تشمل إجراءات تشريعية ومؤسسية واقتصادية ومالية ومعرفية


كتب / نبيل نعمان –
«المياه والبيئة» تحدد عوامل تهيئة بيئة مواتية لنمو الاقتصاد الأخضر في اليمن
تسعى اليمن إلى تحقيق عوامل وتهيئة الظروف لنمو قطاع الاقتصاد الأخضر في إطار السعي لتحقيق التنمية المستدامة من خلال عدد من التدابير والسياسات والاستراتيجيات .
وتؤكد وزارة المياه والبيئة في إطار العمل لتهيئة بيئة مواتية لنمو الاقتصاد الأخضر في اليمن أن تحقيق الشروط الضرورية لنمو الاقتصاد الأخضر في اليمن يتطلب اختيار وتطبيق سياسات وتدابير تمكن الاقتصاد اليمني من الانخراط على المدى البعيد في مسار النمو الأخضر وبالتالي في منظور حقيقي للتنمية المستدامة مع إجراءات تشريعية ومؤسسية واقتصادية ومالية إضافة إلى الانخراط المعرفي والمجتمعي وضمان التنسيق بين مختلف الفاعلين الوطنيين من أجل إنجاح هذا المشروع الطموح .

وسردت الوزارة خطوطاٍ عريضة للإجراءات في التقرير الوطني المقدم إلى قمة التنمية المستدامة ( ريو + 20 ) الذي عقد الشهر الماضي في العاصمة البرازيلية ومن ذلك الإجراءات التشريعية حيث ترى أن تتضمن تطوير وإعادة صياغة القوانين والتشريعات والمعايير وتكييفها مع مبادئ ومفاهيم الاقتصاد الأخضر وتوضيح آليات الإنفاذ والإجراءات المؤسسية التي تتضمن وضع استراتيجية وطنية للتنمية الخضراء تحدد القطاعات ذات الأولوية أو القابلة للتحول للاقتصاد الأخضر وإدماج الاعتبارات البيئية ضمن أطر الخطط الوطنية الخمسية واستراتيجيات التنمية وبناء قدرة الهيئات الحكومية والجامعات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع والقطاع الخاص.
أما الأدوات الاقتصادية فيشير التقرير أنها لابد وتتضمن تدابير من أجل تحويل الاقتصاد اليمني على المدى البعيد إلى اقتصاد أخضر كسياسات الترخيص والحوافز والأسعار وقيود الاستيراد وضرائب المستخدم والإعانات المالية والغرامات والضرائب التي تعطي الأفضلية للاستخدام السليم للموارد وإدماج كلفة التلوث واستخدام الموارد الطبيعية ضمن الكلفة الإجمالية للسلع والخدمات. أما الإجراءات المالية فتتضمن الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والتكنولوجيات والابتكارات المحترمة للبيئة وتشجيع القطاع الخاص والمجتمعات المحلية لزيادة انخراطهم في هذا المجال بصورة تدريجية.
ومن الإجراءات المقترحة الأدوات لتهيئة بيئة مواتية لنمو الاقتصاد الأخضر في اليمن ذكر التقرير الأدوات المعرفية والتي تتضمن إجراء دراسات وطنية لتحديد إمكانيات وفرص الاقتصاد الأخضر المتوافرة لليمن وكذا عوامل النجاح والتحديات أو المخاطر المرتبطة بسياسات الاقتصاد الأخضر إضافة إلى تطوير إدارة المعلومات البيئية والبحث والرقابة. وتشجيع المؤسسات العامة والجامعات والمنظمات غير الحكومية والمجتمع للعب أدوار فعالة في جمع وتحليل ونشر البيانات وبناء الوعي لدى المستهلك وتعزيز ثقافة أنماط الإنتاج والاستهلاك المستدامة .
ويشير التقرير إلى أن التحول إلى الاقتصاد الأخضر في اليمن ينبغي أن يأخذ في الاعتبار التحديات القائمة والفرص المتاحة فضلا عن الواقع الاجتماعي والاقتصادي والبيئي للبلاد من أجل تطوير رؤية وطنية تتماشى مع خصوصياتها وأولوياتها وعلى هذا النحو فإن اليمن تواجه تحديات كبيرة منها الفقر المائي تدهور موارد التربة وتدهور الغابات وغيرها والمزيد من المعلومات. انظر الباب الثاني التحديات الراهنة والناشئة.

