ملفات الجرائم الإنسانية تتراكم وميزانية المحكمة الدولية تتآكل

لاهاي/وكالات –
تدخل المحكمة الجنائية الدولية غدا◌ٍ الأحد عامها العاشر غير أن الضغوط المتنامية على ميزانيات الدول التي تمولها تعتم على هذه المناسبة فيما عدد التحقيقات القضائية التي تقوم بها في تزايد مستمر.
ففي العام 2012م¡ وللمرة الاولى تتدنى الميزانية المخصصة للمحكمة التي توظف سبعمئة شخص عن تلك التي توصي بها لجنة الموازنة والمالية¡ وهي هيئة مستقلة تقدم التوصيات إلى مجلس الدول الاعضاء.
وهذا المجلس الذي يضم الدول الـ121 المصادقة على اتفاقية روما المؤسسة للمحكمة والتي دخلت حيز التنفيذ في الأول من يوليو 2002م¡ خصص للمحكمة 111 مليون يورو بدلا من 122 مليونا كما يطالب ومن 116 مليونا كما أوصت لجنة الموازنة والمالية.
وأكد ريتشارد ديكر المسؤول عن برنامج القضاء الدولي في منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية “لم تجر مفاوضات مكثفة إلى هذا الحد مطلقا من قبل بخصوص ميزانية المحكمة”.
وأضاف: “انه أمر مقلق للغاية خصوصا في الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على القضاء الدولي” مشيرا على سبيل المثال إلى المطالب التي يرفعها المعارضون في سوريا للمطالبة باحالة الرئيس بشار الأسد إلى لاهاي.
والمحكمة الجنائية الدولية هي أول محكمة دولية دائمة مكلفة بمحاكمة المتهمين بعمليات إبادة وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب¡ لكن كثر الحديث عنها لا سيما منذ سجن رئيس ساحل العاج السابق لوران غباغبو في لاهاي.
ويتزايد عدد تحقيقاتها باستمرار وقد أصدرت ما مجموعه عشرين مذكرة توقيف في سبع دول أفريقية.
إلا أن الدول السبع الرئيسية المساهمة في تمويلها¡ وهي اليابان وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واسبانيا التي تمول ثلثي الميزانية¡ باتت اكثر تحفظا وترددا في دفع اموال.
وهي تطالب بسبب الأزمة المالية العالمية بميزانية بـ”نمو صفر” للعام 2013.
وقال مصدر دبلوماسي: إن “المحكمة باهظة الكلفة والميزانية ليست مطاطة إلى ما لا نهاية”¡ منددا أيضا ببطء الإجراءات. وأضاف بخصوص محاكمة القائد السابق لميليشيا كونغولية: “ست سنوات لمحاكمة توماس لوبانغا¡ أنها خمس سنوات اكثر”.
وتابع هذا المصدر “عندما يطلب من اليابان دفع مزيد من المال للمحكمة الجنائية الدولية¡ تفكر بان ذلك يعني مالا أقل لفوكوشيما¡ وفرنسا تعتقد أن ذلك يعني لا توظيف لاستاذ”.
وتقدر الكلفة الاجمالية منذ 2005م¡ لأول محاكمتين أمام هذه المحكمة¡ محاكمة توماس لوبانغا وقائدي ميليشيا كونغوليين آخرين بـ 41 مليون يورو بحسب تقرير للجنة الموازنة والمالية.
واكد دبلوماسي بريطاني معتمد في لاهاي “سنستمر في تقديم كامل دعمنا للمحكمة”¡ مضيفا: “لكن هناك حقيقة قاسية¡ وهي انخفاض المالية العامة”¡ “فعلينا تبرير نفقاتنا أمام دافعي الضرائب”.
وكان وزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية هنري بلينغهام واضحا◌ٍ جدا◌ٍ في هذا الخصوص مؤخرا في لندن عندما أكد أنه “يتوجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تكون اكثر فعالية” وأن يكون لديها “إدارة مالية حكيمة”.
والضغوط على الميزانية تثير قلق المنظمات غير الحكومية لأن ذلك له “وقع مأسوي على قدرة المحكمة على القيام بعملها”¡ كما قال وليام بيس منسق التحالف للمحمكة الجنائية الدولية الذي يضم أكثر من 2500 منظمة غير حكومية.
وحذر بيس من أن انخفاض الأموال يعني محاكمات اطول ونقصا في الوسائل لدفع رواتب فرق الدفاع وتوظيف مترجمين وحماية الشهود وإجراء التحقيقات.
وسلمت المدعية العامة الجديدة الغامبية فاتو بنسودا مؤخرا بهذا الواقع قائلة: “نحاول اعادة تنظيم الموارد التي نملكها والاستفادة منها إلى اقصى حد”.

قد يعجبك ايضا