السيستاني:لا خيار إلا انتصار الإصلاحات وحماية العبادي

قال معتمد المرجع السيستاني السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة أمس بمدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) عبر قنوات محلية ان معركة الإصلاحات التي “نخوضها هذه الأيام هي معرمة مصيرية تهدد مستقبلنا ومستقبل بلدنا ولاخيار لنا شعبا وحكومة إلا الانتصار فيها لكن هذا يحتاج إلى صبر وأناة وتضافر جهود كل المخلصين من أبناء الشعب العراقي”.
وأشار إلى انه بعد سنوات من تفاقم الفساد وتجذره وتشعبه على مستوى الأشخاص والأجهزة الحكومية فإنه لا يمكن الوصول إلى الإصلاح المنشود في أيام معدودة لكنه يجب عدم التهاون في اتخاذ إجراءات حقيقية وصارمة في هذا الاتجاه مشددا على ضرورة إصلاح الجهاز القضائي ليقوم بمهامه على الوجه الصحيح في متابعة ومحاسبة الفاسدين مع كثرة سراق المال العام وانتشار عمليات الخطف والرشاوى في مفاصل المجتمع منوها بأن كل ذلك هو نتيجة لتخلف المسؤولين عن هذا الجهاز بالقيام بواجباتهم الفانونية.
ودعا السيستاني إلى حماية الاصلاحات عبر قوانين وتشريعات تمنع اي فرصة عن المتضررين بالشكوى ضدها بحجة مخالفتها للقوانين فتتحول إلى حبر على ورق. وطالب بتعديل بعض القوانين وتشريع اخرى تكفل تحقيق حماية الإصلاحات, داعيا إلى الحكومة إلى إلى تقديم مشاريع بهذه القوانين إلى مجلس النواب لاقرارها وسد اي منفذ للتراجع عنها وشدد بالقول انه ليس أمام الرئاسات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية سوى المضي بتنفيذ الاصلاحات والاسراع بالخطوات اللازمة لمحاسبة كبار الفاسدين من سراق المال العام ودعم المكلفين بمهمة الاصلاح وحمايتهم من اي سوء قد يقدم عليه ضدهم الفاسدون واتباعهم في اشارة على ما يبدو إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي قال مؤخرا انه مستمر بإجراءات الإصلاح حتى وان كلفه ذلك حياته.
ومن جهة اخرى طالب السيستاني الحكومة بدعم المقاتلين ضد تنظيم داعش من القوات الأمنية والمتطوعين ورجال العشائر تسليحا وتدريبا وتمويلا ورعاية عوائلهم منوها بأنهم يضحون بأرواحهم من أجل شعبهم وبلدهم.
ووصف معتمد السيستاني المعركة ضد داعش بأنها من اشرف المعارك واحقها لانها دفاع عن الشعب والبلاد والمقدسات ضد عصابة تقوم بسبي النساء واغتصابهن وقتل الأبرياء وتشريد الآلاف من المواطنين وتهديم الشواهد الحضارية التاريخية. وأشار إلى أن الأمن والاستقرار الذي تنعم به محافظات عديدة هو نتاج جهود “هؤلاء الأبطال” وقال: “لكنه يجب ان لا تسنينا معركة الاصطلاحات ضد الفساد عمن يضحون في المعركة ضد داعش” .
وعلى الصعيد نفسه فقد حمل السيستاني حكام البلاد خلال السنوات الماضية مسؤولية سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات وقال إنهم اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية ولم يراعوا المصالح العامة للشعب. وأشار مكتب السيستاني في بيان صحافي رد فيه على أسئلة وردت اليه من وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن “السياسيين الذين حكموا البلاد خلال السنوات الماضية يتحملون معظم المسؤولية عما آلت اليه الأمور” موضحا أن “كثيرا منهم لم يراعوا المصالح العامة للشعب بل اهتموا بمصالحهم الشخصية والفئوية والطائفية والعرقية فتقاسموا المواقع والمناصب الحكومية وفقا لذلك لا على أساس الكفاءة والنزاهة والعدالة ومارسوا الفساد المالي وسمحوا باستشرائه في المؤسسات الحكومية على نطاق واسع”. وأضاف: إن “ذلك كله بالإضافة إلى غياب الخطط الصحيحة لإدارة البلد وأسباب أخرى أدى إلى ما نشاهده اليوم من سوء الأوضاع الاقتصادية وتردي الخدمات العامة”.
وأكد السيستاني أن تنظيم “داعش” لم يتمكن من السيطرة على الأراضي العراقية لولا استشراء الفساد في المؤسسة الأمنية وسوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر محذرا من زيادة سوء الأوضاع والوصول إلى تقسيم البلاد إذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي. وقال: “لولا استشراء الفساد في مختلف مؤسسات الدولة لاسيما المؤسسة الأمنية ولولا سوء استخدام السلطة ممن كان بيدهم الأمر لما تمكن تنظيم داعش الإرهابي من السيطرة على قسم كبير من الأراضي العراقية ولما كانت هناك حاجة إلى دعوة المرجعية العليا للعراقيين إلى الالتحاق بالقوات المسلحة للدفاع عن الارض والعرض والمقدسات”.
وأضاف السيستاني إنه “إذا لم يتحقق الإصلاح الحقيقي اليوم من خلال مكافحة الفساد بلا هوادة وتحقيق العدالة الاجتماعية على مختلف الأصعدة فإن من المتوقع أن تسوء الأوضاع أزيد من ذي قبل وربما تنجر إلى ما لا يتمناه أي عراقي محب لوطنه من التقسيم ونحوه لا سمح الله” مشددا على أنه “هنا تكمن الأهمية القصوى للدعوة إلى الإسراع في الإصلاح التي أكدت عليها المرجعية الدينية العليا”.
وكان السيستاني قد دعا في السابع من الشهر الحالي ئيس الوزراء حيدر العبادي لأن يكون أكثر “جرأة وشجاعة” في خطواته الإصلاحية والضرب بيد من حديد لمن “يعبث” بأموال الشعب كما طالبته بعدم التردد في إزاحة المسؤول غير المناسب وان كان “مدعوما”.
وقرر العبادي أمس الاول تخفيض اعداد حمايات المسؤولين والرئاسات بنسبة 90% ووجه بإعادة هيكلة افواج الحماية الخاصة بالرئاسات الثلاث وإعادة تخصيصات مكاتب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء إلى الخزينة العامة وتشكيل لجنة عليا تعنى باختيار المرشحين للمناصب العليا.
يشار إلى أن عدداٍ من المحافظات العراقية تشهد تنظيم تظاهرات حاشدة يشارك فيها العشرات من الناشطين والمواطنين تنديداٍ بسوء الخدمات والفساد ونقص الطاقة الكهربائية.

قد يعجبك ايضا