مشــاويــر “الـنـيـابـة” !!

بين أن تذهب بملء إرادتك إلى مقر النيابة طلبا للحقيقة وأن تذهب إلى مقر النيابة متهماٍ بنشر الحقيقة ومضطرا للدفاع عن نفسك.. بون شاسع وفراسخ طويلة بقي كادر “قضايا وناس” يقطعها طوال 10 سنوات. وما بينهما كانت انتصارات عدة للحقيقة.
من قطعوا هذا المشوار يؤكدون أن “قضايا وناس” لم يكن من غاياته التغرير ولا التشهير أو التعزيز بل تقرير الواقع كما هو ونقل أحداثه وقضاياه كما هي. ولأن “الصحافة حرة في ما تنشره وحرة في استقاء الأنباء والمعلومات من مصادرها وهي مسؤولة عما تنشره” (5) فقد بقي طاقم الملحق مسؤولاٍ عمِا ينشره.

التزم “قضايا وناس” بكشف الحقيقة و”الامتناع عن نشر المعلومات غير الموثوق بصحتها أو تشويه المعلومات الصحيحة أو نسبة أقوال أو أفعال إلى شخص أو جهة دون التحقق من صحة نسبتها بالإضافة إلى أقوال صادرة عن شخص أو جهة دون الرجوع إليها” كما ينص القانون (24).
وكان على “قضايا وناس” دفع ثمن لهذا الالتزام وتوقع كل شيء في مقابل الوفاء به. بدءاٍ من حجب المعلومات والتكتم عليها ومروراٍ بالاحتجاج على نشر المعلومات وانتهاء – ربما – بالعتاب والانتقادات والتوبيخ والتهديدات والاتهامات واستدعاءات النيابة والمحاكمة أيضا.
مشاوير عقد
ذلك ما حدث طوال 10 سنوات من العمل الميداني. بقي رئيس تحرير الصحيفة وفريق “قضايا وناس” يواجهون صعوبات الحصول على المعلومات غالبا والاحتجاجات الغاضبة حينا على نشرها واتصالات “العتاب والتوبيخ” والانتقادات والضغوط بل “والتهديدات والاتهامات” واستدعاءات النيابة.
مع ذلك يؤكد فريق الملحق أن استدعاءات النيابة لم تكن تزعجه أو ترهبه بقدر ما ظلت -ولا تزال- تسره وتفرحه لأن “جل غايته وما ينشده هو كشف الحقيقة وسماع أصوات من ينقل عنهم ويتحدثون إليه خبراٍ أو تقريراٍ أو لقاء أو حوارا أو تحقيقاٍ أو رأياٍ ومقالاٍ أو حتى شكوى ومناشدة”.
عشرات الاستدعاءات ومئات التعقيبات ظلت تتلقاها الصحيفة وفريق ملحق “قضايا وناس” طوال مسيرته الصحافية في التنقيب عن المعلومات وكشف الحقيقة. ومن سخريات القدر أن إلحاحه لمعرفة المعلومات والتفاصيل كان يرتد عليه عند التحقيق معه أضعافاٍ !.
وفي كل استدعاء “بقينا نواجه مسؤوليتنا ونزداد إيماناٍ بسيادة القانون وإلماماٍ بمحاذيره أيضا”. قال مؤسس الملحق ومديره السابق عبد الوهاب مزارعةذاكرا من تلك المحاذير “ضوابط التعاطي مع القضايا قيد التحري أو التحقيق أو المحاكمة ومع الأسماء والصفات ومع حق الرد والتعقيب والتصحيح”.
مساءلات ومحاكمات
لم يخل الأمر من مساءلات في قضايا تجاوزت أصداء النشر بشأنها حدود التفاعل معه بالإشادة أو المعالجة أو بالاتصالات النزقة والضغوطات النافذة والردود والتعقيبات الغاضبةº إلى تلقي استدعاءات من النيابة بل ومواجهة دعوى قضائية والمثول للمحاكمة.
من بين أبرز هذه القضايا يذكر الزملاء القائمون على إدارة وتحرير “قضايا وناس” قضيتين رئيستين الأولى حدثت مع محرر قصص الجرائم الزميل حسين كريش جراء تضمينه في إحداها الاسم الأول -وليس الكامل- لمتهم في جريمة وانتهت القضية بحل ودي.
والقضية الأخرى التي وصلت إلى المحكمة وليس أي محكمة بل المحكمة العسكرية كانت جراء نشر قضية اتهام ضابط بقتل خلفه في عمل أمين صندوق واستدعي فيها رئيس التحرير ونائب مدير إدارة “قضايا وناس” السابق والزميل حمدي مشولة في جلسات عدة قبل أن تحفظ القضية.
ومع أن قانون الصحافة “يْعِدْ رئيس التحرير فاعلاٍ أصلياٍ لأي فعل مخالف لهذا القانون يرتكبه الكاتب أو واضع الرسم.. ما لم يثبت أن النشر تم بغير علمه” (108). إلا أن رئيس تحرير الصحيفة حينها الأستاذ علي الرعوي ظل حريصا على تحمل المسؤولية ومدافعا عن طاقمه حيال أي تداعيات.
