نظام آل سعود بلغ ذروة النهاية وأخذ نفسه إلى الخسران المبين2-2

للمثقف دوره الكبير والهام في قضايا مجتمعه ووطنه وخاصة عندما يمر الوطن بظروف صعبة وفي مواجهة عدوان خارجي يحاول أن يعيق مساره وتطلعه وهنا يكون دور المثقف هو التبصير بتلك القضايا وتلك الظروف وتلك العوائق التي تحيط بالوطن. وحول الظروف التي تمر بها بلادنا والعدوان السعودي عليها كان لنا اللقاء التالي مع الأديب والناقد والمفكر عبدالرحمن مراد حيث تناولنا معه العديد من تلك القضايا في السطور التالية:

المكون  الثقافي للإنسان
* شكل الدولة القادمة سيكون اتحادياٍ ,البعض.. يخاف وآخر يترقب.. أين أنت من كل ذلك اللغط¿
– موضوع الفيدرالية ليس غريباٍ على تاريخ اليمن وهو لا يتضاد مع المكون الثقافي للإنسان ولا البناءات الاجتماعية وكنا نتمنى أن يتم إعادة التقسيم وفق معايير موضوعية وعلمية ومنهجية وبحيث يكون التقسيم منسجماٍ مع رغبة الأجيال القادمة في الاستقرار وفي الأمن الأقاليم المعلنة تشوبها الكثير من حالات القلق التي تجعل الناس في قلق وخوف من المستقبل خاصة في ظل حالة الانهيارات في البنى العامة للقانون الطبيعي وهشاشة الدولة وغياب المؤسسة العسكرية الوطنية التي تنتمي لليمن والقادرة على حمايته ومع ذلك فأنا أرى أن الفيدرالية هي الحل الأمثل لليمن وهي القادرة على توحيد اليمن وعلى نقله من حالة الانشطار والانقسام إلى حالة البناء والتوحد ومن المركزية الجامدة إلى حالة التداخل المرن وبما يحفظ التوازن والشعور بالوجود والامتلاء.
البعد الحضاري
* هناك من يرى أن الإشكالية الوطنية اليمنية تكمن في الوعي بالمقومات الحضارية.. ويرون أنه حدث انقطاع حضاري.. وهذا الانقطاع كان سبباٍ في التعثر..¿
– ما ليس مدركاٍ في التداول العام أن البعد الحضاري اليمني كان يرتكز على القيم الصناعية والانتاجية وكانت اليمن مركزاٍ اقتصادياٍ حيوياٍ إذ كان يقصدها كل العام وكان للعرب رحلة تجارية كل عام وأخرى مماثلة إلى الشام وما تزال حتى هذه اللحظة تشكل بعداٍ استراتيجياٍ مهماٍ في طريق الملاحة والتجارة الدولية ولن تستطيع اليمن النهضة من كبوتها دون البناء على ذلك التراكم وهي بحاجة إلى عقول أبنائها للقيام بالتحليل السياقي والتقاطعي وإعادة تعريف الهوية التاريخية والثقافية والحضارية حتى تتمكن من تفجير طاقات الذات وتوظيفها بما يحقق التطلعات.
* بالعودة إلى العدوان السعودي على اليمن .. لاحظنا استهداف الحصون والآثار هل تظن ذلك عملاٍ عفوياٍ¿
لا .. ليس عفوياٍ بل عملاٍ مقصوداٍ وممنهجاٍ بدليل أن أدوات السعودية من الجماعات قامت بذات الفعل في العراق وفي سوريا .. وحدث مثله من قبل في باكستان .. أنت تعلم أن ابن خلدون تحدث عن ثقافة الهدم والتدمير عند البدوي الصحراوي ما يحدث هو امتداد لتلك الثقافة وهو تعبير عن حقد وتعبير عن فراغ تاريخي وفراغ حضاري.
الجماعات الطارئة في التاريخ تبحث عن امتداد تراكمي لأنها تخشى الفناء وهذا هو التفسير المنطقي لما يحدث في منطقة الخليج فالخوف من الفناء والتلاشي يعزز المقولة التي تشيع في أوساط العامة (عليِ وعلى أعدائي) فالشعور بالانقطاع الحضاري وبالفراغ شعور بفناء مؤجل وتعميم ظاهرة الفناء حالة من حالات التعويض النفسي.
النهاية البائسة
* ألا تلاحظ أن أبا رغال تناسل عقبه خلقاٍ كثيراٍ وقد برز الكثير منهم في هذا الزمن¿
– موضوع الخيانات موضوع قديم وهو مستمر بقدر استمرار هذا الوجود قد تكون مقدماته مختلفة لكن نتائجه واحدة في كل حقب التاريخ.
من يذهب إلى هذا الخيار – أي خيار الخيانة – لم يقرأ التأريخ ولم يستوعبه فبقدر حتمية النهاية البائسة لأي خائن في كل حقب التاريخ تلاحقه اللعنات فأين العلقمي مثلاٍ لم يشفع له رأس الخليفة العباسي عند هولاكو ليكون ذا منصب وجاه بل كانت التصفية الجسدية هي خيار هولاكو الوحيد لمن خان بلده وهكذا على مرِ التاريخ بالإضافة إلى الخزي والعار الذي يلاحقهم عبر الأزمنة فالخونة لا تخلدهم إلا اللعنات .
النهاية المنتظرة
* كيف تتصور شكل العلاقة بعد العدوان مع السعودية¿.
– في ظني أن ثمة تبدلاٍ سيحدث في المستقبل في الخارطة وفق معطيات فقه المؤامرة الذي نقول به ونرى مقدماته ما ثلة على الأرض وتبعاٍ لذلك التبدل لا أظن أن اليمن ستحمل حقداٍ على شعب نجد والحجاز أو عسير فالشعوب دائماٍ مقهورة ونظام آل سعود بلغ ذروة كماله وهو أخذ نفسه إلى الخسران المبين ونهاية الدول طبيعة تاريخية هات لي دولة ظلت تحكم إلى ما لا نهاية لكل شيء إذا ما تم نقصان.
لقد رأيت في زيارة سلمان إلى الدرعية وهي نقطة البداية في الأيام الأولى للعدوان مؤشراٍ على إكمال الدائرة وعند الاكتمال يبدأ النقصان.
أجد نفسي على يقين أنِ آل سعود لن يطول بهم الأمد في الحكم وبالتالي فالدولة الجديدة التي ستكون على أرض نجد والحجاز ستكون على تناغم مع الدولة الجديدة في اليمن في المستقبل فكل جديد لا يحمل حقداٍ.
* في الختام ما هي رسالتك ¿.
– رسالتي إلى القوى السياسية الوطنية .. أقول لهم أن اليمن شهد كل صراعاتكم وتفاعل مع ثأركم السياسي طوال عقود من الزمن وأصبح تمترسكم حول قضايا الثأر مفضوحاٍ ونحن الآن نشهد نهايات المرحلة التي كنتم صنعتموها ومن المستحيل أن نشهد مستقبلاٍ أنتم فيه.
ولذلك ندعوكم أن تعوا قانون التاريخ وتتفرغوا لكتابة مذكراتكم واتركوا اليمن لقواه الشابة الفتية كي تساهم في صناعة المرحلة المقبلة.

قد يعجبك ايضا