي المحمدي : الجمهور اليمني يحتاج إلى تكثيف وتكرار المناشط الثقافية والفنية حتى يتعو


حوار :علاء الدين الشلالي –
– هو مدير عام الفنون الشعبية وقائد الفرقة الوطنية بوزارة الثقافة اليمنية ,خبير رقص وباحث ميداني حاصل على الماجستير ,أهم وأشهر أعماله الوحدة أو الموت مغنى وادي سبا,له مشاركات في أمريكا وكوبا وبلغاريا وفرنسا واليابان تأثر بالفنان الروسي البرت تروفوزوكي ,كما أن له عدداٍ من الدراسات العلمية والمقالات المتخصصة في مجال الرقص والتراث الفلكلوري اليمني نشرت بعضها في صحف يمنية فنون التقت به وخرجت منه بالحصيلة التالية:

< حدثنا عن بداياتك في مجال الرقص¿
– أنا كنت من الوافدين إلى منطقة عدن للتعليم والدراسة قادما من منطقة الحجرية بتعز ,وبعد خروج الانجليز من عدن جاء إلى المدينة خبراء من الاتحاد السوفييتي للعمل على تشكيل فرقة شعبية تجمع الفنون الشعبية في جنوب اليمن ,وتم عمل مسابقة بموجبها تم اختيار 70 من الذكور والإناث ,وبعد التصفيات اختير 30طالبا فتم تدريبنا تدريباٍ مبدئياٍ في اليمن ثم انتقلنا إلى الاتحاد السوفييتي وبالتحديد في مدينة لينجراد وبقينا 6 سنوات وكانت من أصعب واشق فترات الدراسة وبسبب أن اليمن كان يحتاج في تلك الفترة إلى متخصصين في التراث الشعبي والفلكلوري تحدينا كل الصعاب حتى حققنا حلمنا بالتخرج في العام 1985م وبعد ذلك عدنا إلى العاصمة صنعاء ,وفي تلك الفترة كانت هناك فرقتان وطنيتان للرقص فرقة وطنية في عدن تضم نساء ورجالاٍ وفرقة وطنية تضم رجال فقط ,لكننا بعد القيام بنشاطات توعوية في أوساط الشأن الثقافي في صنعاء استطعنا أن نجد انفتاحاٍ على كل الفنون في صنعاء خصوصا بعد قيام الوحدة المباركة .
< يحسب لك أستاذ علي أنك استطعت توحيد الرقصات بين شمال اليمن وجنوبه ,كيف استطعت القيام بذلك ¿
– اساسا كانت هناك رقصات مشتركة بين شمال اليمن وجنوبه الذي استطعنا القيام به هو العمل على التأكيد على وجودها وتنميتها ,فمثلا هناك رقصات خاصة بأبناء الشمال فقط كرقصة البرع التي لم يكن يعرفها أبناء الجنوب فمن تكرارها ونمطيتها مل من هذه الرقصة أبناء الجنوب فنحن قمنا بتسويقها وإدخال تعديلات عليها حتى أصبحت مقبولة عند أبناء الجنوب وهكذا .
< تعتبر من مؤسسي الفرقة الوطنية الموحدة في الجمهورية اليمنية حدثنا عن فترة تأسيس الفرقة الوطنية الموحدة¿
– أثناء تأسيسنا للفرقة الوطنية الموحدة حاولت أن ألم بكل تفاصيل الرقص الشعبي من خلال التأهيل الأكاديمي ومسايرة الخبراء وصحبتهم والقيام بجولات مكوكية لعدد من محافظات الجمهورية والعمل على توثيق الرقصات في تلك المحافظات وكان يوجد في تلك الفترة حماس كبير من الجميع للنهوض بالرقص في اليمن.
< دائما تعبر عن حزنك على واقع الفرقة الوطنية الموحدة في الوقت الحاضر ماسبب هذا الحزن ¿
– الفرقة الوطنية للأسف لاتعرف العزف الصحيح على النوتة الموسيقية اما فرقة الرقص فهي مهمشة كثيرا من قبل وزارة الثقافة كما أن هناك قصوراٍ من بعض أعضاء الفرقة فهم لايزاولون التمارين الخاصة بالرقص فيفقدوا بريق الفرقة وتألقها بسبب الكسل للأسف أصبحت الفرقة الوطنية اشبه بسمسرة يسمسرون عليها ويأتي احدهم من خارج ويقول أريد أربعة راقصين ليشاركوا في الحفل الفلاني أو الفعالية الفلانية وبدون علمنا أو الرجوع إلينا لاختيار الأشخاص المناسبين.
