لقد كانت الثورة اليمنية 26 سبتمبر أمنية أصبحت حقيقة في ذلك اليوم التاريخي المشهود وإن تقليب صفحات الماضي القريب من تاريخ هذا الوطن ومحاولة الاقتراب بين حين وآخر من السنوات الأولى للثورة اليمنية, أمر مطلوب وعلى جانب كبير من الأهمية لا سيما حين يكون ذلك بهدف تعريف الأجيال الجديدة بأهمية ثورة 26 سبتمبر ولماذا قامت¿ وكيف كان الوضع قبل قيامها , وعظمتها ونبل الأهداف التي قامت من اجلها. فالثورة لم تكن وليدة الصدفة أو أنها جاءت من فراغ بل كانت نتيجة حتمية ومنطقية انطلقت من صميم معاناة أبناء الشعب اليمني ضد الحكم الملكي الذي عمل على اغتيال قدرات شعبه والسعي دائما إلى خنق وطموحاته المشروعة في التقدم والإبداع والحد من رغبة الشعب في التطور شأن بقية شعوب المنطقة واتخاذه الجمود مبدأ أو عقيدة ليسير عليه أبناء الشعب وإلا فهم خارجون عن الدين وعن الخلافة.
وقد هال أحرار اليمن من ذوي الفكر المستنير وأذهلهم أن يكون مصير الإنسان اليمني هذا القدر من التراجع في الوقت الذي فيه جعل الله الإنسان خليفته في الأرض وأعطاه العقل للتفكير والتأمل..لا الجمود.
فقامت الثورة وشكلت مخاضا لكل ما سبقها من حركات شعبية ثورية ضد النظام الملكي بذل فيها العرق والجهد والدماء وضحى وصمد من اجلها كثيرا وكان الشعب اليمني متعطشا للثورة وانضم إلى الثورة أبناء الشعب كافة شمالا وجنوبا وأتوا لمسانده الثورة من كل مناطق اليمن .. أتوا بالآلاف دفاعا عن الثورة .. فدافعوا عن الثورة دفاعا مستميتا بكل رجولة وبطوله وسطروا أروع ملاحم النضال والكفاح في صفحات بيضاء لا يمكن أن يجهلها التاريخ .. حتى انتصرت الثورة ضد جحافل الملكية رغم التآمر ومحاولة إفشالها ..فمنذ اليوم التالي لانطلاق الثورة اليمنية وقيام النظام الجمهوري في شمال اليمن أخذت مؤشرات التآمر والتخطيط للقضاء على الثورة والجمهورية كما اخذ الدور القيادي البريطاني لمخطط التآمر والعدوان يظهر في أكثر من صورة.
وقد كان الخوف البريطاني على استعماره للجنوب ( عدن والمحميات وباب المندب ) السبب الرئيسي الأول للتآمر والتخطيط للقضاء على النظام الجمهوري في الشمال قبل أن تنطلق الثورة إلى تحقيق ما جاء في صلب هدفها الأول عن تحرير الجنوب من الاستعمار .
وكان السبب الرئيسي الثاني يتمثل في أن مبادئ وفكر الثورة والجمهورية تتفق مع مبادئ وفكر مصر عبد الناصر القومي التحرري التقدمي الوحدوي الذي كان قد اخذ ينحسر بعد مؤامرة انفصال سوريا عن الوحدة مع مصر وبالتالي فإن ثورة اليمن تشير إلى بداية انبعاث جديد للفكر القومي التحرري الوحدوي الذي يحمل عبد الناصر لواءه ضد المعسكر الاستعماري وضد الصهيونية وضد الأنظمة المعادية آنذاك لمصر عبد الناصر..
وقد شمل معسكر التآمر والعدوان الذي قادته بريطانيا ضد الثورة والجمهورية قوى وأطرافا كثيرة فقد نجح الاستعمار في إقناع الملك سعود وفيصل والملك حسين للقيام بدور أساسي في العمل المضاد للثورة .. وكان للمخابرات والشركات الامريكية وإسرائيل وشاه إيران والمرتزقة الأجانب أدوار رئيسية في التآمر والعدوان على الثورة والجمهورية ولكن إرادة الشعب والثوار رغم إمكانياتهم المتواضعة عزموا على طرد الملكية من كل شبر من اليمن وانتهى الأمر بالنصر الكامل والحاسم للثورة والجمهورية في شمال اليمن وهروب فلول الملكيين والمرتزقة إلى السعودية …فانتصرت الثورة والجمهورية لأن وراءها رجالا عاهدوا الله على رفع الظلم والطغيان عن هذا الشعب..مطالبين بحقوق أخذت وحريات غابت بإرادة حققت للشعب اليمني حياة حرة بعزة وكرامة.
عاشت اليمن حرة أبية
ولا نامت أعين الجبناء
قد يعجبك ايضا