تكدسها في بعضها لفترة تتجاوز اليومين, أمر مزعج للقاطنين حولها ولمن يمر بجوارها, إذ أنها تبث روائح كريهة تكاد أن توقف أنفاسك, وتدفع بك إلى بحر من الأسئلة عن دور الجهات المعنية بانتشالها ورميها في الأماكن المخصصة لها خارج العاصمة صنعاء.. لكن سرعان ما تتوه وتغرق في بحر أسئلتك الواقعية عن دور تلك الجهات, حين ترى موظف البلدية المناط به المرور يوميا وخلال أوقات معينة بالأحياء المعني بها, يقوم بإشعال وإحراق المخلفات “القمامة” بدلا من أخذها وإيصالها إلى المكب الرسمي لإحراقها بعيدا عن الأحياء والسكان, ما يسبب ذلك تلوثا بيئيا وصحيا, ويكاد الدخان الناتج عن الحريق أن يؤدي بحياة العديد من السكان لا سيما الأطفال والمصابين بمرض الربو وضيق التنفس.
إحراق مخلفات المنازل الأحياء والحارات, ظاهرة بدأت تنتشر بشكل كبير, دون أي سعي أو تحرك من قبل الجهات المسئولة بأمانة العاصمة لوضع حد لهذه المهزلة, التي ـ لو استمرت ـ ستحول صنعاء إلى مجرد مكب للقمائم أو محرقة, خاصة في ظل استمرار منتسبي النظافة ممارسة هذه العادة التي يروى بأنها تخفف عليهم مشاقا وجهدا كبيرا في حال جمعها ونقلها لمكانه المخصص.
ليس عمال النظافة من يقدمون على إحراق المخلفات فحسب, وإنما الأطفال حين يرونها تتكدس فوق بعضها لأيام, يسرعون إلى إشعالها بهدف اللعب واللهو, وإزالة الرائحة المزعجة المنبعثة منها.. لكن يبقى المتهم الرئيسي أمام كل ذلك التخلف والعشوائية وذلك بإهمالهم تجاه واجباتهم.. وكذلك الأسرة تجاه أبنائها وعدم تحذيرهم من الاقتراب من هذه المخلفات لما فيها من جراثيم وبكتيريا تصيب وتنقل أمراضا معدية وبعضها قاتلة كما أنه لا أحد يرغب بوجودها سوى الحشرات والبعوض.. ولا أحد يقترب منها سوى بعض الأسر الفقيرة التي وقف أمامها الحظ والقدر.. تلك التي بذلت كل ما بوسعها للحصول على عمل ما تؤمن من خلاله حياة كريمة بسيطة.. غير ترفة وبذخة..
فحين نمر جميعنا من جوارها نضع أيدينا على أنوفنا.. لنتحاشى ما تبثه تلك المخلفات من روائح كريهة وعفنة ووسخة.. نبتعد عنها لنحاول أن نجنب أنفسنا أمراضا وأوبئة.. لكننا لم نفكر يوما في كيفية اجتثاث هذه المعضلة بشكل نهائي.. لم نحاول يوما أن نساعد أنفسنا ونجنب أطفالنا وأسرنا أمراضا عديدة وقاتلة..وليس الأمر بالصعب.
إن القضاء على هذه الظاهرة القرفة ليس من مهام رجال النظافة فحسب.. وإنما من واجبي وواجبك أنت.. فلا يمكن أن نتمكن من هزيمتها وتغييبها من شوارعنا ما لم نكن نحن مشاركين في عملية اجتثاثها.. وكل ما يجب أن نقوم به هو وضع تلك المخلفات في أكياس خاصة بها وإخراجها من المنزل في الوقت المحدد لمرور عربة النظافة إذا التزم الجميع بهذه الخطوة سننجح في إعدام هذه المعضلة وإبعاد أنفسنا وأسرنا عن أمراض كثيرة وخطيرة قد لا يحمد عقباها بالإضافة إلى أننا سهلنا مهام الرجل العظيم ” رجل النظافة” وساهمنا في إيجاد منظر نظيف وحضاري لشوارعنا ومدينتنا.
كما على صندوق النظافة والمجالس المحلية توفير براميل وصناديق خاصة بالمخلفات ويتم وضعها في أماكن بعيدة ولو بنسبة بسيطة عن أبواب ونوافذ المنازل.. وعلى المواطنين هنا الالتزام بنقل المخلفات إلى تلك البراميل..
في ظل إهمال وغياب دوريات النظافة لمدة تزيد عن اليومين أو الثلاثة أيام في بعض الأحياء, يتطلب من الإدارات الرقابية والإشرافية على أفراد النظافة أن تفعل دورها وتقوم بواجبها.. وأن تقوم بزيارة الأحياء وتفقد سير عمل النظافة فيها كما يجب عليها أن تكرم عمال النظافة بجوائز مالية قدرية كحافز لهم ومشجع لهم.
Next Post
قد يعجبك ايضا