< تحدث عدد من المهتمين في الوسط الفني عن مشروع معهد الفنون بصنعاء ,ما آخر أخبار ذلك المشروع¿
– للأسف وبمرارة شديدة أقول لك أن هذا المشروع ذهب إلى أدراج الرياح فالبداية وبالتحديد العام 85م جاء وفد عراقي إلى اليمن لإنشاء المشروع ووضع حجر الأساس لكن المشروع تعثر حتى عام 2000م العام الذي التزمت فيه دولة قطر باستكمال البنية التحتية للمشروع لكن مع الإحداث الأخيرة التي مرت بها البلاد تعثر المشروع مرة أخرى ,دون تحرك من وزارة الثقافة التي تعاملت مع الموضوع باللامبالاة.
< وماذا عن ماقدمته وزارة الثقافة لكم¿
– وزارة الثقافة مقصرة في جانب البحث والتوثيق للتراث والفن بشكل عام أو حتى في موضو ع الحفاظ على الاثار ,حتى تنفيذ احتفالاتنا الرسمية أو العمل على تفعيل المهرجانات القديمة أو إيجاد مهرجانات وفعاليات متجددة مقصرة جدا جدا ,كل وزراء الثقافة المعاصرون لم يقدموا شيئاٍ في كل الفترات عدا فترة المضيئة في عهد الوزير الرويشان ,فإجمالا يجب على الدولة أن تأخذ بيد الفنانين والموهوبين وتؤهلهم ,نحن نطالب معالي وزير الثقافة الجديد عبدالله عوبل أن يبعد عنا الدخيلين على الفن والذين ليس لهم علاقة بالفن وبالمشهد الفني.
< انت تنتقد وزارة الثقافة والبعض سيرد عليك أن المواطن اليمني اساسا لايتفاعل مع المهرجانات والمناشط الثقافية ¿
– الجمهور اليمني يحتاج إلى تكثيف وتكرار المناشط الثقافية والفنية حتى يتعود عليها وتصبح شيئاٍ مصاحباٍ للحياة العامة في اليمن مثلا عندما تنظم 4 حفلات وأكثر من 5 عروض مسرحية وعدد من الحفلات الموسيقية خلال شهر واحد مع مراعاة أهمية أن تقام حملات دعائية وإعلانية من خلال وسائل الإعلام والإعلان المختلفة تكون مصاحبة لقيام تلك المناشط والفعاليات حتى يعرفها الناس جيداٍ وفي نفس الوقت لابد أن تتخذ استراتيجيات لمحاربة الظواهر السلبية عند المجتمع اليمني كمضغ القات فالقات هو العدو اللدود للمواطن اليمني والقات يعامل في العالم زيه زي المخدرات .المجتمع بصفة عامة يحتاج إلى توعية والتوعية تبدأ من الصفوف الاولى في المدرسة فأنا اتذكر أننا كنا ندرس في مدرستي بمدينة عدن حصص الموسيقى التي كانت تسمو فينا والآن توقفت حصص الموسيقى في مدارسنا ولا ادري ما السبب الحقيقي لتوقفها.
< لماذا لاتطالبو القطاع الخاص بدعم الحركةالفنية في اليمن¿
– القطاع الخاص لايريد إلا البريح السريع فإذا كان الجمهور يبخل في دفع قيمة تذكرة دخول لمشاهدة عرض فني ما فماذا تتوقع من القطاع الخاص والاشكالية أن القطاع الخاص لاتوجد لدية الرؤية الفنية مع أن الفن هو أصل الحرية والإبداع لأي شعب فالمفترض أن الدولة تتبنى المناشط الفنية حتى تكون مسهلة للمواطن العادي.
