العيد.. خلف القضبان

أن يحل عليك العيد وأنت بعيد عن أسرتك بملء إرادتك وبكامل حريتك وبين أن تكون بعيدا إجباريا وخارج حريتك ولأكثر من عيد وربما لأكثر من ثلاثين عاما عن أطفالك وأسرتك وأهلك, بون شاسع, وفارق كبير.. وألم لا يشعر به إلا من عايشه أو استمع لأحد المجربين.
مئات النزلاء خلف قضبان الإصلاحيات المركزية.. تتراوح مدة بقائهم في السجون ما بين العام إلى الثلاثين عاما.. البعض منهم قد تعود على قضاء الأعياد خلف أسوار السجون وذلك يعود لبقائهم بالسجن لفترة الطويلة.. ما جعلهم يستسلمون ويرضون بالواقع الذي وضعهم القدر والأوضاع والظروف فيه.. والبعض منهم ما  يزالون حديثين على الإصلاحيات يعيشون حالة مأساوية من الألم والحزن لحلول عيد الفطر المبارك وهم بعيدون عن أهاليهم وأسرهم.
“قضايا وناس” حرص على أن يعيش اللحظة مع هذه الفئة بالسجن المركزي.. إذ وجدنا مشاعرهم في هذا العيد لا تختلف عن بعض.. ومن خلال لقائنا بالنزلاء ” منصور المدان, عبده علي سبيع, ماجد ابراهيم حمزه” نلخص لكم وضعهم وطقوس العيد عندهم.   
من خلال حديثنا مع النزلاء الآنف ذكرهم نجد أن الشعور الذي يلازم كل سجين خلال أيام العيد والمناسبات هو الشوق والحنين إلى ذكريات الماضي والذكريات الجميلة التي لا تنسى لما تحمل في طياتها  من لحظات السعادة والفرح..اللحظات والأوقات الممتعة التي عاشوها ـ ويشتاقون لها ـ بين الأهل والأصدقاء والأحباب التي عاشوها بكل معاني السعادة والحرية.
وعن طقوس العيد يتحدث السجناء ” يتبادل النزلاء بعد صلاه العيد الزيارات المتبادلة بين السجناء والسلام والمصافحة وكذا إحياء المناسبة بالتراث الشعبي “البرع” وكذا إقامة العزائم”.
وقد لخص النزيل منصور المدان حالة النزلاء خلال أيام العيد بعبارات شعرية جاء فيها:
“أي عيد تتحدث عنه  من خلف الحديد.. أي عيد وأنا في السجن أمسيت وحيدا.. ليس لي في القلب إلا جمر يغلي ولهيب.. أي عيد وصدى الأحزان والمأساة شديد.. ليس لي في العيد هذا غير دمع ونحيب.. ليس لي غير الهموم جعلت رأسي يشيب.. أي عيد ودم الأشواق يغلي في الوريد.. أي ضوء يا فؤادي بعدما الشمس تغيب.. آه عندكم من عاش مأسورا أتقولون سعيدا ¿! عندكم من فارق الأحباب تقولون نصيب¿!.. رباه قد انهار قلبي يا ترى هل من مزيد.. أنا قد ساقتني الأقدار للحال التعيب.. ليس لي شيء سوى الذكرى إلى الماضي البعيد.. لست أشكو ما جرى لي غير أني صرت من أهلي بعيد.. أيها الشادي تحياتي لأهلي من جديد.. أكيد أن الموت يدنو صار من روحي قريب.. قل لأحبابي وداعا أحسن الله عزاكم في الفقيد.”

قد يعجبك ايضا