ليس هناك ادنى شك بأن السياسة الدولية قد تعاظم خطرها واظهرت حقيقتها في الظرف الراهن كعالم أخطبوطي وشيء دائما ما يكتنفه الغموض ويحركة الفجور العالمي الذي يرسم معالم وابعاد تلك السياسة ومحدداتها المخيفة تجاه الشعوب المستضعفة والمنطقة العربية على وجة العموم.
ودائما ما تعمل القوى الدولية عبر مراحل تاريخية وكذلك عبر صراعاتها المعلنة والخفية مع شعوب البلدان النامية على إذكاء الصراعات وإيجاد اوضاع غير طبيعية أكان ذلك على المستوى السياسي او الاقتصادي في اليمن على سبيل المثال خصوصا طيلة الاربع السنوات الماضية كانت واحدة من البلدان العربية التي واجهت تدخلا في شؤونها الداخلية تكلل بالعدوان السعودي الغاشم الذي اهلك الحرث والنسل في البلاد والقوى الكبرى هي من اعطت الشرعية والمشروعية لذلك العدوان وصارت الامم المتحدة جزءا من تلك السياسة فمنذ نشأة تلك المنظمة دائما كانت وما زالت وستظل تآزر الجلاد على الضحية فهي لم تحرك ساكنا إزاء ما يقوم به العدوان السعودي بحق الشعب اليمني من دمار وحصار بقدر ما يهمها تحقيق مصالح القوى الكبرى فلو لم تكن تلك المنظمة متواطئة لكانت الحرب توقفت ولكانت المساعي السلمية قد نجحت ولكن ما هو واضح بحسب مراقبين هو أن هناك مخططا دوليا واقليميا يسعى لفصل الجنوب عن الوطن الأم على غرار ما حصل في السودان كون ذلك الجنوب يمثل اهمية استراتيجية وتتركز فيه نسبة كبيرة من الثروات النفطية .
وبالتالي فإن إنزال قوات أجنبية ومعدات حربية وعسكرية لمدينة عدن ليس بمعزل عن استحقاق يأتي ضمن استخطاطيات دولية قديمة جديدة في آن واحد لتحقيق مزيد من الهيمنة ومشاريع التقسيم والتفكيك ورسم خرائط جديدة لكيانات هشة وغير متماسكة وادخال اليمن في مأزق الحروب الداخلية وإبقائها دمية في السياسة الدولية لا قرار مستقل لها وبلا رؤية محددة تجاه المتغيرات الاقليمية .
تلك هي حقيقة السياسة الدولية مهمتها إثارة النزاعات واشعال الحروب والصراعات وادخال البلدان دوامة الفوضى السياسية والاقتصادية لتأتي عقب ذلك القوى الدولية او المنظمة الدولية التابعة لها وتذر الرماد على العيون وتدعو إلى ضرورة ارسال المساعدات الانسانية واخفاء الاسباب المباشرة التي ادت الى ذلك .
وهو ما يتطلب من كافة القوى السياسية الوطنية داخل ساحة العمل السياسي إدانة واستنكار التدخلات الخارجية بكافة اشكالها وانواعها كون تلك التدخلات لا تخدم إلا الاجندة الدولية ولا تضر إلا مصالح الشعب ووحدته الوطنية كما يتطلب من تلك القوى أيضا حشد الطاقات المخلصة وكل الجهود الخيرة لإنهاء النزاعات القائمة ما لم ستبقى تلك الصراعات والتدخلات الخارجية تتجاذب اليمن وتؤثر على أمنه واستقراره وتجعله غير قادر على الخروج من أزمته الراهنة.