
دعت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موجريني إلى اجتماع فوري للجنة الرباعية في الشرق الأوسط في ميونيخ على هامش مؤتمر ميونيح للأمن الذي انعقد منذ أيام قليلة بهدف (إحياء عملية السلام) بين الاسرائيليين والفلسطينيين وقالت الوزيرة الأوروبية: نحتاج إلى إعادة تفكير جماعية في منظورنا الشامل للصراع.. وأضافت: ستعد الرباعية لاستئناف عملية السلام بما في ذلك التواصل المنتظم والمباشر مع الدول العربية.
في النظرة العامة تبدو الوزيرة الأوروبية بنية حسنة وعلى قدر كبير من الاهتمام بهذه القضية التي تهم أمن واستقرار وسلام منطقة الشرق الأوسط وعالمنا بأسره.
ولكن في القراءة الخاصة كانت الوزيرة الأوروبية لا تقدم مباردة لتحريك هذه العملية بقدر ما هي محاولة لتخفيف الغضب الاسرائيلي من الأوروبيين اعترافهم بالدولة الفلسطينية والذي أعلن رسميا وبرلمانيا من قبل عدد من الأوروبيين تتحدث بلسان أوروبي ولكن بلغة أمريكية بعد أن أوصلت هذه الأخيرة الأمور إلى واجهة الجدار ولم يعد بالمقدور لديها استمرار المفاوضات العبثية التي دارت على حقوق الشعب الفلسطيني جراء الابتزاز الصهيوني والضغوط الأمريكية تحت مسمى التسوية السلمية ولسنين غير قليلة.
لقد كانت الرباعية منذ قيامها مجرد غطاء تستخدمه الإدارة الأمريكية عند حاجتها إعادة تحفيز سياستها الهادفة إلى تطويع الموقف الفلسطيني لواقع الاحتلال وهذا تجلى بقلب الحقائق ومنها أن الاحتلال هو الذي يقدم المطالب ويضع الشروط فيما على الفلسطينيين التنازل ومن الأدلة أن المفاوضات تحولت إلى عملية لشراء الوقت استنفدته (اسرائيل) في النيل من الفلسطينيين في حياتهم ووجودهم وحقوقهم وكانت قاطرة المشاريع الاستيطانية تلتهم الأراضي الفلسطينية.
لقد كان واضحا أن الإدارة الأمريكية بعد مؤتمر مدريد للسلام استفردت بهذه العملية وبهذه المنطقة والهدف تطويع الموقف العربي عامة والفلسطيني خاصة لواقع الاحتلال وهي حققت (إنجازات) من إرث المصاعب والعقبات ومنها بقاء المفاوضات في الدوامة العبثية.
والواقع أن ما جرى لا يطرح الدعوة إلى مؤتمر جديد للسلام يواجه هذه القضية على قاعدة القرارات والمواثيق والمبادئ للشرعية الدولية وحسب بل إن الخروج إلى التسوية الحقيقية إحقاق الحقوق للشعب الفلسطيني في أرضه وحريته واستقلاله وسيادته يمر بالتحرر من الوصاية الأمريكية بالخروج من نفق ودوامة المفاوضات العبثية التدميرية للسلام لا تحقيقه.
هنا يمكن القول: إن الرباعية لم تكن في نوم دائم فقط بل إن دعوة الوزيرة الأوروبية أقرب إلى محاولة إحياء ميت منذ ولادته.
