القات المتهم الأول في استنزاف المياه الجوفية

 تعاني العديد من مناطق اليمن أزمة في مياه الشرب يحصل هذا في وقت بات فيه اليمنيون لا يعولون كثيراٍ حتى على الآبار التي نضب الكثير منها واليمن واحدة من البلدان التي لا توجد فيها أنهار إذ تعتمد اعتماد كلياٍ على المياه الجوفية ومياه الأمطار في المقام الأول  فكمية الأمطار في المنطقة الوسطى تقدر بـ 400-1100 مليمتر أما المناطق الساحلية فلا تزيد عن 100 مليمتر سنويا. وتعتمد اليمن كلياٍ على نحو 45 ألف بئر تقريباٍ ..
وكان تقرير أصدرته منظمة الأغذية والزراعة العالمية الفاو أن اليمن من بين أفقر 10 بلدان في العالم في مسألة المياه وان مساحة الأرض التي يمكن زراعتها في اليمن تقدر بحوالي 3.6 مليون هكتار أي حوالي 6.5% من مساحة اليمن إلا انه وبسبب النقص الحاد في المياه فان إجمالي المساحة المزروعة في اليمن لا يتجاوز 1.6 مليون هكتار أي حوالي 2.9% من إجمالي مساحة اليمن.
تقرير الأمم المتحدة الصادر للعام 2013م بدوره ذكر بأن اليمن تعد سابع دولة في العالم تعاني من شحة المياه من حيث أن توافر نصيب الفرد السنوي من المياه العذبة هو 120 مترا مكعبا في مناطق اليمن بأكملها أو فقط 10% من متوسط منطقة الشرق الأوسط وأقل من 2% من المتوسط العالمي .
ففي المناطق المرتفعة يزداد الوضع سوءاٍ حيث لا توجد مياه سطحية جارية والبلاد تعتمد كلياٍ على مياه الأمطار والمياه الجوفية. فالمياه الجوفية يجري استنزافها بمعدل أسرع بكثير من تغذيتها وتجديدها.
ويشير البنك الدولي إلى أن: “عملية الري التي يديرها السوق تمثل 90% من إجمالي استخدام المياه مما يؤدي إلى استنزاف المياه الجوفية بمستويات لا يمكن تحملها. إن أولئك الذين يستطيعون تحمل نفقاتها يلجأون إلى شراء المياه من أسواق خاصة غير رسمية وغير منظمة معظمهما في المناطق الحضرية”.
 إن المياه ليست فقط مشكلة من حيث الاستهلاك البشري بل أيضاٍ لها تأثير مباشر على الأمن الغذائي لأن توفر المياه أمر بالغ الأهمية وضروري للزراعة التي من شأنها تمكن اليمن من إنتاج المزيد من المحاصيل الغذائية. في الوقت الحالي تشير التقديرات إلى أن 90% من المواد الغذائية الأساسية يتم استيرادها وذلك في ظل تراجع عائدات الصادرات لشراء هذا المواد الغذائية. ليس هذا فقط من الأنماط الحالية لاستهلاك المياه في اليمن التي لا يمكن تحملها بل أيضاٍ الغالبية العظمى من موارد المياه تستخدم لإنتاج القات – وحسب بعض التقديرات تصل إلى 90%.
وأضاف التقرير أن تدهور الأراضي يشكل أيضاٍ تهديداٍ رئيسياٍ لإنتاج الغذاء وهناك دراسة أجريت عام 2007م وجدت أن نحو 85% من الأراضي الزراعية في اليمن أخذة في التدهور نظراٍ لنقص المياه ويرجع ذلك جزئياٍ لزراعة القات على نطاق واسع والتصحر بسبب تآكل التربة.
