يتسامى شهر رمضان في قلوب المسلمين ففيه يعظم الأجر والثواب للصائمين العابدين والمتصدقين وبصالح الأعمال يزدادون قربى إلى المولى جل وعلا الذي ما كان ليختص هذه الأمة بصيام الشهر الكريم حتى يمنع عن عباده الطيبات من المآكل والمشارب عبثا طوال النهار من كل يوم وإنما لحكمة عظيمة أودعها وفوائد واسعة لو فقهها الناس وسعوا إلى نيلها واستثمروا الشهر المبارك في الصحة لكان خيرا لهم وتمنوا العام كله رمضان.
الدكتور/أحمد يحيى الصعفاني – استشاري أمراض الباطنة والجهاز الهضمي يضعنا على أبعاد المشكلة وما يترتب على الإسراف في الطعام والشراب في هذا الشهر الكريم حيث قال:
شكاوى نسمعها كثيرا.. البعض يصف آلامها ومسائها- أحيانا- بأنها لا تطاق..
وما ذاك في شهر الصيام – على الأرجح – إلا لزيادة تناول كميات كبيرة من الأطعمة والمشروبات عند الإفطار أو مع العشاء أو حتى عند السحور.
على الصائم ألا يتعدى الحد المسموح به من الطعام والشراب فإن كان لابد فثلث لطعامك وثلث لشرابك وثلث لنفسك أو كما قال نبي الرحمة المهداة(صلوات الله وسلامه عليه) حاثا على الاعتدال في تناول الطعام والشراب وروي عنه(صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال: ” أصل كل داء البردة ” والمقصود بالبردة: التخمة. أو كما قيل في المثل: “لا تتعب معدتك فتتعبك “.
كل ما يحتاج إليه جسم الإنسان من غذاء لا يزيد -عموما- على جرام واحد لكل كيلو جرام من وزنه في اليوم أي ما يعادل في المتوسط (70)غراما من البروتينات ومقادير قليلة من المعادن والأملاح والفيتامينات توجد مجتمعة في طبق صغير من السلطة وكمية معقولة من النشويات والدهون.
الأمر الذي غاب عن الكثير من الصائمين فنجدهم- بالمقابل- يعانون من مشاكل في الهضم ومن آلام البطن وانتفاخها عقب وجبة العشاء في رمضان وظهور هذه المنغصات ليس بعد انقضاء ليال وأيام أو أسابيع من الشهر الكريم بل منذ الليلة الثانية أو الثالثة على الأرجح ولهذا تمتد المعاناة وتستمر مع استمرار إتخام البطن في كل ليلية من لياليه الحالمة..
قطعا لا تحتمل المعدة وما يليها من قناة هضمية هذا التكديس والحشو حيث تواجه تغيرا وتبدلا في النظام الغذائي ومواعيد الأكل والراحة على نحو يغاير ما اعتادت عليه قبل رمضان بينما تكون مجبرة على الركود والسكون أثناء الصيام نهارا خاوية- على غير العادة- لمدة تزيد على(14)ساعة يوميا كما تقل إفرازاتها وعصاراتها الهاضمة.
ثم بالحشو المفاجأ تتضرر المعدة وتكون عاجزة غير قادرة على أداء وظيفتها فتتوسع جدرانها وتتمدد وتزيد إفرازاتها الحامضة وعصاراتها الهاضمة في محاولة للتغلب على هذا العجز. ومن هنا تبدأ المعاناة.
أخي الصائم لن يفيدك الإسراف بل سيضرك ولتبدأ فطورك بتمرات مع القليل من الماء المعتدل غير البارد وأحذر من أن تبدأ فطورك بأطعمة مقلية ولا تكثر منها وكذا الأطعمة الدسمة في وجبة العشاء الرمضانية الرئيسية ولا تضيف لما تتناوله من طعام جرعات من الماء البارد أو شيئا من المشروبات الغازية أو العصائر المعلبة.
ولا تكن على عجلة من أمرك عند تناول الطعام بل امضغه مضغا جيدا مراعيا القواعد الصحية والآداب الإسلامية الكريمة على الموائد عند تناول الطعام والشراب.
المركز الوطني للتثقيف والإعلام الصحي والسكاني
بوزارة الصحة العامة والسكان