زهرة المدائن تشكو أحزانهاالقدس مفتاح السلام


تقرير عبدالملك السلال –
شكلت القدس ومنذ عصور البشرية الأولى منطقة مقدسة دار حولها الاستقطاب والصراع والخلاف¡ ومن المؤكد على صعيد الفكر السياسي الفلسطيني والعربي أن قضية القدس لا تنفصل عن القضية الفلسطينية ككل¡ باعتبارها قضية العرب المركزية.
والمتتبع يجد◌ْ أن القدس هي مفتاح السلام وبدونها لا يمكن إقامة الدولة الفلسطينية أو فصلها عنها لارتباطها التاريخي والجغرافي بالأراضي الفلسطينية.
ومن هذا المنظور تحاول الدولة العبرية ابتلاع القدس المحتلة بإجراءات التهويد¡ غير المعترف بها دوليا.
ولإن أخذت القضية بأجزائها وجوانبها الأخرى الأبعاد السياسية والإنسانية والفكرية والاقتصادية¡ فإن مسألة القدس تأخذ البعد الديني العقيدي إضافة إلى كل هذه الأبعاد¡ وقد لعبت القدس كما تلعب اليوم الدور الأساسي في تحريك الصراع الأساسي في المنطقة.
مفاوضات وغموض
> وحاولت إسرائيل منذ احتلالها الكامل للقدس عام 1967م تغيير البنية الديمغرافية والدينية في المدينة لصالح تغييب الهوية الحضارية الإسلامية والمسيحية عنها لصالح الادعاء التاريخي لليهود بقدسيتها الدينية لديهم وخصوصا ما يتعلق بإعادة بناء الهيكل على أنقاض المسجد الأقصى.
وفشلت جهود العرب والمسلمين في إلزام الكيان الصهيوني بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتتابعة لحماية المسجد الأقصى¡ كما أن وساطتهم المتتابعة لدى الولايات المتحدة وأوروبا على مدى عقود لم تلق آذانا◌ٍ صاغية بحكم الانحياز الغربي الفاضح للكيان الصهيوني¡… في حين أن عملية السلام والاتفاقات والقرارات الدولية ذات الصلة وما تلاها من اتفاقات ومبادئ مدريد وأوسلو وواي ريفير وأخواتها لم تتمكن من تحقيق أي نوع من الحماية للأقصى والقدس¡ بل شجعت الطرف الآخر على مزيد من التهويد وإحكام السيطرة.
تلعب القدس كذلك دورا◌ٍ رئيسيا◌ٍ في شرعية فلسطين¡ لا في نظر الفلسطينيين وحدهم¡ بل في نظر العرب والمسلمين عموما◌ٍ. ذلك أن قيام دولة فلسطينية جديدة ليس لها وجود سيادي قادر على الحياة في القدس سوف يفتقر مؤكدا◌ٍ للشرعية الأساسية للدولة في نظر شعبها.. ونلاحظ أنه بدون وجود سيادة فلسطينية مؤكدة وموثوقة في القدس¡ سيؤدي إلى أن تعاني الدولة الفلسطينية الجديدة من عجز خطير في السيادة عند شعبها¡ وهو¡ بالإضافة لمشكلات أخرى¡ من شأنه أن يجعل ظهور حكم صالح ودولة مستقرة أمرا◌ٍ صعبا◌ٍ.. وفي حال ارتبط قيام الدولة الفلسطينية بحل قضية القدس¡ كما يؤكد تقرير مؤسسة راند بخصوص بناء دولة فلسطينية ناجحة¡ فإن قيام الدولة أصبح مشكوكا◌ٍ فيه على صعيد التوجهات الإسرائيلية إلا بمقاس محدد يسمى “دولة” وما هو بدولة وفق القانون الدولي.
فشل ذريع
> أكدت مختلف الأطروحات الدولية وخصوصا الأمريكية منها في رسائل الضمانات المتوالية منذ العام 1991م التي قدمها الرؤساء الأمريكيون المتتاليون¡ على أن التفاوض على القدس سيأخذ بعين الاعتبار الواقع القائم بمختلف جوانبه البشرية والمتعلق بالأرض والاستيطان¡ إضافة إلى الحاجات الدينية والأمنية¡ ولئن كانت قرارات الأمم المتحدة المختلفة لا تزال تعتبر كل إجراءات الاحتلال باطلة فيما يتعلق بأي تغييرات على المدينة المقدسة منذ احتلالها¡ غير أن ميزان القوى القائم اليوم في ظل الهيمنة الأمريكية على القانون الدولي والشرعية الدولية يجعل الموقف الأمريكي هو الإطار الناظم لعملية التفاوض حول القدس¡ وذلك في ظل الاستيلاء والمصادرة والاستيطان التي لم تتوقف حتى اليوم في المدينة المقدسة¡ وهذا سبب آخر لفشل المفاوضات الفلسطينية – الاسرائيلية المتعاقبة والتي¡ دارت في السنوات الأخيرة ووصلت إلى طريق مسدود¡ أيقن الفلسطينيون أنه في ظل تعنø◌ْت الكيان العبري ومراوغته المعروفة بعدم التطرق لقضايا الوضع النهائي¡ أن تلك المفاوضات عبثية مئة بالمائة¡ وهدفها كسب الوقت لصالح المشروع الصهيوني بابتلاع القدس عبر اكتمال تهويدها.
خطر التهويد
> وتشير معظم التحليلات إلى تعذر فصل المدينة عن بعضها¡ وأن التهويد يزحف على مختلف أحيائها وباستمرار.
وعلى صعيد مساحة الجزء الشرقي المحتل عام 1967م من القدس المحتلة تشير الأرقام إلى أن 86 % من مساحة القدس الشرقية قد تمت مصادرتها عمليا◌ٍ¡ ولم يبق سوى 14% من مساحتها الأصلية للتفاوض¡ علما◌ٍ بأن جزءا◌ٍ منها يخضع لمخططات التخضير العامة والحدائق الذي يصل إلى 9%¡ ليبقى ما لا يزيد عن 5% يمكن التفاوض عليه وتحصيله وفق شروط تفاوضية غير محددة المعالم.
ولذلك فإن إمكانية استعادة الحق العربي الكامل في القدس الشرقية وفق حدود 4 حزيران عبر التفاوض أمر غير ممكن¡
والخلاصة أنه ما أ◌ْخذ بالقوة لا ي◌ْسترد◌ْ إلا بالقوة.
Ssalala99@gmail.com

قد يعجبك ايضا