الحرب على اليمن تعطل الأسواق وشبكات النقل وتبادل السلع الأساسية

تتفاقم الأزمة الإنسانية بشكل عام في مختلف محافظات الجمهورية مع وجود تطورات مقلقة للغاية في جانب الأمن الغذائي.
ويتوقع تقرير حديث أعده مشروع تطوير نظم معلومات الأمن الغذائي -فرع اليمن- استمرار الوضع ترديا ما لم تصل الاستجابة الإنمائية بشكل عاجل للسكان المتضررين.. كما سيزداد سوءاٍ وضع الأمن الغذائي بسبب استمرار –العدوان- والاقتتال وانعدام الأمن المدني لدى السكان ولتجنب المزيد من التدهور يجب رفع نطاق الاستجابة الإنسانية إلى جانب مبادرات دعم لسبل المعيشة الريفية مع إعادة برامج شبكات الضمان الاجتماعي في المناطق المتضررة بالأزمة في جميع مديريات ومحافظات البلد.
وأكد التقرير الذي أعدته منظمة الأغذية والزراعة والسكرتارية الفنية للأمن الغذائي بوزارة التخطيط والتعاون الدولي وبتمويل من الاتحاد الأوروبي أن التطورات الأخيرة في ميناء الحديدة –باستهدافه من قبل قوات التحالف ضد اليمن- والذي يتم عبره التعامل مع 60 % من الواردات التجارية أثر خطير على كل من الاستيراد التجاري والإنساني للغذاء لليمن سيؤثر –هذا الاستهداف- بشكل أكبر على الوضع الأمني للغذاء والسلع الأساسية في الأسواق ويزيد من تعقيد الأزمة الإنسانية.
وأشار التقرير إلى أن الوضع الحالي سيؤثر تأثيرا كبيرا على المملتكات وحياة الناس وسبل معيشتهم.. ومن الضروري للغاية أن تتواجد الأدوات المناسبة لتحديد تقديم المساعدات المزمنة لأهم القطاعات الإنتاجية الفرعية مثل المحاصيل والثروة الحيوانية ومصائد الأسماك وذلك عبر تقديم مدخلات مخصصة لكل قطاع بالتنسيق مع –المجالس المحلية- ويشمل هذا تقديم محفزات مالية لتحسين القدرة على الحصول على الوقود لأجل الري وغيره من معدات الزراعة الآلية.
وشدد التقرير أهمية مراقبة وتحليل أثر –الحرب على اليمن- على مؤشر الأعمال الاقتصادية الصغير والأصغر ومن ضمنها مؤشرات نتائج الأمن الغذائي وأنشطة توليد الدخل وبرامج شبكات الأمان والبنية التحتية العامة.. الخ.. ومن المهم أيضا مراقبة أداء سلاسل قيمة إنتاج القطاع الخاص والأعمال الصغيرة والشركات الكبيرة والزراعة ومصائد الأسماك التي تؤثر على سبل المعيشة ومصادر الدخل.
وحول المحاصيل والإنتاج الحيواني في اليمن قال التقرير أن أكثر من 70 %من سكان اليمن في مناطق ريفية يؤمن حوالي 50 % من القوة العاملة دخلهم من قطاع الزراعة والأنشطة المتعلقة به.. ويغطي الإنتاج المحلي من المحاصيل ما تقديره 25 % من احتياجات الغذاء المرتبطة بالمحاصيل ويساهم هذا القطاع بحوالي 17 % من الناتج المحلي الإجمالي.. وتعتبر المرتفعات الوسطى والمرتفعات الجنوبية والمناطق الساحلية الغربية لحوض تهامة المناطق الأساسية لإنتاج الذرة والدخن والخضروات والفواكه وغيرها من المحاصيل النقدية.. وبالرغم من ذلك يعاني من اضطرابات كبيرة بسبب النوبات الحادة من الصراعات التي أثرت سلبا على القدرة الإنتاجية والاستثمارية للبلد.. كما أن –الحرب على اليمن- وانعدام الأمن المدني أثرا سلبا على إمداد وتوزيع المدخلات الزراعية ومنتجات المزارع للأسواق وتعرضت البنية التحتية الزراعية للدمار في محافظات صعدة ولحجة وتعز وحجة وأبين كما أدى تأخر هطول الأمطار المعتاد في منتصف مارس وبداية إبريل إلى تأثير سلبي إضافي على نمو المحاصيل في معظم مناطق زراعة الذرة.. وكانت نتيجة ذلك تأخر كبير في مواعيد الزراعة والإنبات الأمر الذي أدى إلى إبطاء نمو المحاصيل.
