ربما يستظل هنا عاشقان

غربتك المدينة ..
فابحث لنفسك عن وطن
لا يزال الحصى فيه
يفضي بأسرار من رحلوا ..
لا تزال الرياح
تؤرخ للغيم رحلته كل عام.
****
غربتك المدينة ..
فابحث لروحك عن وطن ..
في زحام المنافي ..
فقد تتعثر يوما به..
وطن ..
ظل يحفظ للماء سيرته…
وطن ..
لا يموت الندى فوق خديه
بل يزدهي نشوة ..
الندى ..
قطرات دموع المحبين..
تولد في كل يوم ..
لتكمل رحلتهم
باتجاهö الخلود.
****
المدينة تلك التي غربتك ..
وأعطتك نعشا..
وزوادة..
وعصا ..
وخيال امرأة ..
فتلت من جدائلها المدلهمة
أرجوحة
نصبتها على ركبتيها ..
لمن جاء منتعلا نصف وجه ..
عجيزة أنثى ..
فروة رأس ..
قبلة أم لواحدها ..
ومضت في غواياتها
غير عابئة
بالصباح الذي مر يوما بها
ثم أقسم ألا يعود.
****
في المدينةö ..
كانت فتاة تجيد الغناء لقلبöك
كانت تغني ..
فسيتحكم السكر
في شفتي النبيذ..
كانت تغني..
فيشنقني صوتها
من حنيني إلى حضنö أمي
فأرتد طفلا يفتش في روحه
عن بقايا دماه..
وكانت تغني
فيأخذني وجعي
باتجاه المساء
الذي انسل من كنف الوقت
منفردا مثل
أول قبلة.
****
سرقتك المدينة
طفلا ..
طريد القبيلةö ..
تلك التي أهدرت كل حلم
أويت إلى ظلهö
في هجير الزوامل..
أنت .. يا من نفتك القبيلة
يا عروة العصر ..
هذي خيول القبيلة قد أقبلت..
أغلق الكل دونك أبوابهم
وأبو جهل المتعجرف
أغلق باب السماء
وبيت ابن حرب
حليف القبيلة
ترى هل سيحميك
بيت القصيد ¿!
****
أيها الحب..
أشهد أنك لست الذي استل خنجر قابيل..
لست الذي جاء متشحا سيفه
وامتطى خيل طروادة (فاتحا)
لست من أشعل الحرب بين قبائلنا العربية..
لست الذي أهلك الحرث والنسل في هيروشيما..
“ببساطة”..
أنت من قال للنار كوني سلاما.. فكانت.
وللناس كونوا سلاما
ولكنهم لم يكونوا.
******
أنت ..
يا عروة المتوسöد وحشته
ضائع ..
مثل حبة قمح
نفتها قبöيلتها السنبلة ..
حائر..
مثل سنبلة
خلفتها المناجل
وحدك كنت ..
ووحدك صرت ..
ووحدك تعرف
كم أنت وحدك.
****
أيها الشعراء
الذين أباحوا قصائدهم
للمنافي
تعالوا بنا
نتحلق حول قصيدتنا الأم
مثل الصعاليك …
كان الصعاليك
يجتمعون
ليستدفئوا بالقصيدة ..
في زمهرير المسافة
بين بطون الجياع
وبيت زعيم القبيلة .
كانوا يؤمون أنفسهم
ليروا كيف يمكن للجدب
أن يتمخض عن حلم
وارف
مثل صوت الفتاة
التي في المدينة
كانت تجيد الغناء لقلبك .
****
يا رفيق الكنايات والليل والنار
والقمر المتراقص في الفلوات
كانت الفلوات تبادلك الوجد حينا
وحينا تكابر مثلك..
مثلك تفعل
إذ كنت تذرو القصيدة في رحم الرمل
تلقي هنا غيمة ..
وهنا السرو سوف يشب سريعا ..
ربما يستظل هنا عاشقان..
هناك على ذلك التل
ذئبا يدانيك توقا إلى ذئبة تتقن الرقص..
كنت تعلم
أنك تبذر جسمك في الكائنات الحفية بالضوء
تنحر للطرقات الأغاني ..
كنت تؤمن أن “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”.

قد يعجبك ايضا