< هناك مشكلة غامضة تخص الرقص في اليمن حدثنا عن هذه المشكلة¿
نعم صحيح هناك مشكلة بالرغم من ممارسة الناس للرقص في الأعراس وبعض المناسبات إلا أن هناك فئة في المجتمع تحاول تمييع موضوع الرقص من خلال إثارة البلابل والشبهات ,للأسف إلى الآن لم يتفق من أن الرقص حلال أم حرام ,وللأسف هناك تطرف ديني واجتماعي يسيطر على عقول بعض الناس ويعيق أشياء كثيرة في حياتنا ,واعتقد أن هذا يدخل ضمن المؤامرة الغربية على العرب والمسلمين فهم لايريدوننا أن ننافسهم حتى في مجالات الرقص والفنون المتعددة فهم يريدوننا جهلاء دائما.
< ابتكرتكم رقصات متعددة تحارب بعض الظواهر السلبية في المجتمع حدثنا عن تلك الرقصات¿
– الرقصات التي ابتكرت هي تسمى علميا بالرقصات التعبيرية فالرقص التعبيري يختلف تماما عن الرقص الشعبي ,الرقص الشعبي نتوارثه عن الأجداد ,أما الرقص التعبيري فحاولنا أن ندخل عليه عدداٍ من الحركات المعبرة عن سخط أو فرح وتنو الحركات في الرقصات التعبيرية سببه حتى لاتكون هناك رتابة كما في بعض الرقصات الشعبية القديمة مثل رقصة الشرح التي تؤدي في المسرح فمثلا يظل الراقص يمشي متقدما ثم يتراجع عدداٍ كثيراٍ من المرات حتى يمل المشاهد احنا بنحاول ندخل على مثل هكذا رقصات عدداٍ من الحركات الانعاشية ,وفي الرقصات التعبيرية نحاول أن نكتب «سيناريو» لعدد من القضايا ثم نضع للسيناريو موسيقى ملائمة.
< أستاذ علي هناك خلط عند عدد من الناس بين الاوبريت والمغناة خبرنا عن الفرق بينهما ¿
– للاسف لاتوجد عندنا في اليمن أوبريتات بمعنى كلمة أوبريت الفرق هو كالآتي الأوبريت يعتبر عملاٍ غنائياٍ درامياٍ حوارياٍ مثلا التحدث عن قصة يتخلل الحديث رقصات ,أما المغناه فتكون تعبيراٍ عن مكان وزمان وأمثلة على المغناة ,مغناة (وادي سبا) عندما افتتح رئيس دولة الإمارات المرحوم الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان سد مارب ,كما أن الأوبريت يعتبر صورة مصغرة من الاوبرا.
< تخصص الأستاذ علي المحمدي خلال دراستة الاكاديمة في رقصة الباليه اين الباليه في اليمن ¿
– أقول لك شيئاٍ مش رح نشوف باليه في اليمن أبدا أبدا..ولما احدثك عن الباليه بشكل عام ,فالباليه قديما يعتبر رقصاٍ خاصا بالقياصرة وبالنبلاء وانتقل من ايطاليا إلى فرنسا ويبدأ تعليم الباليه من سن السابعة حتى التاسعة ,وللبالية مقاييس دقيقة في الحركة ويتم اختيار أجمل الإناث وأوسم الذكور في تادية الرقصة وعندما قلت لك مش رح نشوف بالية في اليمن فأنا أعني ما أقوله جيدا لأن بيئتنا في اليمن محافظة جدا جدا فملابس رقصة البالية خاصه فهي شفافة وراقية ,فإذا كنا في رقصاتنا العادية تطلع البنت ترقص واحنا ملبسينها أكثر من 20 كيساٍ فما بالكم أن ترقص فتاة يمنية بملابس بالية هل سيتقبلها المجتمع.
< هناك رقصات يمانية نقول إنها انتهت أو نستطيع القول أنها في بدايتها للانقراض ماتعليقك¿
– لأن القائمين على الشأن الفني سواء السلطة المحلية أو المركزية في بعض المحافظات اليمنية مثل محافظة تعز لم تبحث أو توثق هذا التراث وتقوم بتبيانه للجمهور اليمني والعربي فمن خرج إلى تعز إلى أي محافظة أو إلى أي منطقة داخل اليمن أو خارجها لايقوم بنقل هذا التراث أو توريثه لأبنائه أو احفاده بسبب الإهمال اللامقصود.