وأضاف التقرير: أن موسم الحصاد الأول في المحافظات اليمنية تعرض للانتكاس بسبب –الحرب- وانعدام الأمن المدني وتعطل الأسواق وارتفاع تكاليف الوقود وغيرها من المدخلات وارتفاع تكاليف تشغيل مضخات الري وتأخر موسم الأمطار.. كما تعطلت أنشطة زراعية ضرورية مثل تجهيز الأرض والري وإزالة الأعشاب الضارة وتوفير المدخلات الزراعية إضافة إلى إمكانية الوصول للأراضي الزراعية وكل ذلك بسبب انعدام الأمن.
وحول الإنتاج السمكي لليمن أشار التقرير إلى أن صيد الأسماك يعتبر نشاطا أساسيا للمعيشة في اليمن وخاصة ضمن المجتمعات الساحلية وهناك مصادر هامة للدخل وفرض عمل ذاتية ضمن المراحل المختلفة لسلسلة القيمة السمكية في المحافظات الساحلية وهي الحديدة وتعز وعدن ولحج وأبين والمهرة وحضرموت وشبوة وقد تأثرت كمية وجود الإنتاج السمكي المعروض في الأسواق بسبب استمرار –العدوان- والمواجهات العسكرية وعدم توفر الوقود والكهرباء وارتفاع أسعارها حيث بلغ الإنتاج السمكي في عام 2014م ما إجماله 217.896 طن بمتوسط إنتاج وصل إلى 605 طن في اليوم وتشير تقديرات وزارة الثروة السمكية إلى انخفاض في الإنتاج بنسبة 75 % في محافظات تعز وعدن ولحج وأبين مع انخفاض الإنتاج في المحافظات الأخرى “الحديدة وحضرموت وشبوة وحجة والمهرة” إلى حوالي 50 %.. وقد أثر إغلاق نقابات الصيادين والشركات الخاصة والتعاونيات والاتحادات السمكية بشكل كبير على دخل ومعيشة 65 ألف شخص ضمن سلسلة القيمة السمكية التي تقدم خدمات لوجستية مثل التغليف والتخزين المبرد والنقل.
وتحدث التقرير حول الأسواق والأسعار في اليمن.. حيث أشار إلى أن تفاقم –الحرب على اليمن- أدى إلى تعطيل الأسواق وشبكات النقل وتبادل السلع الأساسية والمحاصيل والخضروات والفواكه والمواشي والمنتجات السمكية.. مع وجود تحسنا حول الأسواق في الإمداد وانخفاضا في أسعار سلع الأغذية الأساسية والمنتجات الحيوانية مقارنة بالإمداد والأسعار المسجلة في إبريل ومايو 2015م ومع ذلك لا زالت الأسعار مرتفعة بشكل كبير مقارنة بما كان عليه الحال قبل الأزمة.
وأشار التقرير إلى أن أنظمة السوق والتجارة المعطلة وارتفاع أسعار سلع الغذاء الأساسية وغاز الطبخ المنزلي تهدد معيشة عامة اليمنيين ولا زال هناك عجز كبير في إمداد الوقود والكهرباء وارتفاع كبير في أسعارهما عند توفرهما ويستمر تعطل أنظمة النقل الأساسية والثانوية وأنظمة إمداد المياه المستخدمة لأغراض منزلية وإنتاجية مثل الري وإطعام الماشية.. الخ.. كما تعرضت أسعار الحيوانات الحية “الأغنام والماعز” في المناطق الريفية للانخفاض بشكل كبير مقارنة بالأسعار في فترة ما قبل الأزمة.. وكان متوسط سعر الحيوان من الأغنام أو الماعز مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي في تهامة والمناطق الغربية من ذمار يصل إلى 13-15 ألف ريال يمني في حين أن سعر الكيلوجرام الواحد من اللحم في المدن الرئيسية لا زال كما كان قبل الأزمة بمتوسط 2250 ريال يمني كما انخفضت الأسعار المزرعية “الريفية” للحيوانات الحية “الأغنام والماعز” في المتوسط من 22500 ريال يمني قبل الأزمة إلى 14250 ريال يمني.
وأكد التقرير أن –الحرب- أثر وبشكل حاد على التجارة غير الرسمية مع دول الجوار وأثر غياب أسواق إعادة التصدير إضافة إلى انخفاض أسعار الحيوانات الحية في المناطق الريفية بشكل كبير على المزارعين الذين تعتمد سبل معايشهم بشكل رئيسي على إنتاج الثروة الحيوانية وتسويقها والأنشطة المتعلقة بذلك.. وكان من عادة رجال الأعمال في اليمن استيراد الحيوانات الحية “الأغنام والماعز” عبر موانئ المخا والمكلا وعدن من القرن الأفريقي “الصومال وأثيوبيا وجيبوتي.. الخ” بحيث تكون بعض الحيوانات للسوق المحلي بينما يتم تصدير الأغلبية للمملكة العربية السعودية عبر طرق تجارية غير رسمية ويخلق ذلك فرص عمل ومصادر دخل لعدد كبير من السكان على كامل سلسلة السوق غير أن –الحرب والحصار الاقتصادي المفروض على اليمن- الجارية أدت إلى الإيقاف التام لعمليات استيراد الحيوانات الحية عبر المصادر التقليدية.
