قبل انهيار الاتحاد السوفيتي كان الزعيم فلاديمير لينين قد حذر من عوامل وتداعيات مثل ذلك الانهيار وكتب قبل فترة طويلة قائلا: “ان اتحاد جمهوريات الإتحاد السوفيتي قائما على العامل الاقتصادي وبالتالي هو ائتلاف عسكري يتكون من شعوب وقوميات عديدة وإذا ما تم تفكيك العامل الاقتصادي المكون الأساسي للإتحاد السوفييتي فإن ذلك الإتحاد سينهار”.
وجاء جورباتشوف بعد فترة طويلة فطرح برنامج الجلاسنود البروستورويكا يعني بالروسية الإصلاحات الاقتصادية وإعادة البناء وجرى بموجب ذلك البرنامج تفكيك العامل الاقتصادي وهو ما كان حذر منه لينين سابقا (مؤسس الإتحاد السوفيتي) والعارف بشؤونه والمدرك لعوامل بنائه واستقراره أو انهياره.
وأدى ذلك البرنامج الذي طبقه جورباتشوف إلى تفكيك المعسكر الشرقي وجاء بعده يلتسين وأكمل في روسيا الاتحادية تفكيك الاقتصاد المركزي عقب استقلال الدول المكونة للإتحاد وبعد مدة على إثر وصول الرئيس بوتين إلى سدة الحكم وصف انهيار الإتحاد السوفييتي بأنه كان أكبر كارثة جيوسياسية شهدها القرن العشرون.
حيث أخل ذلك الانهيار بالتوازن العالمي ولكن الحقيقة هي أن روسيا الاتحادية خلال عهد بوتين بدأت تستعيد قوتها من جديد وأعطت القيادة الروسية الأولوية لبناء القوات المسلحة وتطوير الجيش الروسي حتى يكون قادرا على استيعاب المتطلبات العصرية ويكون عند المستوى الأفضل قياسا على ما كان عليه الحال سابقا, خصوصا وموسكو ظلت متمسكة بقدراتها العسكرية, فالترسانة النووية لم تتأثر بانهيار الاتحاد ولكن حصلت انعكاسات سلبية في جانب الاقتصاد جراء ذلك الانهيار الكبير وخلال السنوات الماضية توصلت القيادة الروسية إلى قناعة مفادها إنشاء اتحاد جمركي أو ما تعتبره رابطة اقتصادية تضم الدول التي كانت تشكل نواة الاتحاد السابق وانفصلت عنه فيما بعد.
وتواجه روسيا الاتحادية حاليا ضغوطات خارجية من قöبل السياستين الأوروبية والأمريكية بسبب النمو المتسارع في مسألة عودة روسيا الاتحادية كقوة سياسية وعسكرية سيما في ظل التوجه الروسي لإنشاء اتحاد جمركي بين دول الاتحاد سابقا أو التشاور على أساس تكتل اقتصادي يفيد الرابطة الجديدة التي تتطلع موسكو إلى إيجادها على أرض الواقع وهذا بالتأكيد أمر تعارضه السياستان الأمريكية والأوروبية من خلال التدخل السافر في شؤون الدول المجاورة لروسيا الاتحادية ,وما يؤكد حقيقة عودة روسيا كقوة جديدة الاستحداثات الجارية على صعيد السياسة الاقتصادية والعسكرية من أجل تحقيق تلك العودة وبشكل طبيعي فيما إذا نجح الاتحاد الاقتصادي يعني عودة الاتحاد السوفيتي سابقا بشكل جديد يواكب التطلعات العصرية للمرحلة الجارية في السياسة الدولية ..وهو ما لا تريده وتعارضه بشدة السياستان الأمريكية والأوروبية اللتان تتخوفان كثيرا من وجود مثل هذا التكتل الاقتصادي الذي سيعيد التوازن على الأرض ولن يبقى التكتل الأمريكي الغربي هو وحده القوة المهيمنة على الاقتصاد العالمي.
قد يعجبك ايضا
