حلم وخذلان

يعيش يمننا الحبيب هذه الأيام محنة كبيرة تدمي القلوب وتشل العقول الحية بوصول الأزمة السياسية إلى تدخل عسكري لن ينتظر منه إلا تعميق أزماته المستفحلة وتهديد سلمه الاجتماعي وبنيته وتماسكه ودفعه إلى مستويات خطيرة من الفقر والعوز بعد أن ظل لعقود يكابد الأهوال وينحت في الصخر من أجل مستقبل أفضل.
 الشعب اليمني الصابر والطموح والمجد ظل لعقود يحلم بحياة حرة وكريمة ومنح الفرص الواحدة تلو الأخرى لقياداته وحكوماته المتعاقبة آملا في كل مرة أن يتجاوز مآسيه ومحنه المتراكمة جراء السياسات الفاشلة .. متمسكا بحلمه وتوقه في الأفضل وظل صادقا وأمينا ووفيا لوطنه .. لا يعرف الانكسار واليأس رغم خذلانه مرات وتجرعه ويلات السياسات الفاشلة لحكوماته وتيه ساسته الذين قادوه أخيرا إلى دائرة الاستهداف لمقدراته والقتل والاقتتال المجاني لأبنائه دون وازع من دين أو ضمير ودون اكتراث لصبره ومعاناته وحلمه الطويل .
 محنة اليمن ليست سوى تعبير جلي لفشل قادته ومكوناته السياسية ومسؤوليه الذين نكثوا بالأمانة وبأبسط قواعد الوطنية وأضاعوا حاضره ومستقبله بوعود طنانة وكاذبة وخداع مستمر وطويل وتنظير وكلام عقيم بتحقيق حلمه في الدولة المدنية فيما النتيجة إعادته إلى الوراء عقودا وربما قرونا بعد أن صدق أنه على أعتاب مرحلة جديدة في حياته سيخرج معها إلى بر الأمان ويودع مآسي الماضي وإذا به يجد نفسه في محنة كبيرة أشد وأقسى من كل سابقاتها.
 الحلم اليمني اليوم ينهار تحت وطأة الفشل والخذلان لقياداته وساسته دون استثناء فجميعهم يتحملون مسؤولية إيصال الشعب إلى هذه النقطة الخطيرة وغير المسبوقة في حياته وتركه يصارع مصيره المجهول دون أن يحرك فيهم ذلك ذرة من خجل أو حياء أو على الأقل اعتراف بالفشل من باب التكفير عن الذنب الذي اقترفوه بحقه في تقويض حلمه في العيش الكريم على أرضه مواطنا حرا ينشد التطور كبقية شعوب العالم بل ذهبوا كعادتهم في استمراء المغالطات بكل صلف والمضي في اتجاه تفتيته وتمزيقه.
شعب هكذا صفاته ومناقبه إنه لشعب عظيم قادر على تخطي الأهوال والنوائب والمحن والنكبات وتجاوز الخذلان ونكران الجميل كما كان على الدوام صبورا وحليما ومتسامحا ليقف مجددا على قدميه وتقديم الدروس والعبر لكل من قاده ويحاول أن يقوده إلى مآلات كارثية ومدمرة .
اليوم لم يعد مقبولا تحميل الشعب فشل ساسته وحان الوقت ليجني ثمار معاناته الطويلة وحلمه النبيل في وطن حر ومتطور ولتكن هذه صيحة مدوية في آذان الجميع لإعادة اليمن إلى الشعب وأن يكونوا هذه المرة عند المسؤولية التي فرطوا فيها حيث لايزال هناك متسع من الوقت لفعل شيء عظيم إذا تحلوا بقليل من الحصافة والفضيلة وكما يقال فإن العمل الفذ يوجد في الفضيلة وليس في الانتقام.

قد يعجبك ايضا