ابتسامة العقيق

 رحل أصدقائي من حارتنا لم أعد أسمعهم يتصايحون في الشارع, ذلك الصياح يجعل قدمي تنطلق إلى الشارع تاركا أي شيء أقوم به…متعة الحياة عندي في أصوات أصدقائي في الشارع يضحكون ويتصايحون هذه المتعة اختفت مع اختفاء أصواتهم وظهور طيارات العدو في سماء صنعاء التي جلبت الدمار والخراب لصنعاء أمي أخبرتني أن أتلوا معها آيات القرآن الكريم متوسلين بها إلى الله ليحفظنا من طيران الموت كنت أتلوا معها يوميا بعد صلاة المغرب لا يوجد ما أقوم به سوى الصلاة والدعاء ومشاهدة أمي تتلوا بصوت مرتفع مبتسمة تنظر إلينا أنا وأخي الصغير الذي مازال يرضع منها ,أمي هي أجمل امرأة في العالم أشاهد ألوان الزهور في عين , أمي وورود الكون في وجهها ابتسامتها عقيق يماني وأناشيد الكون في تراتيل آيات الله من ثغر أمي وكل أصحابي يقولون أن أمهم أجمل أمهات العالم وكلنا كلامنا صحيح.
نعم أنا شقي مع أصدقائي ومشاغب اعبث بجميع محتويات المنزل أنا مزعج في طلباتي ,لكن أمي الجميلة والحنونة والصبورة والطاهرة والكريمة – أمي لماذا راحوا لهم الأطفال من حارتنا ¿ – سافروا البلاد خائفين من الطائرات – وإحنا ليش ما بش معانا بلاد مثلهم¿ – بلادنا صنعاء. – طيب ياماه أنتو خفتوا من الطائرات¿ – لا مادام أنا مع ثلاثة رجال أنت وأخوك وأبوك ليش أخاف¿ – بس ياماه ما نقدر نعمل للطائرات شيء هن بعيدات قوي وما نقدر ننكعهن¿ – سهل يابني الصبر عيدي الله من ينكع طائراتهم وينكع من يرسلهن إن شاء الله. – هيا قوم ادعي أبوك قد جاء قله الأكل جاهز. – حاضر. – السلام عليكم. – أهلاٍ ما قد فعلت اليوم من مشكلة ¿ أبي متعود على مشاكلي ما بش يوم إلا وحنا في مشكلة !! هذه المرة ردت عليه أمي – ولافعل شيء ما شاء الله قدو رجال ما أحلاه. افتخرت برد أمي وعدت بنظري إلى أبي بابتسامة جميلة – الحمد لله تمام أحسنت قد عمرك أثنى عشر سنة, أبي يذكر دائما مضاربتي مع أصحابي الجيران وفي المدرسة كانوا يجوا يشتكوا مني لأني ضربتهم ضربا مبرحا واحد مفدوج والثاني مدكم ومشخوط ما كنتش أنا المعتدي هم الذين يسبون بكلام أسود ما يعجبنيش السب والشتم كنت اضربهم يتأدبون وما يكرروش مرة ثانية كنت أتحمل عقاب أبي كان يحرمني من المصروف أو يحنق مني ما يكلمنيش كان هذا أشد العقاب لي وأحيانا يضغط على أذني بيده لما يحمرين. أمي سألت :أبي ليش رجعت بحين اليوم ¿ – خرجونا من العمل بسبب ضرب الطائرات خائفين علينا لا يقع شيء – الله الحافظ. – الغدا , جاهز أقربه¿ – مسرع اليوم جهزتي الغداء¿ – نرقد بحين لأنه ما بش كهرباء نتفرج تلفزيون ونقوم بحين. – وكم عنجلس لهذا الحال¿ – لما يفرجها الله علينا وعلى اليمن أدعو لليمن ادعولها¿¿ ـ احنا كل يوم وليلة بندعي الله ـ والله ياماه أتمنى وأنا كبير أسير أقاتل السعوديين . – إن شاء الله ما تكبر إلا وقد انتصرت اليمن وراحوا لهم. – يابه عتسمحلي أسير أقاتل. – أكيد فأنت رجال. – خطينا نتغداء بعد ما طرفت أمي الغداء إلا وسمعنا الطائرات والمضادات ترعد السماء رعيد وأمي تدعي عليهم – اللهم انتقم منهم اللهم شتت شملهم وانصرنا عليهم ما عاد يفلتوناش في أوقات الأذان والصلوات الخمس وذلحين في أوقات الطعام عليهم لعنة الله – أبي قال :السعوديين عمرهم ما قاتلوا إسرائيل واليمنيين في كل حروب العرب ضد إسرائيل حاربوا معاهم حتى المظاهرات في السعودية