هذا المساء .. كانت المدينة تعد أنفاسها .. تتنفس بصمت مرعب , تتدفق أحيانا عنوة كتل متتالية من انفاس خوف مع زفيرها .. خوفها من السماء وآلاتها الصماء التي تعد تلك الزفرات . تحسبها نفسا نفسا وعداد الآلة لا يفقه تعابير وجه مدينتي المستعطف , يتلمس فقط يتلمس ادنى همسة من فمها . وآلة الأرض لم ترحم موتها أيضا فأطفأت مولدات الكهرباء أضواءها وغاصت المدينة في ظلام تتلمس اطراف مصرعها, وتستجمع ثوب عرسها الكان محتمل انبجاس اهازيجه, وهي توعد به منذ فبراير الحب للعام 2011 للميلاد .
لم يولد الفرح ولا هي يأست من لبس ثوبها الأبيض كل مساء .. كان ثوبها ذاك تهمة الأرض والسماء فظلت عين الآلة تترقب وهج ذلك الفستان بحنق وغيض ..
من نافذة غرفتي الآن أنادي مدينتي الخائفة فينفجر حنينها للأمن والسلام نياحا بصوت طفلة مرعبة وجرت إلى حضني تجر اطراف ثوبها الابيض . أضم طفلتي واكفكف دموعها المحرقة التي انهكت صدرها الغض.. وانتظر …
انتظر هدايا السماء القاتلة .. هدايا دونما موسيقى وصول حتى , هدايا أشد خبثا من هدايا طفل غزة الذي كان على الأقل يسمع موسيقى عذبة يختتم به أحلام طفولته المنهكة .
وجع وموت أحمر هي هدايا سماء ذلك المساء . نامت طفلتي ومازالت ممسكة بأطراف ثوبها بكلتا يديها . ..
طل القمر قبل موعده ليكسر وفاق الأرض والسماء, وحطم غسق ذلك المساء . أنطلقت انفاس طفلتي بأمان في حضني , ولم تعد تحاصرها كما قبل, ظنا منها أن في يدي حمايتها من حقد آلة السماء .. مع كل نفس كان ينطلق كانت تفرج شفتيها عن مشروع ابتسامة.. في زقاق من ازقتها تستذكر قناديل رمضان وضحكات السمر .. وفي زقاق آخر لأقرانها الآخرين العاب البكور وضحكات تفتح أبواب الكون .
القمر يزداد حماسا كما أنا, مع مشروع حلم طفلتي النائمة بحضني بسلام..
ثلاثة أنفاس أخيرة لميلاد الحلم قطعتها هدايا السماء العادة انفاس طفلتي .. أستحال الحلم خليط من وجع ودماء تمتلئ بها الأزقة ..
غاااابت طفلتي عن عيني وفي فمها ابتسامة محروقة وقد صبغ ثوبها واحترق ..
أما القمر فغرق ضوؤه في دموع الوداع ..
2015/4/1م