أشتاقني

1
* تشتاقك..
فتذهب إلى نفسك من نفسك المهمومة بواقعها وبلواعجها واحتدامها وعراك نوازعها وتطواف طموحاتها ومهاوي خيباتها ونشوة أمجادها وخيلاء حضورها الباذخ في وميض الشتات.
تذهب إلى نفسك مغردا:
– أشتاقني.. أشتاقني.. كم أشتاقني..¿!
2
* أشتاقني…!!
يالها من لهفة عارمة, تتدفق أفراحا وأتراحا, وغبطة ومسرة, وحسرات, كأنها نفثة طالعة من أغوار/ فوهة بركان مصفد من عصور غابرة . لحظة انتظرها طويلا , وآن له أن يبوح بمكنوناته الدفينة / الحبيسة .
ويالها من زفرة ولع وولوع ووله وتوله وألفة وتتيم , وشغف وصبابة وهوى وهيام وغرام وكلف ونزوع ووجد وود, واشتياق تفيض به الأعماق. وتنضح به شرايين القلب, وتلهج به الروح, وتتنغاه أيام العمر المترعة ببهجة تندلع به المعاني والأخيلة, ويتغناه الوجدان بنشوة ثملة لاحدود لها.
3
يالك من جاحد عريق, وناكر قرابة عتيد , وقاطع مودة أثيم وهاجر موطنه, وصارم موئله والمتنائي بجفاء غريب عن نفسه والنافر في الهجر عن كينونته وكنهه وذاته .
ويالك من قاس وموجع في تجاهله وإهماله ولامبالاته لذاته , ولأناه..!!
كأنك من جلمد أصم, ومن فولاذ مصبوب ومن فراغ مخيف , ومن حجر صلد وجليد شديد, هاجرت منك المشاعر, وسحقت فيك الأحاسيس, وفشلت كل عاطفة من أن تجد لها في أعماقك القاحلة أي موطئ أمل لغزوك والانتشار فيك ..!!
4
لقد أترفتك الحياة, بثرائها من أرصدة الهموم المتصاعدة وثروات القلق المتراكمة ومساحات شاسعة من التعب والسهد والأرق والهلع والفزع والحذر والخشية والتوجس المخيف والظنون المتنامية الأطراف تجاه كل قول وفعل وابتسامة مصطنعة وغيرة آسنة وقاتمة معشعشة ومتكلسة في قلوب دهسها الحقد تحت عجلاته الثقيلة..!!
5
ما زال هو من هو أنت ولم تزل أنت من هو أنت..من أول السطر لم يتغير فيكما أي شيء إلا أنت المتغير وهو الثابت..
أنت المثخن بمعارك طموحاتك وخيبات مسيراتك وانكسارتك وألوان همومك وشغفك المشتعل بما لا تدري وهلعك المتسارع الاتساع بما لا تعلم.
وإيقاع حياتك اللاهث وتوجسك الحاد من كل شيء وارتيابك في كل أفق يفتح لك مساراته أو ريح متأرجة تسفح تحت قدميك وحواليك أسرارها الناعمة..!!
أنت لا هو من تحول جسده إلى خارطة طريق للتعب ومسامات يتنفس منها الأسى ويفرز عرقه المخلوط بروائح ندم وحسرة واعترافات مبطنة ومبللة بالخيبة..!!
أنت لا هو من صال وجال مع كل هبة ريح ومد ظلاله فوق كل سراب واتكأ على مواعيد ووعود من غبار وعلى آمال هشة غائبة عن وعيها..¿!
أنت لا هو من دلق هدوءه على قارعة القلق وأستمر ما يمجه الراسخون في الذلة والدعة والجنوح إلى اللامبالاة والحياد والانغماس في الزوايا المعتمة.

قد يعجبك ايضا