ذهبتْ باحثا عن استفهامات الحب لم أجده في كتب مجنون ليلى أو طوق الحمامة أو روايات ابن الرومي أو دواوين نزار بل هناك في قلب أنثى نعم إنها حوريتي في رحلة اسرائي آية حبَ كبرى من هناك ابتدأت معها وعندها فقط عرفت معنى الأنوثة عرفت نظرات الحسناء وأنامل حواء الآسرة وكتابات الملكة المتوجة بتاج الحب المرصع بياقوت الشوق وأحجار الهيام الزمردية إنها لوحة رسمت بإتقان وصنعت بإبداع ألوانها ألوان الطيف الممزوجة بزرقة السماء وشفافية السحب المتناثرة رسمت لتغيض القبح وتكشف أسرار جمال يوسف بل وجمعت بين روح عيسى وقداسة مريم فتحدت جمال الإنسان والطبيعة إنها خلقَ فريدَ من الروح وجسد غاية في الجمال ولست مغاليا إن قلت إنها ملاك تمثلت لي بشرا سويا إنها صفحات كتاب من كل قلبُ تألف . نقشته أيادي الذائبين في الحب وعمدته بصمات العاشقين عبق الأنوثة وريحانة الملوك إن دنوت منها يتملكك الجنون فتتمنى لو تتفطر إلى قطرات ماء ويْعاد تشكيلك إلى نسيج يخاط منه كل ثيابها فتضل ترتديك في كل وقتُ وحين .
صدفة في ذلك المساء وعلى الهاتف كان لقاؤنا في ذلك الوقت وفي تلك الدقائق كتبتْ كما أني ألعب لعبة هكذا أتفقنا حتى لا نضع أمام قلوبنا قيدا أو شرطا ونجعل القلوب هي من تحكي ابتدأتْ بمسائك ورد يا حبي الخالد ما زالت هذه البداية تحمل ذكرى جميلة داخلي أخذنا الحديث وتبادلنا الأدوار في اللعبة ناقشنا مفاهيم الشعور والإحساس بالحب وتولد الكره وتجاذبنا الشعور بأدائنا دور الحبيبين لكنه الشعور باغتني وتولد داخلي إحساس جميل قلت لها وقتها أحبك فماذا ترين أجابت تريث وأعد التفكير قد يكون تأثرا باللعبة وليس أثرا أصاب الفؤاد أجبت: بل والله أحببتك فردي يا حسناء أجابت أخاف من المجهول وخطت أناملها بعدها قائلة : وأنا كذلك أحبك فنطق فؤادي وقتها يا حسناء أحبك حباٍ يتوالى ولا يتوقف يتوالد ولا يموت يتكاثر ولا ينحد يبقى لأنه حبك ويستمر حتى الخلود أحبك والزمان توقف أحبك والمكان تناهى أحبك فقد صار حبك حتى قيام الساعة وكل شيء في الوجود توقف فتجلى حبك وحده ليعلن حبا أبديا خالدا .
لقد نطق قلبي بحبك من غير وعي ولم اجعل لعقلي حينها مجالا للتفكير وفاء مني بما تم الاتفاق عليه أن نجعل القلوب فقط هي من تحكي ..