الفرص المتاحة
على الرغم من أن تحديد الفرص والإمكانيات المتاحة لليمن للاستفادة من وعود الاقتصاد الأخضر تحتاج إلى دراسات وأبحاث تفصيلية مستفيضة وهو أمر لا تستطيع اليمن القيام به من دون دعم المجتمع الدولي على الرغم من ذلك إلا أن التقديرات الأولية تفيد بوجود مقومات معينة تؤهل اليمن للانخراط في مسار الاقتصاد الأخضر وجني الفرص التي ينطوي عليها ويستند هذا التقدير الأولي إلى امتلاك اليمن خصائص وموارد طبيعية عديدة غير مستغلة فضلا عن أن العديد من القطاعات الاقتصادية تمثل حقولا للفرص كما أنها كفيلة بخلق مداخيل إضافية وفرص عمل جديدة مع احترام المتطلبات البيئية . وعلى وجه الخصوص يمكن الإشارة إلى هذه الفرص في المجالات والقطاعات التالية:

الغاز الطبيعي
أصبحت اليمن من الدول المصدرة للغاز الطبيعي باحتياطي مؤكد يصل إلى حوالي 16.9 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي . ومن المرجح أن يؤدي نجاح اليمن في تطوير قطاع الغاز الطبيعي المسال إلى إيجاد المزيد من فرص التنقيب عن الغاز الطبيعي وإنتاجه . ومن المتوقع أن تعوض صادرات الغاز الطبيعي المسال عن تراجع عائدات تصدير النفط في اليمن عند وصول مشروع الغاز الطبيعي المسال إلى كامل طاقته الإنتاجية . كما بدأت اليمن بتطوير الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء وتوفيره لقطاعي الصناعة والنقل مستقبلاٍ. ويتطلب توسيع الاستغلال الاقتصادي للغاز الطبيعي تطوير البنية التحتية للغاز الطبيعي .

مصادر الطاقة المتجددة
إن تنمية واستغلال مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة في اليمن قضية حيوية من أجل توفير إمدادات الطاقة الكهربائية للمناطق الريفية ولاسيما المناطق النائية وذلك بالنظر لما تتمتع به اليمن من إمكانيات واعدة في هذا المجال كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح البوغاز .. الخ ونظراٍ للمزايا الاقتصادية والتجارية للمصادر التي ثبت نجاحها عالمياٍ فضلاٍ عن المزايا البيئية وتلك المتعلقة بأعمال الصيانة والتشغيل التي غالباٍ لا تتوفر في المناطق الريفية بصفة إجمالية. وتتمتع الجمهورية اليمنية بمعدلات إشعاع شمسي مباشر تصل إلى (2550- 2900 ك.و. س / م2/ السنة) مما يجعلها أفضل المواقع المناسبة لتنفيذ مشاريع النظم الشمسية الحرارية . كما تتوفر في اليمن إمكانيات مناسبة لاستغلال طاقة الرياح في توليد الكهرباء.
الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالتنوع البيولوجي
قطاع الأسماك : تمتلك اليمن موارد سمكية غنية . ويقدر في المجمل أن قطاع الأسماك يوفر سبل العيش لعدد 642 ألف شخص أي تقريبا 3 % من السكان. وتوظف أعمال معالجة وتسويق الأسماك أعدادا إضافية من الأشخاص ويدل ذلك على أن القطاع لديه إمكانية كبيرة للمساهمة في تخفيف الفقر من خلال خلق فرص للعمالة وتوليد الدخل في المناطق الريفية.

السياحة البيئية :
تمتلك اليمن شريطا ساحليا طويلا ذا تنوع حيوي فريد º وتحوي المياه الإقليمية أحياء بحرية متنوعة وشعاب مرجانية جميلة ويعتبر التنوع الحيوي والبيئة المتميزة هما مصدرا الجذب الأساسي للسياحة البيئية وتوفر الشواطئ والجزر اليمنية فرصا مناسبة لممارسة الرياضات المائية المختلفة مثل الغوص ولتساهم بنحو 20 % من إيرادات العملة الأجنبية بمعزل عن قطاع النفط . كما توجد الحمامات الطبيعية الأرضية الساخنة والباردة والتي يفوق عددها الخمسين موقعاٍ منتشرة على طول البلاد ويقصدها الناس للعلاج والاستجمام وهي تمثل مصادر جذب للسياحة البيئية. وهذا إلى جانب المواقع السياحية التاريخية والموروث الثقافي والمعمار الفريد للمدن التاريخية القديمة والمواقع الأثرية العديدة والأعمال الحرفية التقليدية والتراث العريق والجبال والصحاري ومناطق التنوع الحيوي المختلفة .
أيضاٍ هناك مجال واسع لتطوير الصناعات الصغيرة والصديقة للبيئة خاصة الصناعات العضوية في المناطق الريفية والمحميات بالإضافة إلى تطوير وتنمية الطب التقليدي المعتمد على موارد النبات الطبيعي والأعشاب العطرية يمكن أن تكون وسيلة أخرى لتنويع الاقتصاد المحلي وتأمين المعيشة.

