صراع المثقف اللا عضوي في القرية الصغيرة

المثقف  اللا عضوي الذي يصدر من ذاته وعواطفه دون أن يفهم شيئا عن العالم وحركته يضاعف من مآسي متابعيه ولا يخفى على الجميع أن أعداد المثقفين والكتاب بعد الربيع العربي تضاعفت أضعافا مضاعفة دون أن تجد هذه الأقلام من يوعيها بأبجديات وأساسيات الصراع وأطرافهومن يتحدث من المنظور المحلي دون أن يدرك أبعاد الصراع والتحالفات يكون ضحية نبله وجهلهفالعالم اليوم لا ينام ولا يترك لأحد أن ينام.
نحن في عصر القرية الصغيرة /اللعينة التي يضيع في دوي حروبها مئات الآلاف من الأرواح والأصوات فالقرية الصغيرة تعمل على إعادة بناء التحالفات وتجديدها .
والمثقف الذي يكتب من عاطفته التي لا تعرف عمق الإشكالات يكتب مخاوفه أو عدوانيته فقط و لا تعني شيئا سوى أنها أعراض إنسانية تندرج ضمن الخواطر النثرية أو أدب المذكرات لإنسان لا يريد أن يفهم شيئا ويتعرض للمكائد والاستغلال .
ولعل العزلة التي وقع فيها كثير من المثقفين و السياسين لفترات طويلة عزلة القراءة والممارسة كانت  سببا رئيسا في التطابق بين مقولاتهم ومقولات العامة وهذه التطابقات  تعزز عند العامة ثقتهم في أوهامهم وبالتالي تصدر مثل تلك الأوهام إلى خانة اليقينيات .
ويترتب على اللاوعي بحركة العصر وموقع البلدان العربية من هذا التحولات تزايد حدة التراشقات بعبارات التخوين والانقسامات الحادة وبروز الشروخ الطائفية والعودة إلى الحدوس الغابرة للتشبث بها بوصفها مصدرا الأمان النفسي .
ورغم كل هذه المخاطر و التأمرات والجهليرى كثير من المفكرين أن بوسع المجتمع العربي أن يعيد ترميم ذاته للوثوب من جديد ليصبح رقما صعبا وقوة يحسب لها فالحضارة ليست حكرا على جغرافيا بعينها وهجرة الحضارات تحدث خارج حسابات المنطق والتوقعات.
العالم يعيد صياغة ذاته ضمن ثنائيات كبرى شرق وغرب و ما هذه الثنائيات التي فرخت بكل علاتها إلا تناسلات للثنائية الأم فالطائفية والجهوية وأخواتهما من التمايزات والتعريفات ما هي إلا آثارا للصراع الخفي بين الشرق والغرب .  أو آثارا للاستغلال السيئ  والانتهازي لحراك شعوب الربيع العربي .
ولعل من الحكمة أن نعرف أنفسنا ضمن الإطار الوطني الكبير بالتزامن مع الإطار العربي والعالمي و بما لا يترك للآخر المتاجرة ببلداننا وبأرواحنا ومستقبلنا ولا نترك لتلك الإملاءات أن توسع الشرخ وتذر الرماد في العيون فأن نرى أنفسنا بأعيننا أجدى لنا من أن نرى بعضنا بعيون الكبار الذين تبرر لهم مخاوفهم كل ما لا يخطر على بال.

قد يعجبك ايضا