بعد أن بادر قلبي الملكة بذلك الاعتراف وبادلتني ذلك الشعور عرفت معنى الحب الحقيقي استطعمته بكل ما تحمله الكلمة من معنى إنها عقد فريد من الحب النادر وتوالى الشعور يوما بعد يوم حتى انتقلنا من جنة الحديث إلى نعيم اللقاء كانت مواطن كثيرة تحضن لقااتنا لأداء طقوس الحب… ومشاعر الود والعشق الجنوني مواطن مارسنا فيها الشوق العذب والناطق بأجساد تلاقحت فأثمرت الهيام الذي أسهر العين وأسر الفؤاد وأرق الروح أخذتنا الأيام والليالي تبادلنا فيها أزكى الصلوات… ورتلنا فيها الحب آيات … في عش زوجي بناه الصوت والحديث أجمل العبارات انتقينا ومزامير الاصوات والآهات اعتنقنا فعلا أن الحب ديانة تلزمك التعبد في أوقات الشوق واللهفة للحبيب … تسمع الصوت .. وتتبادل الحديث مع الحب الخالد … وتعزف أوتار القلب أجمل ترانيم الود فتحس وقتها سكينة الارتياح تنزلت والطمأنينة بين القلوب استقرت والأرواح تجاذبت فتم السلام.. عند إذ الاحضان تصافحت وقبلت القلوب بعضها وتداخلت وامتزجت حتى صرنا واحدا يتلذذ لا أعرف ما الزمان وما قيمة المكان يذوبان وتزول المسافات أحسست بها في كل لحظة بقربي .. وهي تتقلب بين الفينة والأخرى حديثها بسمتها صوتها همسها في الصباح وغسق الليالي تناجينا موسيقى ونغم العشق بشغف .. لنغذي الشعور بسيمفونيات تداعب أوتار الحب داخل قلوبنا ولنصنع ذكرى خالدة لأيام جميلة مليئة بالكثير بالأحداث والمغامرات وتصير حكاية تحكى لأطفالنا لامست فيها كل شيء بدون حواس فصرت أحس كل حواسها ما أجملها تلك الفاتنة الحورية يدهشني حضورها وبهاؤها إنها الأنثى التي ليس سواها أنثى إنها الحب الذي ليس سواه يتقن الحب .. فأحببتها حتى ذابت ضلوعي بين أكتافها ولم أعد أعرف النوم إلا بين جسور أناملها ودفء صدرها أصبحت السكن والمأوى والنوم واليقظة صارت الحياة لي وما دونها ليس حياة .. فعلا كانت الليلة بألف ليلة صفحاتها تتألف لتصبح مسرحية افروديتية ليعبد الحب بسجود وركوع قلوبنا .. إنها صوامع الحب كنا نرفع فيها أنا والحسناء أذان العشق والهيام لتلتقي الأجساد لأداء العبادة كانت بقلوب لا تحمل الكبرياء قلوب سلمت وأجسادا تهادت … وافواه تنادت بترانيم حب غير معهود وشفاه سقت من جوفها الرحيق المختوم ولكنها ليت التمني تنزلت ليكتمل الفرض بأن السبيل سراب فخطت في سطور اللوح آية النسيان وقررت الآية الأخيرة فالخروج من الجنة إلى نفي بل منفى .
عرفت وقتها أن كتاب الجرح بدأ يسطر … وبدا قلم الموت يسقي نفسه من بحيرة العذاب .. فابتدأ يخط السكرات وابتدأ الاحتضار عندي ونطقت هي الوصية لكينا فكلانا يموت فقالت : ماذا حصل لم يحدث وان كرهتك أو قل حبك ولم يحدث ان نسيت أبسط التفاصيل بيننا فقدرك ومنزلتك لدي ليس لها قرار وحبي لكل ما فيك من قلب وعقل وفكر وروح وكلام لم يتغير وحبك منعني من أن أفكر بأي شيء وانك لن تكون لي في النهاية هذا وجعي واحس أني انتهيت وبدأ الزمان يتلاشى والمكان تناهى والحب أفل فعرفت الحب بداية وعرفت الحب نهاية وانتهت القصة وأغلقت الحاصرتان.
يا أيتها الوردة في وادي المشرق مبتسمة للشمس ومتفتحة عند هطول الامطار ومعانقة الريح حياتك مع النسيم في ذلك الصباح الجميل تغير فاهجري الوادي فإن الشمس قد غربت والسماء كفت يدها فجف المزن والريح دفنت في رمال الصحراء فغاب الهواء وماتت بساتين الأرض ودلف المساء بلا مساء فانتهت الوردة وتلت الزهرة في خاصرة الجرح الاليم هكذا اتيت أسراء حب وارتحلت معراج موت إلى سماء بلا سماء فكانت ولم تعد تكن وكنت ولم أعد أكن فقاب قوسين كنا وقاب قوسين انتهينا.