الجهود والمبادرات
تعمل الحكومة حالياٍ على تطوير الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء وتوفيره لقطاعي الصناعة والنقل مستقبلاٍ . وقد تم في هذا المجال إنشاء المحطة الكهربائية الغازية في مأرب بطاقة 314 ميجاوات والتي بدأ تشغيلها في مطلع عام 2010 وذلك كمرحلة أولى من مشروع المحطة الذي يستهدف توليد 700 ميجاوات وتشمل خطط الحكومة المستقبلية إنشاء عدد من المحطات التي تعتمد على الغاز وبطاقة إجمالية تبلغ 2000 ميجاوات وحتى عام 2020. ويعول على القطاع الخاص دخول هذا المجال والمساهمة في إقامة هذه المحطات.

الطاقة المتجددة
ينص قانون الكهرباء اليمني الصادر حديثا على تنويع مصادر إنتاج الطاقة الصديقة للبيئة بما فيها الطاقة المتجددة والاعتماد عليها كمصدر مستدام للطاقة . كما تتضمن خطط الحكومة تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للطاقة المتجددة وإستراتيجية كفاءة الطاقة وتنمية مصادر الطاقة البديلة في المناطق الريفية والجزر. وقد تم استحداث قطاع للطاقة الجديدة والمتجددة في وزارة الكهرباء والطاقة وإعداد الهيكل المؤسسي والتنظيمي للقطاع وإعداد مجموعة من الدراسات في مجال تنمية مصادر الطاقة المتجددة في اليمن (الطاقة الشمسية طاقة الرياح).

الطاقة الشمسية
تم إجراء المسوحات لتنفيذ مشروع ريادي لكهربة عدد من القرى في بعض المحافظات اليمنية بواسطة الخلايا الكهروضوئية . ونفذت الإسكوا بالتنسيق مع وزارة الكهرباء والطاقة في اليمن وبالتعاون مع منظمة الدول المصدرة للبترول (اوبك) وصندوق التنمية الدولية مشروعا رائدا في مجال تركيب وصيانة أنظمة الطاقة الشمسية الضوئية في إحدى القرى الساحلية اليمنية. تشمل أنشطة المشروع شراء وتركيب أنظمة الطاقة الشمسية الضوئية º وتدريب وتعريف سكان القرية بتشغيل وصيانة الأنظمة المدمجة º وتقييم أداء المشاريع على الصعيدين التقني والاجتماعي بعد مرور عام واحد على بدء تشغيلها .
طاقة الرياح
تتضمن خطة التنمية الحالية مشروعا لإنشاء مزرعة رياح لإنتاج الكهرباء بطاقة 50 – 100 ميجاوات في منطقة المخاء الساحلية.
طاقة البيوجاز
نفذ الصندوق الاجتماعي للتنمية عدة مبادرات في مجال توليد الطاقة بواسطة البيوجاز تشمل إنشاء 11 وحدة بيوجاز لمحميتي برع وعتمة يتراوح حجم الوحدة بين 5 – 7 متر مكعب وإنتاجيتها تتراوح بين 1.0-1.5 متر مكعب إضافة إلى ثلاث وحدات يتراوح حجمها بين 11-16 متر مكعب وإنتاجيتها بين 3-6 متر مكعب وتوزعت هذه الوحدات على المعهد البيطري بصنعاء ومسلخ البرح ومعهد سردود الزراعي في الحديدة .
إضافة إلى مبادرات أخرى منها إعداد إستراتيجية للسياحة البيئية وإنشاء كيان مؤسسي يختص بتنمية السياحة البيئية وإصدار دليل إرشادي للسياحة البيئية وتحديد مسارات للسياح داخل المحميات الطبيعية كما قامت الهيئة العامة لحماية البيئة بتنفيذ مشاريع تجريبية للحصاد المائي من الأمطار والضباب ومشاريع تجريبية أخرى في مجال تدوير المخلفات الصلبة والسائلة تشمل تدوير القمامة من المخلفات المنزلية والتجارية والصناعية وإعادة استخدام مياه الوضوء لزيادة الرقعة الخضراء وإعادة استخدام الزيوت ومشاريع نموذجية لبدائل البلاستيك.

قد يعجبك ايضا