مبادرات حضارية للتخفيف من آثار العدوان السعودي

بشاعة العدوان ووحشية المعتدين لم تستطع أن تطمس الصورة الحضارية الراقية التي يتمتع بها أفراد الشعب اليمني كبارا وصغارا وأطفالا ونساء .
هذا العدوان السعودي الأمريكي الذي يتعرض له شعب اليمن الآن ومنذ ما يقارب الخمسين يوما وبالقدر الذي كشف عن قبح وحقد من يقف وراءه على اليمن أرضا وإنسانا فانه أبان الوجه المشرق للمجتمع اليمني صاحب الشهادة من خير خلق الله محمد بن عبدالله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم بأنهم أرق قلوبا وألين أفئدة وان الإيمان يمان والحكمة يمانية.. التحقيق الصحفي التالي يسلط الضوء على بعض من مشاهد هذا التكافل والتراحم في المجتمع اليمني:

اليوم ورغم الصواريخ والقذائف المدمرة التي تطلقها طائرات العدوان صباحاٍ مساء على رؤوس الآمنين من أبناء اليمن إلا أن الثبات والصمود والتآلف الذي تعاضم بين أوساط الشعب أذهل العالم بأسره وأكد معدنه ونقاء هذا الشعب وعراقته وأصالة معدنه.
لم ينل المعتدون من عزيمة وإرادة اليمنيين شيئا ولم يكن الذعر والخوف والهلع إلا في نفوس وعقول القتلة من المعتدين والمرتزقة والمأجورين .
صمود أسطوري
القذائف الصاروخية والأسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها العدوان السعودي ضد أبناء الشعب اليمني في العاصمة صنعاء ومختلف محافظات البلاد وتسببت في إزهاق أرواح الآلاف من الأبرياء وإصابة الآلاف وتدمير آلاف المنازل على رؤوس ساكنيها وتخريب المنشآت الحيوية والمرافق العامة وتخريب كل ما يتصل بضرورات الحياة المعيشية فشلت في إحداث أي فرق في فجوة أو فجوة تماسك الشعب اليمني وصلابة نسيجه الاجتماعي ليسطر اليمنيون لوحة رائعة من الصمود والانتصار لقيم الحياة الإنسانية ومفاهيم ومبادئ الخير والسلام .
وإذا كان العدوان قد نشر القتل والخراب على نطاق واسع في الأرض اليمنية بهدف نشر الذعر في أوسط اليمنيين وكسر إرادتهم فانه لم يزدهم إلا إيمانا وتمسكا في التمسك بحقهم في الحياة والصمود الاسطوري من اجل الدفاع عن وطنهم وعن كرامته وقدسيته وقدم أروع الأمثلة في التكافل الاجتماعي والتي ساهمت إلى حد كبير في التخفيف من الآثار الكارثية الناجمة عن هذا العدوان الغاشم وآلته التدميرية البشعة.
حصار جائر وتكافل منقطع النظير
العدوان السعودي المرتعش رغم امتلاكه كل أدوات البطش والقتل والدمار لم يكتف باستباحة الوطن اليمني وقتل شعبه الأعزل أمام العالم بل استخدم نفوذه والأموال الطائلة التي يمتلكها في شراء مواقف العالم وذمم المأجورين والمرتزقة في الداخل والخارج ولم يتوقف عند هذا الحد في مسلسل الجرائم التي يرتكبها يوميا طوال الفترة الماضية ومنذ باشر في عدوانه أواخر مارس الماضي فإذا به يفرض حصارا جائرا تم بموجبه منع وصول أي إمدادات تموينية وغذائية للمواطنين في سائر مناطق اليمن ومنع وصول المشتقات النفطية والمواد الطبية والمساعدات الإغاثية ظنا منه بأنه قد يستطيع إبادة شعب بكامله جوعا وعطشا غير أن هذا الوهم الذي داعب خيالات المعتدين لا شك ارتد إلى نفوسهم وألحق الهزيمة النفسية بالمعتدين وهو يرى أن أبناء هذا الشعب العريق بما يتمتع به من قيم ومبادئ إنسانية راقية قد تغلب على كل ذلك السلوك الهمجي إذا باليمنيين يساعد بعضهم بعضا في سبيل تجاوز هذه المحنة.
مشاهد راقية
من أجمل الصور والمشاهد الحضارية الراقية التي سطرها أبناء الشعب اليمني في مواجهة آثار العدوان تلك الروح التعاونية النادرة التي أبدوها تجاه بعضهم وخاصة فيما يتعلق بإيواء النازحين ومن تدمرت منازلهم بفعل غارات الحقد السعودي.
ويروي أبناء مديرية حيس بمدينة الحديدة لـ” الأسرة ” قصصا إنسانية رائعة عن كيفية استقبال أبناء هذه المديرية الأصيلة لإخوانهم النازحين من أبناء محافظة تعز الذين اضطرتهم الأوضاع الأمنية الناجمة عن العدوان إلى ترك منازلهم واللجوء إلى المنطقة .
ويقول هؤلاء إن أبناء حيس ورغم ظروفهم المعيشية الصعبة جراء انعدام وسائل الغذاء ومشتقات النفط استضافوا مئات الأسر النازحة في بيوتهم ورفضوا أن تنصب خيمة واحدة في العراء.
وأكدوا أن من العيب أن يناموا تحت سقف بيوتهم وأخوة لهم تحت الخيام يفترشون الأرض ويلتحفون السماء .
شاب يؤجل زفافه لإيواء نازحين
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فان هناك صورا أكثر رقيا وإنسانية كما فعله الشاب عبده حسن الذي كان قد جهز بيتا متواضعا لإتمام حفل زفافه والانتقال مع عروسه إلى بيت الزوجية الجديد قبل حلول شهر رمضان المبارك ولكنه كما يقول المهندس عبدالكريم عكيش وهو من أعيان المنطقة أبى إلا أن يؤجل هذا الزفاف من اجل أن يمكن أسرة نازحة من المكوث فيه وبالتالي تأجيل عرسه إلى اجل غير مسمى والى أن يطفئ الله نار هذا العدوان الآثم.
إن هذه المشاهد والمواقف العظيمة التي يسطرها اليمنيون اليوم على كامل التراب اليمني إنما تعكس جانبا بسيطا من عراقة وسمو أخلاق هذه الأمة التي لا شك لن تهزم أو تنكسر وقد امتلكت كل هذا القدر من الفضائل والأخلاق الإنسانية العالية في الوقت الذي تجرد فيه العدوان السعودي من كل القيم الإنسانية ولم يتمتع بأي خلق فاضل يدل على شيء من المروءة والرجولة والشهامة لذلك لن يحوز على أي نصر فالنصر وتحقيق المجد والمراتب الإنسانية العليا لا يحتاج إلى القوة والسلاح وامتلاك أدوات القتل والدمار فقط وإنما يحتاج إلى أخلاق فاضلة وقيم إنسانية رفيعة ترجح الكفة في مواجهة أي خصوم أوأعداء .
انهيار العدوان
ولأن هذا العدوان قد افتقد للأخلاق فها هو اليوم ينهار ويترنح مع أسلحته القتالية أمام طهر ونقاء دماء اليمنيين الأبرياء ويتداعى بكل جبروته أمام عراقة وأخلاق وفضائل الشعب اليمني الذي قهر العدوان والحصار ليمضي مؤمنا بالله وبحقه في الحياة نحو تحقيق نصر مؤزر ربما يكون الأعظم في التاريخ الإنساني الحديث.

قد يعجبك ايضا