تحدد نظام الحكم الأمثل لنجاح الدولة

تختلف أنظمة الحكم من دولة لأخرى بحسب السياسات والأيديولوجيات المتبعة لكل بلد على حدة ولكن هناك نماذج من أنظمة الحكم طبقت على أسس سليمة سواء كانت بالحكم المباشر أو غير المباشر وكانت ناجحة في دول أخرى.
ولكي نقيس نجاح الأنظمة بين دولة وأخرى تختلف التوجهات والرؤى والاقتراحات لتطبيقها في اليمن.
“الثورة” استطلعت آراء خبراء ومختصين حول وجهات نظرهم حول أي أنظمة الحكم تعد الأمثل التي من خلالها يمكن تحقيق النجاح لأي بلد.

يرى الدكتور علي أبو حليقة, رئيس لجنة الشئون الدستورية والقانونية بمجلس النواب عضو البرلمان العربي أن النظام الديمقراطي هو الأسلوب الأمثل لنظم الحكم في العصر الحديث وهو أن يحكم الشعب نفسه بنفسه في إطار الديمقراطية المباشرة وغير المباشرة وهو نظام يشترك فيه الشعب في الحكم عن طريق الاستفتاء والانتخابات لاختيار ممثلين عنه.
أسس تشريعية قانونية
ويضيف أبو حليقة: والأساس في الحكم الديمقراطي أن كل فرد بالغ ذكرا كان أو أنثى يشترك في شئون الدولة ويشارك في القرار السياسي في إطار الديمقراطية غير المباشرة وهذا النظام في الواقع يقترب كثيرا من نظام الشورى في الإسلام والذي يأتي في إطار البيعة من مجالس أهل العقد والحل كما يعرف ذلك الفكر السياسي في الإسلام وهناك عدد من الاجتهادات الفقهية في الفقه السياسي الإسلامي ولا يسع المجال في هذه العجالة التعمق في ذلك وقد ترجم الدستور اليمني بعضاٍ من تلك الأسس السياسية منها أن الشعب مالك السلطة ومصدرها ويمارسها بشكل مباشر عن طريق الاستفتاء وبطريق غير مباشر عن طريق الهيئات التشريعية والتنفيذية والقضائية وعن طريق المجالس المحلية المنتخبة وأساس ذلك التعددية الحزبية والتداول السلمي للسلطة وتنقسم أشكال الأنظمة السياسية في ظل النهج الديمقراطي إلى النظام الرئاسي أو البرلماني أو النظام المختلط كما هو حاصل في التجربة اليمنية الحالية والأمثلة على ذلك كثيرة وهذه الطرق تعد أحدث النظم السياسية في الحكم الحديث بالإضافة إلى ضرورة الفصل وعدم الخلط بين المؤسسة الدستورية والمؤسسة القضائية والمؤسسة التشريعية الفصل بين نظام المؤسسات هذه من الأسس الأولية لنظام حكم رشيد ديمقراطي يراعي مصالح المجتمع ويراعي مصالح الفرد والمجتمع في آن واحد.. ويجب أن يرتكز النظام على أسس تشريعية وقانونية عادلة وواضحة.
المساواة والشراكة
ويرى الناشط السياسي ماجد الحميدي أن أمثل ألأنظمة بالنسبة لليمن هو النظام البرلماني لأنه يْعدْ أحد صور النظام النيابي ويعرفه الفقه بأنه: “النظام الذي يوزع السلطة بين هيئات ثلاث (الهيئة التشريعية – الهيئة التنفيذية – الهيئة القضائية) دون أن يفصل بين هذه الهيئات الثلاث فصلاٍ تامٍا بل يضمن بينها تعاونٍا واشتراكٍا في بعض الاختصاصات ويجعل لكل منها في الأخرى تأثيرٍا أو تدخلاٍ متبادلاٍ مع الإبقاء على مبدأ (المساواة والتعاون والشراكة بينهما).
ويضيف الحميدي: وكم نحن بحاجة إلى هذا التعاون والمساواة والشراكة بين السلطات بل بين الوزارات بكل قطاعاتها المدنية منها والعسكرية والأمنية وكافة الكياناتº لكي يصبح الشعب أمام النظام والقانون متساوين ولا فرق بين وزير ومسئول وضابط بل ورئيس الدولة والمواطن فيما يخص الأمن القومي للبلد والعمالة والارتهان للخارج حينما يكون كافة أفراد الشعب -كل الشعب- متساوين, وعدالة النظام للجميع وتحت شعار (الدين لله والوطن للجميع) ونظام برلماني فعلي وليس نظاما صوريا لتكون البلاد في رقي وتقدم وأمن واستقرار وكم نحن بحاجة للأمن والاستقرار الذي إن وجد وجدت التنمية الاقتصادية والازدهار في البنية التحتية وكافة مقومات الحياة الكريمة.
وجود معوقات