< هناك رقصات جديدة يؤديها الشباب اليمني خاصة في الأعراس كرقصة السامبا ,ماتعليقك حول هذه الرقصات الجديدة أو الدخيلة حسب تسمية البعض¿
– لا لا رقصة السامبا أساسا هي رقصة يمنية قديمة تسمى (اليواء) وهي رقصة منتقلة من افريقيا وبالتحديد من كينيا وتسمى موباسية نقلت إلى اليمن وتدبلجت وطبعناها بطابعنا ورقصة السمبا من حيث التسمية تنسب إلى البرازيل وهي مختلفة تماما وهنا تكمن المصيبة في الخلط بين أسماء أجنبية دخيلة برقصات تراثية وهذا بسبب عدم التوثيق.
< ماالذي قدمته بالنسبة للرقصات الخاصة بالنساء اليمنيات¿
– لاتقل ماقدمته لكن قل بالذي اعدت إظهاره للجمهور اليمني والعربي فسأجيبك بأن رقصة الشعوبية هي التي قمنا بإعادة اظهارها
فأنا أستطيع أن أنافس اكبر معلم للرقص في أمريكا لكنني لايمكن أن أنافس أي موسيقي وقس على ذلك كبار معلمي الرقص أمثالي في الوطن العربي فالرقص وبالتحديد الرقص اليمني لايمكن أن يثير الغرائز والرقص بصفة عامة يعتبر رياضة مرتبطة بوقت معين.
< هل هناك رقص ديني¿
– نعم هناك رقصات أشبه بالاهتزازات عند الصوفية في اليمن خصوصا عند الموالد وغيرها من المناسبات الدينية كما أن هناك رقصة الزار التي تؤدى في طقوس غير عادية.
< هناك تجارب عربية رائدة تخص الموروث الشعبي واحترام الفنون حدثنا عن أي تجربة نالت إعجابك¿
– التجربة الرائدة لتطويع وتطوير الفنون الشعبية والولوج إلى العالمية هي تجربة سلطنة عمان فالسلطنة اهتمت بالتراث والفن الشعبي من بعد اليمن وعدد من الدول العربية السباقة لكنها بحثت وتعمقت في التراث وهي الدولة الوحيدة في الجزيرة العربية التي تولي الفن والموروث العربي اهتماما خاصا حيث قامت بالتدوين والاستعانة بالخبرات العالمية ,لذلك عندما يدخل أي زائر للسلطنة يشعر بهوية الشعب العماني وخصوصيته فناشات العديد من الرف التي تعتبر من أفضل الفرق الموسيقية في الشرق الأوسط منها الفرقة السيمفونية السلطانية الاوركسترا الرائعة.
< ماسر الحب الشديد لك استاذ علي من قبل طلابك¿
– لأنني ببساطة استوعب عقليات كل طالب وأقوم بدراسة حالتهم النفسية قبل أن أقوم بأي درس أو تدريب.
< ما هي الرقصة المفضلة لديك¿
– أموت وأعشق الرقص التهامي كما أحب الرقص الغرساني والشنب ,كما أنني عندما أرقص في المسرح أنسى نفسي.
< ماهي آخر مشاركاتك الفنية¿
– أخر مشاركاتي قبل شهر ونصف حيث شاركت في الدورة العربية الثانية عشرة بدولة قطر أنا وعدد من أعضاء الفرقة الوطنية وقدمنا عروضاٍ نالت استحسان الكثير من المهتمين.
< وماذا عن مشاريعكم المستقبلية¿
– أخي العزيز أحبطونا أنا والمايسترو عبدالباسط الحارثي نأتي إلى مكتبنا مثل كل يوم ولاتوجد أي أعمال توكل إلينا فالأعمال الفنية موسمية فأنا درست الفن والرقص لأكثر من 11 سنة فبالله عليك أين اخرج اللي بداخلي ومع ذلك نتفاءل بالقادم لعله يكون أجمل.
aladdin-70@hotmail.com

قد يعجبك ايضا