في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه وزير الصناعة والتجارة في افتتاح المؤتمر الأول لاقتصاد



رئيس الوزراء: معالجة التحديات التنموية والاجتماعية لن تنجح إلا بتاتف الجهود وتعاون افة مونات المجتمع اليمني
المتول: عدم تطبيق القانون سبب فشل الحومات السابقة \ تحقيق النمو الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية

الثورة/عبدالله الخولاني
أكد رئيس مجلس الوزراء الأخ محمد سالم باسندوة أن اليمن تواجه جملة من التحديات التنموية الاقتصادية والاجتماعية وأن مواجهتها ومعالجتها لا يمكن أن يتم بعصا سحرية وبين يوم وليلة, لكن يمكن مواجهة تلك التحديات وتجاوزها إذا تكاتفت الجهود وتعاونت مكونات المجتمع اليمني بكافة فئاته من أجل بناء نظام اقتصادي وطني قادر على تنمية القدرات والموارد الاقتصادية, ويحقق في الوقت نفسه قيم ومبادئ العدالة الاجتماعية.
وأوضح دولة رئيس الوزراء في الكلمة التي ألقاها نيابة عنه وزير الصناعة والتجارة الدكتور سعد الدين بن طالب أمس في افتتاح المؤتمر الأول لاقتصاد السوق الاجتماعي والذي ينظمه على مدى يومين المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات بالتعاون مع الوكالة الألمانية للتعاون الدولي أن القضاء على هذه التحديات يستوجب وبالضرورة اتفاق كافة الجهات والتكوينات الحكومية والمجتمعية وسائر الفعاليات الوطنية على رؤية اقتصادية وطنية وواضحة المعالم, خاصة وأن حجم التحديات وطبيعتها يحتاج إلى تبني وانتهاج مقاربة تنموية شاملة وسياسيات غير تقليدية تساهم في تعزيز النمو الاقتصادي واستدامة وفي الوقت نفسه تحقق أسس ومبادئ العدالة الاجتماعية في مجتمعنا اليمني.
داعياٍ كافة الجهات والمبادرات التي تنظر أو تساهم في وضع سياسات جديدة إلى أن تتكاتف وتؤسس لعمل مشترك يمكن مناقشته في حوارات وطنية تشمل الجانب الحكومي والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني.
وأشار رئيس الوزراء الأخ محمد سالم باسندوة إلى أن التحدي الاقتصادي الأهم الذي يواجهه اليمن هو أن اقتصادها اقتصاد ريعي غير إنتاجي يعتمد بصورة أساسية على كميات النفط المستخرج وأسعاره في الأسواق العالمية موضحاٍ أن حوالي نسبة 70% من إيرادات الموازنة العامة تأتي من القطاع النفطي و85% من صادرات اليمن السلعية تمثل نفطا خاما, وبالتالي ارتهنت كافة القطاعات والأنشطة للقطاع النفطي.
وأضاف باسندوة قائلاٍ: اتسعت ثقافة الريع والغنيمة لتصبح السمة الغالبة في كافة النواحي ومجالات الحياة السياسية والاجتماعية والإدارية واستخدمت السلطة والنخب الحاكمة الإنفاق العام والموارد الاقتصادية لشراء الولاءات وتعظيم مصالحها بدلاٍ من أن تستخدمها لبناء الدولة ومؤسساتها وإقامة البنى الأساسية وتوفير الخدمات العامة وتحسين مستويات معيشة المواطن.
ولفت باسندوة إلى أنه من المحزن أن نجد, وبعد مرور أكثر من 20 عاماٍ على قيام الوحدة اليمنية المباركة أننا كدولة لم نتمكن من توفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين كالكهرباء والتي تعتبر حق المواطن وواجبا على الدولة, فما بالنا باحتياجات المشاريع الاستثمارية والقطاعات الإنتاجية الاقتصادية, لذلك, عزفت رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية عن الخوض في استثمارات حقيقية تضيف قيمة للإنتاج وللاقتصاد الوطني وتساهم في تعزيز قدراته التنافسية ومن خلف فرص عمل .. وبدلاٍ من ذلك اتجهت إلى مجالات وأنشطة سريعة الربح دون مراعاة لمصالح الوطن.