من جانبها تقول فاطمة الخطري, وكيل قطاع المرأة في وزارة الإدارة المحلية: في الوضع الراهن توصل المتحاورون إلى حل مبدأي واتفقوا أن يكون هناك مجلس رئاسي ورغم ذلك يوجد بعض المعوقات لعدم اتفاق مكوناته على كيف تكون الآلية لاختيار المجلس الرئاسي الذي كان أساساٍ من ضمن مخرجات الحوار في أن تكون اليمن من عدة أقاليم بمعنى أن يكون نظاما فيدراليا وكانت هناك رؤية أخرى تقول أن يكون الحكم محليا واسع الصلاحيات.
وترى الخطري أنه وإذا بدأنا كخطوة أولى بما اتفقت عليه المكونات السياسية مبدئيا بقيام مجلس رئاسي ثم بعد المجلس الرئاسي تشكل لجان ونرى ماهية الوضع الأفضل سواء كان فيدراليا أو اتحاديا أو كان واسع الصلاحيات لأن الوضع الراهن بحاجة إلى دراسة سواء كانت سكانية أو دراسة توزيع المديريات فالموضوع ليس بالسهولة أن نتخذ بيوم أو شهر شكل الدولة.
بناء الدولة
ويقول الدكتور محمد صالح قرعة – عضو مجلس الشورى نظام الحكم الفيدرالي أصبح يحتل مكانة بارزة في الدول التي تعرضت أو تتعرض لهزات اجتماعية وذلك لأن هذا النوع من أنظمة الحكم الاتحادية مكن المناطق (الأقاليم) والتكوينات الاجتماعية من إدارة شؤونها الداخلية بعيدا عن سطوة المركزية.
ويرى  أن موضوع نظام الحكم المستقبلي والحلول المرتجاة لإخراج شعبنا ووطننا من براثن النظام المركزي وصولا إلى بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية وخلق الأسس الموضوعية للتبادل السلمي للسلطة والتهيئة الحقيقية لنظام ديمقراطي يحمي حقوق الإنسان ويمكن من بناء اقتصاد وطني قوي يحقق للمواطن الحياة الكريمة ويرفع من مستوى حياة الفرد المعيشية.
وتابع حديثه بالقول: انعقد في بلادنا مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومن أهم الموضوعات التي كانت محل مداولات ونقاشات أكثر من مختلف المكونات السياسية والاجتماعية والشبابية والنسوية كان موضوع تحديد نظام الحكم القادم الذي سيكون هو المخرج مما نعاني منه وبعد مداولات واستعراض لأهم تجارب من سبقونا من البلدان توصل اليمنيون من خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل إلى اتفاق كامل باختيار الانتقال إلى الحكم الاتحادي الفيدرالي ولم يكن هناك أي مكون أو فريق بقي مع النظام المركزي حيث ونحن سبقت لنا تجربة المركزية في اليمن منذ 1962م وكذلك من تحقيق الاستقلال في عام 1967م وأصبحت كل القوى السياسية والاجتماعية على قناعة تامة بضرورة تجاوز نظام الحكم المركزي والانتقال إلى النظام الاتحادي ولهذا السبب نجد اليوم أن هناك اصطفافاٍ وطنياٍ واسعاٍ يدعو إلى النظام الاتحادي الفيدرالي وإن كان هناك تباينات في الرؤى حول اليمن الاتحادي الجديد القادم فذلك ينصب في موضوع عدد الأقاليم التي تتكون منها دولة اليمن الاتحادي.
توافق القوى السياسية
ويلخص د. قرعة حديثه بالتأكيد على أن الدول والشعوب التي أسست نظم حكم اتحادية فيدرالية هي اليوم أقوى الدول اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وتعيش شعوبها في وئام وسلام اجتماعي أكثر من أي حكم آخر ففي العالم الإسلامي نجد ماليزيا وإندونيسيا تنهج هذا النمط من نظم الحكم كما نجد الدول الكبرى نظام حكمها هو النظام الاتحادي الفيدرالي وفي أوروبا تمثل ألمانيا النموذج الأفضل والأروع للدولة الاتحادية.
وختم عضو مجلس الشورى د. قرعة حديثه بالقول: نتمنى لوطننا اليمني الذي عانى ويعاني أن تتوافق قواه الوطنية والسياسية والاجتماعية لبناء اليمن الاتحادي الجديد بأقاليم يتم أيضا تحديد عددها انطلاقا من المصلحة العليا للوطن والمواطن وأن يجنبوا بلادنا الوقوع في المزيد من العثرات فيكفيه من المعاناة التي مر بها خلال العقود الماضية منذ 1962م.

قد يعجبك ايضا