يقول نائب مدير “قضايا وناس” سابقا عبد الواسع الحمدي والمكلف حاليا بعمل نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الثورة للصحافة نائب رئيس التحرير : “منحنا رئيس التحرير الأستاذ علي الرعوي كامل الصلاحيات في عملنا ولم يتخل عنا في أي موقف كان يحرص على مجابهة التداعيات بنفسه”.
تعقيبات ومعالجات
في المقابل وعلى الرغم من فتور تفاعل الجهات المختصة مع الإعلام عموما واعتماد أغلبها نهج “أذن من طين وأخرى من عجين” وإعمالها شعار “دعهم يقولون ما يشاءون ونحن نفعل ما نشاء”º كانت الحال مختلفة مع ما ينشره “قضايا وناس” لدرجة لا يكاد يخلو عدد له من تفاعل.
تلقى الملحق مئات الردود توضيحاٍ وتعقيباٍ توزعت ما بين تصحيح لجزئيات بعينها مما نشره الملحق وبين إنكار له جملة وتفصيلاٍ بصيغة نفي تدحضه وثائق الملحق وبين تأييد لصحة ما نشره الملحق وتأكيد اتخاذ الإجراءات اللازمة حياله من جانب الجهات المختصة ذات العلاقة.
يعتز الملحق بهذا التفاعل حد تأكيد مدير إدارة “قضايا وناس”  محمد العزيزي. يقول: “وزارة الداخلية والنيابات والمحاكم أكثر الجهات تفاعلاٍ مع ما ننشره من أخبار وقضايا وقد ظل النائب العام ووزير العدل يعقبان بتوجيهات لحل القضايا أو تصحيح اختلالات ويرسلان إلينا بصور من تلك التوجيهات”.
يذكر العزيزي بين أبرز القضايا التي كان للملحق السبق إلى كشفها وأثارت أصداء قوية وعنيفة أيضاٍ كشفه عن سجون غير قانونية في مديريتي الثورة ومعين في العاصمة صنعاء و”إحالة النائب العام مديري المديريتين إلى نيابة شمال الأمانة وإسقاط صفة الضبطية عنهما”.
العزيزي يذكر أيضاٍ من بين الأصداء القوية لأحداث وقضايا حال بيان الملحق لحقيقتها وإثباته وقائعها بمعلومات مؤكدة دون التلويح أو التهديد باللجوء للنيابة وتكللت باتخاذ إجراءات عملية لتغيير واقع غير سوي أو تصحيح أحوال مختلةº قضية دار الأيتام بصنعاء.
يقول: ” أقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية أمة الرزاق حمد مدير وطاقم إدارة الدار كاملاٍ على خلفية نشر قضية تعرض أحد الأيتام لجريمة اعتداء غير أخلاقي”. ويردف: “كثيرة هي القضايا المشابهة التي أسهم الملحق في كشفها ومعالجتها تغييراٍ وتصحيحاٍ”.
من هذه القضايا يتذكر العزيزي أصداء فتح الملحق ملف النزاع على الأراضي في الحديدة. وكيف كانت قوية بدأت بالترغيب ثم الترهيب بالنيابة “وانتهت بإقالة مدير فرع هيئة الأراضي والمساحة في الحديدة بعد نشر قضية هو طرف فيها بمحكمة شمال الحديدة”.
من جهته يشير المحرر في ملحق “قضايا وناس” معين حنش إلى نشر الملحق قضية وفاة طفلة جراء جرعة تخدير زائدة في مستشفى أهلي. يقول: “كانت وثائقنا أقوى من محاولة الطعن فيها حداٍ قضت معه النيابة بإغلاق المستشفى وإحالة إدارته إلى التحقيق”.
وسام المصداقية
يبقى المؤكد والباعث على الاعتزاز أن مسيرة “قضايا وناس” لم تشهد الوقوع في خطأ فادح يخل بشرف المهنة الصحافية أو يخالف قانون الصحافة وباستثناء أخطاء طباعية لم يثبت على الملحق أن نشر خبراٍ كاذباٍ أو مفبركاٍ أو شكوى كيدية أو معلومات مضللة أو أدين بالتجني والافتراء على أحد.
ذلك ما يتحدث عنه القائمون على إدارة “قضايا وناس” منذ تأسيسه قبل عشرة أعوام وحتى اليوم بفخر واعتزاز لا يخفونه. مؤكدين أن “الصدق منجاة” وأن التزام الأمانة المهنية ونزاهة الغاية لا تتبعه الندامة ويفضي دوماٍ إلى النجاح في تحقيق الأهداف النبيلة للرسالة الإعلامية.

قد يعجبك ايضا