وأضاف رئيس الوزراء: إن انعقاد المؤتمر اليمني الأول لاقتصاد السوق الاجتماعي, يأتي في ظل ظروف استثنائية وتحولات جذرية تشهدها منطقتنا العربية بما فيها يمننا الحبيب, جراء ما عانته دولنا من ظلم وقهر وسوء إدارة الحكم وانتشار للفساد والإفساد أدت إلى اختلالات اقتصادية واجتماعية واتساع مظاهر الفقر والبطالة التي أشعلت الشرارات الأولى للثورات والاحتجاجات الشعبية.
وتمنى رئيس الوزراء في ختام كلمته للمؤتمر التوفيق والوصول إلى نتائج إيجابية تخدم الفكر والعمل للخروج ببلادنا من المآزق التي دخلت فيه.
من جانبه أكد رئيس المركز الاقتصادي للدراسات والاستثمارات وزير الصناعة الأسبق الدكتور يحيى بن يحيى المتوكل أن إدارة الجانبين الاقتصادي والاجتماعي ترتبط بسيادة القانون ودور مؤسسات الدولة كشرط ضروري ولازم لتحقيق النمو الاقتصادي وتوفير الحماية الاجتماعية.. مشيراٍ إلى أن فشل الحكومات المتعاقبة في اليمن في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية يعود بشكل رئيسي إلى غياب تطبيق القانون وضعف مؤسسات الدولة والفساد المنتشر في المجتمع مما حال دون جدوى العديد من استثمارات الدولة وهروب مشروعات القطاع الخاص أو فشلها.. وأضاف المتوكل: ورغم تغير وظيفة الدولة وتراجع دورها في النشاط الاقتصادي وتقليص وظائفها التنموية إلاِ أن اقتصاد السوق الاجتماعي يتطلب بنية مؤسسية ومرافق عامة وكوادر بشرية مؤهلة ترتبط أصلاٍ بوجود الدولة نفسها ولا يمكن القيام بها عن طريق غيرها.. كما تبرز أهمية التطوير سواء على مستوى الحكومة المركزية ومؤسساتها أو الفروع التنفيذية والسلطات المحلية وهي متشابكة ومتباينة وذلك من خلال معالجة ازدواجية المهام وتشابك هياكل الوزارات والتي تحتاج إلى استكمال إعادة هيكلة أجهزة الدولة وبشكل جاد لتحديد مهامها بما يتناسب مع ضمان التنسيق فيما بينها من ناحية والتنسيق الداخلي على مستوى الإدارات من ناحية أخرى.. كما أنه من الضروري إعادة النظر في هياكل السلطة المحلية الحالية وتقنينها للحد من تداخل الصلاحيات وازدواجية الممارسات.
وثمن المتوكل دور منظمات المجتمع المدني التي أبدت استعدادها وأيدت عقد المؤتمر والتوقيع على تشكيل ائتلاف منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لدعم توجه اقتصاد السوق الاجتماعي في اليمن من خلال أن تكون لهذه الفلسفة والمنهج الاقتصادي الجديد خطة للتواصل تستهدف صناع القرار والقطاع الخاص والأكاديميين والباحثين وكذلك منظمات المجتمع المدني بل والمواطن البسيط ذاته وتنقسم إلى ثلاث مراحل متداخلة زمنياٍ تبدأ من عامنا الحالي 2012م وتمتد إلى عام 2014م لضمان إدماج مفهوم وسياسات اقتصاد السوق الاجتماعي في كافة الخطط والبرامج.
ودعا رئيس المركز الاقتصادي إلى الاهتمام باقتصاد السوق الاجتماعي وبما يتضمنه هذا النموذج من أسس وعناصر تلبي التغيير المنشود خاصة في الجانب الاقتصادي والاجتماعي حيث يمثل اقتصاد السوق الاجتماعي فلسفة وفكراٍ يوازن بين حرية الأسواق وتوفير الاحتياجات الأساسية والاجتماعية للمواطنين كونه يتميز بالمرونة والتطوير .
