قررت حركة النهضة الإسلامية الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة إما بترشيح أحد قياداتها أو بترشيح شخصية مستقلة وشددت على أن هدفها الأول من خطتها هو “الوصول للانتخابات وإجراؤها بطريقة ديمقراطية ونزيهة” مقرة بأن حركة الإخوان في مصر “ارتكبت أخطاء” وفق ما صرح به راشد الغنوشي لموقع “مراسلون”.
وقال الغنوشي: “إن الحركة قررت نهائيا التقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية القادمة” ورجح أن يكون مرشحها من خارج الحركة أي شخصية سياسية مستقلة دون أن يستبعد فرضية ترشيح أحد قياداتها مشددا على أن الانتخابات الرئاسية القادمة ستسجل حضورا بطريقة غير معتادة للحركة”.
يأتي ذلك في وقت تروج فيه النهضة إلى أنها بصدد القيام بـ”مراجعات” سياسية على خلفية “المأزق” الذي وقعت فيه خلال الانتخابات الرئاسية الماضية حيث قاد عدم ترشيحها لأي شخصية و”التزامها الحياد” تجاه المتنافسين إلى حالة غضب اجتاحت قواعدها وكوادرها وقياداتها التاريخية.
غير أنها عمليا ساندت آنذاك الرئيس السابق منصف المرزوقي الذي خسر الفوز بالرئاسة أمام مرشح حزب نداء تونس الباجي قائد السبسي.
وبحسب تسريبات سياسية وإعلامية فإن “المراجعات” التي تقوم بها النهضة والتي ستحسمها خلال مؤتمرها القادم المزمع إجراؤه خلال هذه الصائفة “ستتركز بالخصوص على الفصل بين “العمل الدعوي” و”العمل السياسي” الأمر الذي رأى فيه المحللون أن الحركة الإسلامية “تسعى إلى تأسيس حزب سياسي” ينقذها من حالة الارتباك التي لازمتها مند وصولها إلى الحكم بعد فوزها في انتخابات عام 2011م.
ويقول الغنوشي: “إن الانتخابات القادمة ستسجل حضورا بطريقة غير معتادة للحركة” مضيفا “خطتنا هدفها الأول هو الوصول للانتخابات وإجراؤها بطريقة ديمقراطية ونزيهة يشارك فيها الجميع ويعترف بها الجميع وهدفنا الثاني هو طبعا نجاحنا الانتخابي”.
وتشارك النهضة بحقيبة وزارية واحدة وثلاث كتابات دولة في حكومة الحبيب الصيد الائتلافية التي يقودها حزب نداء تونس.
وإجابة عن سؤال يتعلق باللجوء السياسي للإخوان المسلمين في تونس قال الغنوشي: “إنه من حق الدول الديمقراطية أن تمكن المضطهدين سياسيا في بلدانهم من حق اللجوء ومن حق الإيواء” وهو ما يعني ضمنيا أن موقف الحركة يدعم تمكين قيادات وكوادر إخوان مصر من اللجوء السياسي في تونس.
وأقر الغنوشي بأن الإخوان في مصر قد “ارتكبوا أخطاء” دون أن يذكرها غير أنه دافع عليهم بقوة وشدد على أن “الإخوان الآن في موقع المظلوم والأخلاق تقتضي الدفاع عن المظلوم” حسب تعبيره.
واعتبر الغنوشي ما سماها “أحكام الإعدام بالجملة التي تواجهها قيادات وأتباع وأنصار جماعة الإخوان المسلمين في مصر دليلا على أن نظام عبدالفتاح السياسي يعيش حالة اضطراب وحالة فقدان للتوازن وحالة توحش” على حد قوله.
ويقول الأخصائيون في الجماعات الإسلامية إن سقوط نظام الإخوان في مصر “صدم النهضة فكريا وسياسيا” ودفعها إلى “التسليم بالوضع القائم والقيام بمراجعات تنأى بها عن الإخوان خاصة وأنه تم تصنيفهم تنظيما إرهابيا من قبل عدد من الدول العربية”.
ويضيف الأخصائيون أن طبيعة المشهد السياسي التونسي الذي تنشط فيه أحزاب علمانية قوية ولها نفوذ شعبي وسياسي بدا واضحا خلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية يفرض على النهضة إجراء مراجعات جذرية لا شكلية وفي مقدمتها الفصل التام بين “النشاط الدعوي” و”النشاط السياسي المدني” لإنقاذ نفسها مشددين أن المرحلة الدقيقة التي تمر بها تونس ليست في حاجة إلى “دعاة” يعلمون الناس دينهم فهم متدينون بطبعهم وإنما هي في أمس الحاجة إلى رجال دولة قادرين على إدارة الشأن العام وإنقاذ البلاد من الأزمة الحادة بناء على برامج تنموية وسياسية واضحة وعملية.
ويتطابق هذا التحليل مع اتجاهات الرأي العام حيث أظهر تقرير حول “الحالة المدنية وحرية الضمير” أن 70 % من التونسيين يعتبرون أنفسهم متدينين ما بدا ردا قويا على جماعات الإسلام السياسي التي نشأت بناء على فكرة “الدعوة”.
قد يعجبك ايضا