ضد جرائم إسرائيل على الفلسطينيين واللبنانيين ما كانوا يسمحوا بها في بلادهم والآن جو يحاربوا اليمن كملنا الغداء وأبي فتح الراديو يسمع الاخبار وكان صوت المذيع يتكلم أن الطائرات السعودية قتلت أسرة كاملة في بني مطر مكونة من احد عشر فرداٍ حتى أصحاب البلاد وصلوا لهم مضت بقيت النهار وبدأ الليل مثل المعتاد طيارات ومضادات الجو والظلام . قلت لأبي غدوه شاسير معاكم العمل, وأمي قالت: تمام الدراسة موقفة شله معاك وافق أبي بدون تردد. رقدنا بحين وقمت اصحي أمي أصلي فجر كانت تضم أخي إلى صدرها وهو يرضع منها وعندما شاهدني ابتسم تاركا ثدي أمي ثم رجع مرة أخرى إلى صدر أمي يكمل رضاعته كان هذا المنظر لن يفارقني بقيت حياتي أمي مبتسمة مرحبة بي حيا بروحي لم يعد في عيني نوماٍ بعد صلاة الفجر أبي رجع ينام مرة ثانية وانتظرت حتى شروق الشمس بساعة موعد ذهابنا إلى المدرسة الذي لم يعد مواعيد للمدرسة هذه الأيام انتظرت حتى سمعت أمي تقول لي :هيا قوم ادعي أبوك وجو اصطبحوا, أكملنا صبوحنا وخرجنا أنا وأبي إلى مقر عمله وكان يبعد عن المنزل أكثر من ثلاثة كيلو مترات وفي العمل كل الموظفين يتحدثون عن الحرب ويلعنون الخونة والعملاء الذين وقفوا مع العدوان السعودي, كان العمل قليلاٍ نتيجة للحرب مرت ساعتين وفجأة ارتج مقر العمل كأن زلزالا ضرب صنعاء وتبعه صوت انفجار ضخم شاهدته من نافذة العمل في الدور الخامس وعمود دخان الانفجار بضخامة وارتفاع القنبلة النووية التي كنت أشاهدها في مسلسلات الأطفال ضربت جبل عطان وكان منزلنا قريبا من الحي الذي وقع فيه الانفجار صاح أبي: هيا بسرعة جنونية يا يحيى نروح البيت صعدنا السيارة وفحط أبي بسرعة على غير طبيعته وكنت أشاهد عربات الإسعاف واحدة بعد الثانية تهرع إلى مكان الانفجار والناس تجري بسرعة ويشاركون في إسعاف المصابين والجرحى بسياراتهم الخاصة لم تكف سيارات الإسعاف كانت آثار الدمار إلى أبعد من مكان الانفجار بكثير سألت نفسي: كيف سيكون القريب من الانفجار , بدأت أشعر بالغضب مثل أبي تماما وصلنا إلى حارتنا كلها مدمرة ومخربة جرينا على أقدامنا وكأننا نطير ولا نمشي بيتنا مدمر إلى جانب الكثير من البيوت الناس والجيران والإسعاف يحاولون إخراج الجثث وينقذون الأحياء كانوا إلى جانب بقايا بيتنا صاح أبي وأنا يا الله يا لله يا الله كان أبي ينادي أمي عائشة يا عائشة ويداعي أخي يا خالد مرارة الألم والحزن علقم على أمي وأخي سيبقى في فم أبي وفي فمي إلى يوم القيامة لن تذهب تلك المرارة إلا بالاقتصاص من القتلة وصلنا إلى أمي وأخي كانت أمي محتضنة لأخي ويديه على خد أمي وهي مبتسمة كابت:
وأخي كانت أمي محتضنة لأخي ويديه على خد أمي وهي مبتسمة كابتسامة العقيق اليماني المفتخر بجوهره ونوعه وأصالته المتواضع بعزة ونبل تفرده رأيت جثة أمي وأخي كنت غاضبا غضبا لو وزع على القتلة والخونة والمنبطحين …لأحرقهم جميعا….يا قتلة يا خونة يا أولاد الحرام ….كلام أسود أمام أبي.رأيت أبي صامتا ونزول الدموع من عينيه حارة متدفقة والناس تواسيني وتلعن آل سعود معي وتتوعد بالانتقام والقصاص منهم تسمرت أمام أبي وهو يكلمني – يا يحيى تشتي تقاتل الآن أنت رجال أنا متوكل على الله ومتوجه إلى الحدود بعد دفن أمك وأخيك – معاك يا أبي سمعت أولاد عمي وخالي وجيراننا وناس كثير يقولون – وحنا معاكم.

قد يعجبك ايضا