على الجميع استغلال مناسبة الحج لتوحيد كلمة الأمة

(وأذن في الناس بالحج)

الحج ركن من أركان الإسلام وهو عبادة مليئة بالفوائد والمنافع للناس وقد قال الله تعالى:(ليِشúهِدْوا مِنِافعِ لِهْمú) فموسم الحج مؤتمر إسلامي من أعظم المناسبات للأمة الإسلامية .. ففيه تكتمل صورت الإسلام المليئة بمشاهد الأخوة والتوحد وهو مدرسة عظيمة لكل الفرقاء السياسيين من المسلمين حتى يكونوا شركاء في بناء حضارتهم وأمتهم حول أهمية وفوائد الحج كان الاستطلاع التالي: فإلى التفاصيل :

الناس ما زالوا منذ أذِنِ فيهم إبراهيم عليه السلام بالحج يوفدون إلى البيت الحرام في كل عام من أصقاع الأرض كلها مختلفة ألسنتهم متباينة بلدانهم متمايزة ألوانهم يوفدون إليه وأفئدتهم ترف إلى رؤيته والطواف به الغني القادر والفقير المعدم ومئات الألوف من هؤلاء يتقاطرون من فجاج الأرض البعيدة تلبية لدعوة الله0(وأذنú في النِاس بالúحِج يِأúتْوكِ رجِالٍا وِعِلِى كْل ضِامرُ يِأúتينِ منú كْل فِجُ عِميقُ).
في البداية تحدث إلينا الشيخ أكرم عبدالله عمران إمام وخطيب جامع عمر بن عبد العزيز بقوله: كثر الهرج والمرج في واقع المسلمين ولكن عند ما ينضر المسلم إلى تلك الجموع التي تبعث في الروح بشائر الأمل لهذه الأمة يجد نفسه يستنكر كل ما يجري في واقع الناس من اختلافات طائفية ومذهبية وسياسية.
وأشار عمران إلى أن على العلماء والخطباء والمرشدين والإعلاميين استغلال الحج لتوحيد كلمة المسلمين ولجمع القلوب وتصفيتها و تذكير وتوجيه المسلمين لهذه المعاني(إنِ هِذه أْمِتْكْمú أْمِةٍ وِاحدِةٍ وِأِنِا رِبْكْمú فِاعúبْدْون)  ولا يمكن تحقيق هذه الوحدة إلا بتوحيد.
المنهج ولذلك قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحج ((لتِأúخْذْوا مِنِاسكِكْمú فِإني لِا أِدúري لِعِلي لِا أِحْجْ بِعúدِ حِجِتي هِذه)). وقال في آخر حياته: ((لقد تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي)).
فالمسلمون في جميع أمورهم منبعهم واحد ومنه يصدرون وإليه يرجعون هو كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فمهما اعتصمنا بهما حصلت الوحدة وجمع الكلمة وزال الشتات والفرقة وبدون التمسك بحبل الله لا يمكن أن تتحد صفوفها ويلم شملها ويقوى عودها(وِاعúتِصمْواú بحِبúل الله جِميعٍا وِلاِ تِفِرِقْواú).
«بذر الفرقة»
وأما العلامة أحمد الأحول فيقول : توحيد كلمة المسلمين وجمع قلوبهم من مقاصد الإسلام العظيمة وتضافرت نصوص الكتاب والسنة في الدعوة إلى التوحيد ونبذ كل ما من شأنه بذر الفرقة والحج من أعظم المناسبات لتوحيد كلمة الأمة ولم شملها فهو رمز للوحدة الحقيقية.
 ألا ترون الحجاج يستبدلون بزيهم الوطني زي الحج الموحد لا يتميز شرقيهم
عن غربيهم ولا عربيهم عن عجميهم كلهم لبسوا لباسٍا واحدٍا وتوجهوا إلى رب واحد بدعاء واحد: ((لِبِيúكِ اللِهْمِ لِبِيúكِ لِبِيúكِ لِا شِريكِ لِكِ لِبِيúكِ إنِ الúحِمúدِ وِالنعúمِةِ لِكِ وِالúمْلúكِ لِا شِريكِ لِكِ)) .