وأشار التقرير إلى أن –الحرب التي تتعرض لها اليمن- نتج عنها تعطل كبير في واردات الإمدادات الغذائية والسلع الأساسية بالرغم من بعض التحسن النسبي في مستوى المخزون المتوفر في يوليو 2015م مقارنة بالوضع في مايو ويونيو 2015م وكانت الشحنات التجارية والإنسانية عبر ميناء الحديدة قد بدأت في العمل بشكل أفضل نسبيا إلى ما قبل الغارات الجوية الأخيرة لقوات التحالف.. وكان إجمالي السلع الغذائية التجارية المستوردة عبر جميع الموانئ خلال الفترة من يناير إلى أغسطس 2015م 2.5 مليون طن من القمح 21.075 طن من دقيق القمح.. ووفقا لبرنامج الغذاء العالمي “أغسطس 2015م” فإن إجمالي السلع المتوفرة للمساعدات الإنسانية في اليمن هي 75.878 طن متري.. ولا زال هذا المستوى من الاستجابة أدنى بكثير من الاحتياج الذي تم تحديده في البلد.. وتم على نحو مشابه استيراد سلع غذائية تجارية متنوعة تشمل 62.015 طن متري من القمح 2.057 طن متري من دقيق القمح 3.165 طن متري من الزيوت النباتية و2.935 طن متري من البازلاء إضافة إلى سلع أخرى تم استيرادها ولكن لا يزال نقل هذه المواد إلى مواقع مختلفة في البلد –في ظل استمرار الحرب على اليمن- يمثل تحديا مستمرا.
وحول وضع التغذية في اليمن أشار التقرير إلى أن 11 محافظة من أصل 22 محافظة في البلد صنفت في عام 2014م بوضع حرج في التغذية وعانى حوالي 1.6 مليون شخص من سوء التغذية الحاد وتدهور الوضع الغذائي أكثر بسبب –تصاعد الحرب على اليمن واستمرارها- وتدني الخدمات الصحية وانعدام الأمن الغذائي وغياب الخدمات الأساسية ومن ضمنها الصرف الصحي والنظافة الصحية والمياه الآمنة.. وقد توقعت مجموعة التغذية أن 537 ألف طفل دون سن الخامسة سيكونون عرضة للإصابة بسوء التغذية الحاد الوخيم خلال العام 2015م مقارنة بعدد 160 ألف طفل قبل –الحرب- ويقدر إضافة إلى ذلك أن 1.2 مليون طفل دون سن الخامسة سيعانون من سوء التغذية الحاد المعتدل خلال العام 2015م مقارنة بعدد 690 ألف طفل قبل “الحرب”.
وأكد التقرير أن –غارات قوات التحالف- تضع المدنيين في خطر وينتج عنها قدر هائل من النزوح الداخلي والهجرة للخارج.. وقد بلغ عدد النازحين داخليا في اليمن حتى الآن ما يقرب من مليون و439 ألفاٍ و118 شخصاٍ حتى اليوم الخامس من شهر أغسطس الماضي وتستضيف محافظة حجة العدد الأعلى من النازحين داخليا 298 ألفاٍ و788 شخصا وتتبعها الضالع 235 ألف و656 شخصا ثم عدن 195 ألف و325 شخصا وهناك أعداد متصاعدة يتم تسجيلها في حضرموت وصلت إلى 100 ألف و663 نازحاٍ داخلياٍ.. كما أن هناك عدداٍ قليلاٍ جدا من المخيمات المنشأة بغرض تلبية احتياجات النازحين داخليا وهرب أغلب النازحين داخليا إلى قراهم ولجأوا للعيش مع أقاربهم أو أصدقائهم الأمر الذي رفع العبء على المجتمعات المستضيفة.. وهناك نازحون داخليا يسكنون في مدارس ومباني بنى تحتية عامة.. وأغلب النازحين داخليا فقدوا أصول معايشهم أثناء النزوح ولا تتواجد أمامهم أي فرص للعمل أو مصادر للدخل الأمر الذي أضر كثيرا بإمكاناتهم الاقتصادية لوصول الغذاء.

قد يعجبك ايضا