مبينا أن هذا المؤتمر يبحث إمكانية تبني المنهج الاقتصادي للسوق الاجتماعي وتطبيقه في اليمن للخروج من الازمات والتحديات التي تواجهنا في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ,ولفت إلى أن اليمن يمر بمرحلة حرجة من الازمات والتحديات وعلى مفترق طرق لبناء مستقبل زاهر لأجيالنا القادمة يحقق لأبنائه الحرية والكرامة.
ونوه بأن الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدني يجب ان تترجم وتتبلور في سياسات وطنية.. مشيراٍ إلى أن المرصد الاقتصادي للدراسات والاستشارات يحرص على إشراك الجميع في هذه الفعالية من حكومة وقطاع خاص ومنظمات مجتمع مدني ورجال سياسة واقتصاد وأكاديميين وباحثين وكذلك ائتلافات الشباب وممثلات المرأة.
مشير إلى أن المؤتمر سيناقش في جلساته الأربع الأسس والسياسات التي تمكن من بناء اقتصاد سوق اجتماعي تتوازى فيه أهمية النمو الاقتصادي مع تحقيق العدالة الاجتماعية وإنشاء- وإن بشكل تدريجي – نظام حماية اجتماعية يحمي الضعفاء والفئات الأكثر هشاشة مع المحافظة على البيئة واستدامتها للأجيال القادمة في حدود الإمكانيات والموارد التي يمكن توفرها من خلال تحسين إدارة الموارد من ناحية وإعادة تحديد الأولويات من ناحية أخرى.. وتغطي أوراق العمل مكونات اقتصاد السوق الاجتماعي والعلاقة الحيوية فيما بينها وإلقاء نظرة عامة على الوضع.
وكان ممثل المؤسسة الالمانية للتعاوني الدولي الـ”جي آي زد” توفيق الذبحاني قد استعرض جهود المنظمة الالمانية في تبني سوق الاقتصاد الاجتماعي منذ 2010 م وكذا عمل ورش للقطاع الخاص ومسؤولية الدولة والقطاع المدني حول المسؤولية المجتمعية مشيرا إلى أهمية المؤتمر في إيجاد حلول جذرية ودائمة للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية المختلفة والمتراكمة منذ عقود.
الجدير ذكره أن المؤتمر الذي يشارك فيه أكثر من 200 كادر يمثلون الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني واقتصاديين وأكاديميين وباحثين يهدف إلى إرساء أسس تشريعية وقانونية عامة ومحددة كمرجعيات لصياغة السياسات والنظم المختلفة وآلياتها التنفيذية.
كما سيتم خلال المؤتمر الاتفاق على إنشاء نظم وتصميم سياسات اقتصادية واجتماعية وبيئية وتطبيقها بصورة متوازنة ومتناغمة ومعتمدة في تنفيذها على أسس ومبادئ ثابتة أهمها حماية وخدمة الانسان اليمني ومصالحه افراداٍ وجماعات في الحاضر والمستقبل والعمل المؤسسي والمسؤوليات المشتركة المعتمدة على الحوار والبناء وحماية الحقوق الخاصة والعامة.
ويناقش المؤتمر على مدى يومين اقتصاد السوق الاجتماعي ومفاهيمه وأهميته وشروطه ويستعرض الوضع الراهن للسياسات الاقتصادية والسياسات المالية والنقدية والنظام الضريبي والقطاع المصرفي والبناء المؤسسي للدولة وبيئة الاستثمار والبعد الاجتماعي والسياسات الاجتماعية والبيئية.
كما تتناول أوراق العمل التحديات التي ادت إلى انسداد أفق النمو والتشغيل والمعطيات المتوفرة لإعادة هيكلة الاقتصاد نحو القطاعات الانتاجية لخلق فرص عمل فضلا عن نظام الحماية الاجتماعية في اليمن والتوجهات والسياسات التي يمكن اتباعها للبناء على النظم والآليات المؤسسية القائمة واصلاحها أو تطويرها للتوائم مع فلسفة اقتصاد السوق الاجتماعي.
تصوير/ ناجي السماوي

قد يعجبك ايضا