يعود الملف النووي الإيراني إلى الظهور على الساحة السياسية مجددا بعد أن تم التصويت عليه من قبل مجلس الأمن بالإجماع والموافقة على اتفاق يحل الأزمة الشائكة حوله واتجاهه نحو الحلحلة السلمية له بعد الجهود الحثيثة التي قادتها دولة الصين وبضغطها المستمر على الولايات المتحدة بالسير نحو إيجاد حل عادل للقضية يرضي جميع الأطراف إلا أن توقعات بعودة ذلك الملف إلى أماكن الجدل الحاد والاختلافات العميقة لازالت مطروحة خاصة أن هناك بواعث من احتمالات رفض مجلس الشيوخ الأمريكي لهذا الاتفاق وهو ما سوف يضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما في صراع حتمي لا مفر منه فعند التصويت من قبل مجلس البرلمان الأمريكي بالرفض سوف تبدأ بوادر دوامة التصدعات للسياسة الخارجية الأمريكية مع الدول الراعية للاتفاق خاصة مع جمهورية الصين الشعبية حيث أن الأخيرة قامت بتخفيض استيرادها للمشتقات النفطية من حكومة طهران على الرغم من احتياجها الشديد للنفط نظرا لأن طهران كانت تحت طائلة العقوبات التي تم طرحها من قبل مجلس الأمن على إيران على رأسها دول دائمة العضوية فيه (خمسة زائد واحد) إلا أن بروز مخاوف من كسر تلك العقوبات من قبل الصين في حال رفض الأمريكان الاتفاق وبإعادة استيرادها للمشتقات النفطية بشكل طبيعي من إيران وعلى أثره سيقوم الرئيس الأمريكي بفرض عقوبات على دولة الصين وهنا يبدأ الصراع الأمريكي الصيني وبسيطرة الثاني على العديد من الملفات الساخنة الشائكة بين البلدين وظهورها على السطح خصوصا في الجانب السياسي كالأزمة السورية والملف النووي الإيراني .
وأكد أعضاء بارزون بالحزب الجمهوري سابقا أن مجلس النواب الذي يتمتع فيه الحزب بأغلبية سيصوت على مشروع قانون لرفض الاتفاق النووي الموقع بين القوى الدولية وإيران حين يعود الأعضاء إلى واشنطن في سبتمبر.
وبموجب قانون مراجعة اتفاق ايران النووي الذي وقعه الرئيس باراك أوباما في مايو فإن أمام الكونجرس حتى 17 سبتمبر المقبل ليقر أو يرفض الاتفاق النووي بين ايران والقوى العالمية الذي أعلن في 14 يوليو الماضي.
وقد يتسبب صدور قانون بالرفض في عرقلة الاتفاق من خلال تجريد أوباما من القدرة على رفع معظم العقوبات الأمريكية على إيران بشكل مؤقت ووعد أوباما باستخدام حق النقض في حالة تمرير الكونجرس للقانون.
لكن المبادرة الدبلوماسية من جانب أوباما حظيت بتأييد مهم في الكونجرس في أوساط حزبه الديمقراطي ويعني ذلك أنه حتى إذا قرر الكونجرس قرارا بعدم الموافقة فإن الجمهوريين لن ينجحوا على الأرجح في الحصول على ما يكفي من أصوات لتجاوز حق النقض الذي يتمتع به الرئيس.
وحصل الاتفاق على تأييد كل من تيم كين العضو الديمقراطي المعروف في الكونجرس الأمريكي والذي شارك في وضع قانون يسمح للكونجرس بمراجعة الاتفاق النووي مع إيران وباربرا بوكسر وهي أحد الأعضاء اليهود الكبار في مجلس الشيوخ وبل نيلسون .
ويملك أعضاء الكونجرس أسبوعين فقط للتشاور والتصويت على مشروع قانون الرفض بعد العودة من عطلتهم في أغسطس.
وتوقع مسؤولون أميركيون ودبلوماسيون أوروبيون أن المثال الصيني ليس سوى أحد التداعيات الكثيرة المتوقعة إذا أعاق الكونغرس الاتفاق الذي يضمن لإيران تخفيف العقوبات مقابل فرض قيود على أنشطتها النووية.
ومن بين تلك التداعيات خلاف محتمل بين جانبي الأطلسي بهذا الشأن وإلغاء إيران الاتفاق وعودتها سريعا للتخصيب النووي واسع النطاق بل ومعارك قضائية أميركية بسبب العقوبات.
وتكافح إدارة أوباما من أجل إقرار الاتفاق الذي سيعد إنجازا في إرث الرئيس. ولدى الإدارة دوافع كثيرة لتصوير بدائل قاتمة للاتفاق مع إيران.
ووصف أوباما الخيار بأنه “بين الدبلوماسية وشكل من أشكال الحرب” مع إيران كما يتفق حلفاء أوروبيون وبعض المحللين على أن إحباط الاتفاق سيكون باهظ الثمن.
وقال مسؤول السياسة الخارجية السابق في الاتحاد الأوروبي خافيير سولانا الذي ساعد في إطلاق أول محادثات نووية مع إيران عام 2004م لرويترز “ستكون ضربة قوية جدا للولايات المتحدة في العالم. وستكون سيئة أيضا بالنسبة للشرق الأوسط بأسره ولإسرائيل .
ودرس مسؤولون أميركيون سيناريو آخر هو أن إيران ستلتزم بالاتفاق حتى إذا صوت الكونغرس برفضه وقد ترد دول كثيرة بوقف الالتزام بالعقوبات على إيران مما سيثير الشقاق مع واشنطن.
ويتساءل المحللون السياسيون في الأخير: هل سيكون البديل في حال استمرار التعنت والرفض من قبل الكونجرس الأمريكي للاتفاق النووي مع إيران هو الحرب¿.. وما ستكون عليه مواقف الدول الأخرى الكبرى¿
Next Post
قد يعجبك ايضا