*الترويج لهذه المنتجات يدفع الأطفال إلى المواد المضرة والمحظورة
منتجات تغذية الأطفال التي توحي أشكالها أو عبواتها بأي شكل من أشكال المواد المضرة بالصحة تعتبر مخالفة للمواصفات القياسية وممنوع تداولها.
والمشكلة هنا أن الأطفال يجدون معها متعة لا مثيل لها وهم يستنشقون الحلويات على أنها مخدرات كما يشاهدون بالتلفاز وأخرى كحلوى الشوكولاتة او اللبان التي تأتي على شكل سيجارة حيث يستمتعون بها على أنها سيجارة حقيقية..
ومعها يعمد الأطفال إلى تقليد آبائهم وذويهم وتستمر الحال إلى أن يبتعد حاجز الخوف فيقومون بإدمانها فعليا وهذا ما تسعى إليه شركات التبغ عبر ترويجها في وسائل الإعلام حتى يتسنى لها صيد أكبر عدد من المتعاطين تحت شريحة الأطفال التي ترى فيهم مستهلكين مستقبليين لسنوات قادمة طويلة.. والتحقيق التالي يكشف أبعاد هذه المشكلة ومخاطرها على الطفولة..
ويبحث ممكنات الحلول.
الوالد حسين الأسطى وهو يشتري حلوى الشوكولاتة التي تأتي على شكل سيجارة يقول : إن الحلوى التي تأتي أشكالها مختلفة ومقلدة لمنتجات التدخين الحقيقية هي ما يسعى إليه الأطفال بدافع الرغبة وحب الفضول في تناولها وشرائها وفي الحقيقة هي أيضا تلفت انتباهنا فكيف بالأطفال ولا يسعنا إلا شراءها إرضاء لهم.
ومن وجهة نظره يرى أنها مجرد شوكولاتة أو حلوى لا ضرر منها على الرغم من أن هناك الكثير من الآباء والأمهات يمقتون هذه الأشكال من الحلويات.
أما سحر عبدالله أم لثلاثة أطفال فترفع شكواها إلى الله بعد أن يئست من أصحاب المحلات الذين يبيعون حلويات الأطفال على شكل السيجارة وتقول: كنت أذهب الى المحلات التي تبيع مقلدات التبغ للأطفال وأحاول تهديدهم بأني سأوصل شكواي إلى وزارة الصناعة وإلى منظمات مكافحة التدخين لكن دون جدوى وبالفعل اشتكيت بالعديد من المحلات التي تقوم ببيع هذه المقلدات خاصة وأن لدي أحد أبنائي كان يقوم بشراء مثل هذه الحلويات المقلدة للسيجارة حتى أصبح مدمن سيجارة حقيقية لكن لا حياة لمن تنادي .
فيما يؤكد عبدالغني القدسي موظف على أن التشريعات اليمنية تمنع استخدام العبوات أو الصور التي تسيء إلى الأخلاق والترويج لعملية التدخين الذي يولد لدى الطفل أو الشريحة المستهدفة الإقبال على التدخين ويرجع ذلك إلى غياب التوعية.. كما أن الحملات ليست كافية للمجتمع وتحذيرهم بأن هذه المنتجات محظور استخدامها لأنه يترتب عليها مشاكل ثقافية كثيرة أخطرها إدمان هذه الأشكال حقيقة.
ترويج مخالف
ومن جانبه أوضح محمد الخطيب – مدير إدارة التثقيف ببرنامج مكافحة التدخين – أن شركات التبغ تسعى بخطى حثيثة لصيد أكبر عدد من المتعاطين واتخذت وسائل إعلانية لمنتجاتها بشكل غير مباشر والشريحة المستهدفة التي تنطلي عليها تلك الألاعيب هي شريحة الأطفال وهم العملاء الذين يرون أنهم سيكونون المستهلكين لمنتجاتهم لفترة 40 أو 50سنة مقبلة ومن تلك الصور هي صناعة حلويات مغلفة على هيئة السيجارة بمختلف الأحجام.
وقال: من هنا تبرز عملية الترويج للتبغ والتشجيع على التدخين فعندما يتناول الطفل تلك الحلوى ويضعها في فمه مقلداٍ أحد أفراد أسرته الذي يدخن فعلاٍ يستشعر بعقله بأنه يدخن كما يدخن أبوه وهذا العمل يكسر حاجز الخوف عند الطفل من خوض التجربة للتدخين الفعلي ويساعد في ذلك المصروف اليومي الذي يتحصل عليه فيبدأ بالتجربة والصاحب ساحب كما يقول المثل ويدخل الطفل حظيرة الضياع ويستنشق النيكوتين ويتعمق بذلك وهنا تسوء صحته وأخلاقه وبالصحبة ممكن التطور إلى مالا يحمد عقباه في سبيل الحصول على حبة سيجارة .
أسعار مغرية
وشدد الخطيب على انه يجب أن يراقب أولياء الأمور أولادهم واختيار الصحبة الطاهرة الخالية من التبغ والتدخين فبداية السلوك الخاطئ يكمن في حبة سيجارة.