ألا ترونهم وقد نسوا كل الهتافات الوطنية وكل الشعارات القومية ونكسوا كل الرايات العصبية ورفعوا راية واحدة هي راية لا إله إلا الله يطوفون حول بيت واحد مختلطة أجناسهم وألوانهم ولغاتهم يؤدون نسكٍا واحدٍا. وعِنú أِبي نِضúرِةِ قال: حِدِثِني مِنú سِمعِ خْطúبِةِ رِسْول اللِه صلى الله علية وآلة وسلم في وِسِط أِيِام التِشúريق فِقِالِ:( يِا أِيْهِا النِاسْ! أِلِا إنِ رِبِكْمú وِاحدَ وِإنِ أِبِاكْمú وِاحدَ أِلِا لِا فِضúلِ لعِرِبيُ عِلِى أِعúجِميُ وِلِا لعِجِميُ عِلِى عِرِبيُ وِلِا لأِحúمِرِ عِلِى أِسúوِدِ وِلِا أِسúوِدِ عِلِى أِحúمِرِ إلِا بالتِقúوِى..). الله أكبر إنها الوحدة الحقيقة فمهما اختلفت اللغات ومهما تعددت الجهات ومهما تنوعت الجنسيات فديننا واحد وربنا واحد ونبينا واحد وقبلتنا واحدة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى ونحن أمة واحدة رغم أنف الأعداء وكل من حاول تشتيت هذه الأمة.
فما أجمل استغلال الحج لتوحيد كلمة المسلمين وما أجمل استغلال المناسبة لجمع القلوب وتصفيتها من الأحقاد السياسية والحزبية والعنصرية والمناطقية والمذهبية
ولنصدر للعلم معنى واعتصموا ونبين للقريب قبل البعيد معنى أخلاق المسلمين في ما بينهم ومع غيرهم .
«توبة وندم»
وأما الأستاذ عبد الله السميني مدير مركز النور لتحفيض القرآن الكريم فيقول:
إن أول كلمة تتلفظ بها في هذا الركن العظيم ((لبيك اللهم حجٍا)) ثم تعلن الطاعة والاستجابة بقولك: ((لِبِيúكِ اللِهْمِ لِبِيúكِ لِبِيúكِ لِا شِريكِ لِكِ لِبِيúكِ…)) ومعنى ذلك أيú إجابة بعد إجابةخضوعا لله وخشوعا .
وأضاف السميني إن من فوائد الحج ما يحدثه يوم عرفة في النفوس من توبة وندم: وخشوع وبكاء وكم من شاهد ليوم عرفة كان هذا اليوم سببا لهدايته واستقامته. وهل هناك كنز يقارن بكنز الهداية. ومن لم يخشع قلبه بعرفة فمتى¿! وذلك لنزول الرحمة وكثرة العتق من النار والافتقار والمسكنة ورفع أكف الضراعة إلى الله ورقة القلب وكثرة الدمع وفي صحيح مسلم عن عِائشِة أِنِ رِسْولِ اللِه ? قِالِ: ((مِا منú يِوúمُ أِكúثِرِ منú أِنú يْعúتقِ اللِهْ فيه عِبúدٍا منú النِار منú يِوúم عِرِفِةِ وِإنِهْ لِيِدúنْو ثْمِ يْبِاهي بهمú الúمِلِائكِةِ فِيِقْولْ: مِا أِرِادِ هِؤْلِاء¿)).
فلله كــم من عبرة مهـراقة          وأخرى على آثارها لا تقـدم
قد شرقت عين المحب بدمعها         فينظر من بين الدموع ويسهم.
وقد رغِب صلى الله عليه وسلم أمته في الحج وبين فضله وما أعد الله لمن حج وأحسن حجه من الثواب الجزيل فقال صلى الله عليه وسلم: «من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» رواه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: «العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلاِ الجنة» متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وفي الصحيحين أيضا عنه رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل¿ قال: «إيمان بالله ورسوله» قيل: ثم ماذا¿ قال: «الجهاد في سبيل الله» قيل: ثم ماذا¿ قال:»حج مبرور»
وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه عند إسلامه: «أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله» وختاما نسأل الله العظيم أن يبلغنا زيارة بيته ويجمع المسلمين على الخير كما جمعهم في مكة.

قد يعجبك ايضا