الــفــرقـــــــة بــــيـن الـمســــــــــلمين

إن من أعظم العقوبات التي تحل بالأمة حينما تحيد عن شرع الله -جل وعلا- أن يجعل بأسها بينها يقول ربنا –تبارك وتعالى: (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض).
عندما تبتلي الأمة بالبعد عن دين الله وتركن إلى هذه الدنيا الفانية وتكون هي الهدف والغاية وهي المحرك عندئذ تقع الأمة في المصائب العظمى وتعاني المحن الكبرى التي تهلك الحرث والنسل وتفسد على المسلمين دنياهم وأخراهم.
وهذا ما حذر منه صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال: ( والله ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم أو كما قال صلى الله عليه وآله وسلم).
ولقد خشي النبي صلى الله عليه وسلم على أمته من التفرق وما يؤدي إليه من البغضاء والتقاتل فروى أحمد ومسلم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالى زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ لي منها وإني أعطيت الكنزين: الأحمر والأبيض وإني سألت ربي ألا يهلك أمتي بسنة بعامة –أي بجائحة تجتاحهم جميعا- وألا يسلط عليهم عدوا فيهلكهم بعامة وألا يلبسهم شيعا وألا يذيق بعضهم بأس بعض فقال يامحمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيت أمتك ألا أهلكهم بعامة حتى يكون بعضهم يهلك بعضا وبعضهم يقتل بعضا وبعضهم يسبي بعضا).
عبر تاريخ الأمة كاد لها الكائدون وتربص لها الأعداء والحاسدون ومع هذا لم يستطيعوا أن يطفئوا نور الله ولكن الخطر هو مايقع بين أبناء هذه الأمة من مصائب المسلمين الحالية لا تخفي على أحد حتى نسي كثير قواعد الأخوة الإيمانية وتجاهلوا الحقوق المفروضة للرابطة الإسلامية بل وأصبح البعض يستهين بالضروريات الخمس التي حرمها الشرع وزجر عن انتهاكها.
إن من أقبح الأحوال: حال من لايؤدي حق أخوة الإسلام حقها ولا يقوم بواجبها فرسولنا صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (المسلم أخو المسلم) بئس قوم جمع الإسلام بينهم فتفرقوا حينئذ وأمرهم  بمحبة بعضهم بعضا فتباغضوا ونهاهم عن الأذية لإخوانهم فكانوا أشد الناس بهم أذى وضررا وهذا لا يستقيم مع قول الله -جل وعلا- (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض).
ولا يستقيم مع قوله –عليه الصلاة والسلام- (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا).
إن المسلم الحق هو من يحب لأخيه ما يحب لنفسه في جميع الأمور وفي شتى الأحوال فرسولنا صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المتفق عليه: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
إن من أعظم الجرائم وأقبح الموبقات أن تلقى الله -جل وعلا- بدم امرئ مسلم –أو أن تسعى لسفك دماء محرمة ونفوس معصومة.
الله جل وعلا يقول: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما).
إن ما يحزن كل مسلم هو ما يسمعه عن تلك الدماء المسلمة التي تراق بغير حق وهذا أمر ينذر بشر عظيم على جميع المسلمين إن لم يكونوا يدا واحدة لإيقاف تلك المهازل وتلك القبائح .. يقول صلى الله عليه وسلم: (أول ما يقض بين الناس يوم القيامة في الدماء).
إن المسلمين جميعا ليألمون من هذه المصائب التي أصابت أمتهم في بقاع شتى ألا وإنه يجب على الجميع أن يعلم أن السبب الأعظم لوقوع البأساء بين أبناء المجتمع المسلم الواحد: التنكب عن الصراط المستقيم والميل على الهدى النبوي الكريم.
إن سبيل النجاة من المحن والسلامة من الفتن هو اللجوء إلى الله -جل وعلا- لا مخلص ولا منقذ للأمة مما هي فيه من حال مزرية إلا أن يرجع حكامها وأن يرجع المحكومون إلى الله -جل وعلا- بتوبة صادقة وإنابة حقة في جميع المناشط وشتى الأحوال وأن يراقب كل منا نفسه بأن يتقي الله – جل وعلا. فذلكم الأصل الأصيل للعلاج والركن الركين للسعادة..
فمتى ما حققت الأمة أحكام الدين –سواء كان في أمور السياسة أو في أمور الاقتصاد أو في أمور الاجتماع وفي جميع الأمور –حينئذ تسلم من الأخطاء وتنجوا من الأشرار وتنأى عن الأضرار.
فاللهم احفظ الإسلام والمسلمين من شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار وصلى الله على النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

قد يعجبك ايضا