مشيراٍ إلى أنه لابد من بذل الجهود والسعي لخلق جيل خالي من الأمراض والأوبئة المنتشرة والحفاظ على الفرد من نعومة أظافرة من وباء القطران والنيكوتين المشوه لتلك الأنامل البريئة التي ينبغي أن تحمل القلم وريشة الرسم لترسم طفولة بريئة بعيدة عن مصائد شركات التبغ الترويجية والتي لا تألوا جهداٍ في السعي نحو الربح والنماء بطرق مختلفة من الإغراءات والترويج بطرق مباشرة وغير مباشرة من خلال المسابقات والمهرجانات ودعم الأندية الرياضية ودعم مقلدات التبغ والتي تتمثل بصور مختلفة للشوكولاتة والبسكويت والعلكة الشبيهة بالسيجارة الحقيقية وكل هذا بتهاون من جهات الاختصاص بوزارة الصناعة والتجارة والإدارة العامة للمواصفات والمقاييس.
وواصل حديثه بالقول: الطامة هي أن تلك السلع تتوفر بشكل مغر للطفل وبسعر زهيد وفي متناول الجميع مما يسهل شراءها لتكسر حاجز العيب أولاٍ وحاجز الممنوع الصادر من الأسرة ورب الأسرة ثانيا ويأخذها الطفل بنفس طريقة تعاطي السيجارة الحقيقية كما يلعب مروجو شركات التبغ دورا كبيرا من خلال الإعلام والتلفزيون بشكل خاص حيث لم يسلم الصغار من الترويج عبر الرسوم المتحركة المختلفة …ناهيك عن دور الكبار وفقدان القدوة الأصلية بشخصية الأبوين في البيت ومدرس الفصل في المدرسة الذي ينهل منه العلم والمعرفة …كل تلك النقاط تسهل وقوع العديد من الأطفال فريسة سهلة لتعاطي التبغ الحقيقي والسيجارة الحقيقية بعد التمثيل البدائي بالشوكولاتة الشبيهة بالسيجارة.
مؤكداٍ أن التمثيل البدائي بالشوكولاتة الشبيهة بالسيجارة تجعل العديد من الأطفال فريسة سهلة لتعاطي التبغ والسيجارة الحقيقية .
التوعية مطلوبة
ولتتبع المشكلة قامتا معدتا التحقيق بالمتابعة في نيابة الصناعة والتجارة وحضرتا جلسة استماع استدعي فيها أحد بائعي مقلدات التبغ باسم شوكولاتة سيجاركو وهناك صور للكمية التي تمت معاينتها في إحدى المدارس بأمانة العاصمة وتم معها عمل العديد من الأنشطة نفذت في المدارس بأمانة العاصمة للبنين والبنات والتي استهدفت من خلالها توعية 10.000طالب وطالبة من المرحلة الأساسية والثانوية تحدثت عن أضرار التبغ والتدخين ومقلدات التبغ بجميع صورها إلى جانب عمل محاضرات في إحدى المدارس للفتيات للمرحلة الثانوية.
التهريب أحد الأسباب
وفي المواصفات والمقاييس تحدث إبراهيم الحشف – نائب المدير العام للشؤون الفنية بالهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة عن أن المنتجات بالذات منتجات تغذية الأطفال التي أشكالها أو عبواتها توحي بأي شكل من أشكال المنتجات التي تعتبر مخالفة للمواصفات القياسية وممنوع تداولها وقال : إن الهيئة تمنع دخول مثل هذه المنتجات المستوردة أو حتى إنتاجها محلياٍ ولكن ما يوجد وتعج به الأسواق المحلية عادة يأتي عبر التهريب.
ودعا الجهات المعنية بالرقابة على الأسواق إلى سحب هذه المنتجات ومنع تداولها لما تمثله من خطورة في تشجيع شريحة الأطفال على هذه المنتجات.
منوهاٍ إلى أن الهيئة تقوم بشكل مستمر بين فترة وأخرى برفض المنتجات المخالفة وكان آخرها خلال الأشهر الماضية قبل العدوان الذي يتعرض له شعبنا اليوم في فرع الهيئة بالمنطقة الحرة في عدن حيث كان يوجد لبان باكستاني على شكل سجائر وتم رفضه ومنع دخوله إلى أسواقنا المحلية.. وهي سلع ممنوعة ولدينا مواصفة ولائحة فنية تمنع ذلك.
رقابة ولكن!
وعن دور وزارة الصناعة والتجارة الذي يبدو غائباٍ تماماٍ يقول عبد الفتاح الكميم نائب وزير الصناعة والتجارة إن الوزارة تلقت العديد من الشكاوى من قبل جهات مختصة بوزارة الصحة تفيد بأن هذه البضائع تباع للأطفال كشوكولاتة على شكل سيجارة أو بودرة على أنها مخدرات والطلب عليها يزداد بشكل كبير جداٍ.
لكنه يعترف بأن دور الوزارة يقف عند توجيه رسالة للمواصفات والمقاييس بمنع دخول مثل هذه المنتجات إلا بعد فحصها وخاصة منتجات الأطفال لكنها دخلت وتباع في البقالات بشكل مفرط للغاية .
ويعيد السبب إلى عدم وجود مخصصات مالية لتنفيذ النزول الميداني واتخاذ الإجراءات اللازمة بالإضافة إلى غياب الأمن والأمان للموظف المختص بالرقابة خاصة في ظل ظروف البلد الحالية.