ويرجع التقرير سبب تآكل التربة لاستخدام الأراضي غير المستدامة أو الممارسات الزراعية وإزالة الأشجار وكذلك تأثيرات التغير المناخي. وأشارت الدراسة نفسها إلى أن مساحة الأراضي الخصبة – فقط تشكل حوالي 13.6% من جميع الأراضي اليمنية – كانت تتقلص بسبب أعمال البناء والتصحر. فقط ما يقدر بنحو 2.2% من مساحة الأراضي صالحة للزراعة في اليمن بالمقارنة مع 7.4% في الضفة الغربية وقطاع غزة و 9.2% في العراق و 14.6% في إثيوبيا. تقليدياٍ استطاعت اليمن الحفاظ على المياه ومنع تآكل التربة من خلال زراعة المدرجات. ويجرى التخلي عن هذه الممارسات بشكل متزايد لقلة العاملين في الزراعة.
إن تأثيرات تدهور الأراضي واستنزاف المياه لها أثر عميق على التعرض للمخاطر من خلال انعدام الأمن الغذائي والحصول على موارد المياه. علاوة على ذلك وكما تشير الدراسة التي أجريت عام 2007م أن 80% من سكان اليمن يعيشون في المناطق الريفية ويمثل المزارعين 54.1% من القوة العاملة في البلاد. وبالتالي حصولهم على الدخل يتأثر مباشرة بنضوب المياه وتدهور الأراضي كما أن الجهود الرامية إلى تعزيز القدرة على المواجهة والإنعاش المبكر وزيادة الأمن الغذائي يجب أن تتضمن بالكامل المخاوف البيئية عند تصميم مثل هذه الأنشطة.
من جانبه أكد التقرير الصادر عن المركز اليمني للدراسات الاجتماعية وبحوث العمل أن 30 % من المياه يستحوذ عليها القات مما يجعل صنعاء أول عاصمة في العالم مهددة بالجفاف .. حيث ذكرت نتائج الدراسة الخاصة بإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة في الزراعة أن مؤسسة المياه وصلت في حفرها للآبار إلى ما يصل لـ 1000 متر تحت الأرض بسبب الاستنزاف الجائر لمياه الحوض والجهل باستخدام أساليب الري الحديثة وكذا التزايد السكاني وعوامل أخرى ..
وحسب وزارة المياه والبيئة اليمنية فإن صنعاء تواجه استنزافاٍ متزايداٍ للمياه في ظل الزيادة السكانية والتوسع العمراني غير المخطط لهما ويعتبر القات المتهم الأول في استنزاف المياه الجوفية حيث يستهلك كميات كبيرة منها تصل إلى 30% من المخزون الجوفي على حساب الاستخدامات المنزلية والصناعية ويقدر استهلاك القات من الماء بحوالي 800 مليون متر مكعب سنوياٍ وفي أمانة العاصمة صنعاء وحدها تقوم حوالي 4 الاف بئر بري القات بطريقة غير منظمة وهو ما يؤدي إلى انخفاض المياه بمتوسط ” 3-6″ أمتار سنوياٍ وقد ارتفع الطلب على القات في العقود الثلاثة الأخيرة والتوسع في حفر الآبار الجوفية مما جعل مضغ القات يتحول من عادة تمارس من حين إلى آخر إلى سلوك يومي لدى المجتمع اليمني رجالاٍ ونساء..
لذلك لابد من وضع حلول عاجلة لمعالجة مشكلة المياه والعمل على اتخاذ  منهج  واضح  وسليم  في  إدارة  مصادر  المياه  المتاحة  والحفاظ  على  هذه  الثروة  التي  لا  تقدر  بثمن  ومنع  أي  إهدار  غير  مسؤول  لها  بالإضافة  إلى  تطوير  المصادر  الشائعة  وإيجاد  مصادر  جديدة وبما  أن  المياه  الجوفية  لا  تزال  تعتبر  المصدر  الرئيسي  للإمداد  بمياه  الشرب  لذا  فمن  الواجب  البذل  بسخاء  لدعم  الأبحاث  العلمية  المتخصصة  في  هذا  المجال  لتنمية  موارد  المياه  الجوفية  وحمايتها  من  مخاطر  التلوث.

قد يعجبك ايضا