تضامن العدالة والإنسانية

طاهر محمد الجنيد

 

الديمقراطية الغربية المزعومة تمنح الانتقاد لكل شيء إلا إذا تعلق الأمر بانتقاد اليهود، فتهمة معاداة السامية كفيلة بإنهاء المعارض ماديا أو معنويا، فنفوذ الصهاينة واللوبيات لا حدود له ولا أدل على ذلك من شبكة جاسوس الموساد (جيفري ابستين) الذي سيطر على رجال المال والسياسة في أمريكا والعالمين العربي والإسلامي وما كشف حتى الآن غيض من فيض.

اللوبي الذي يدير السياسة الصهيونية يعيش الآن حالة من الهستيريا بسبب تصاعد التضامن العالمي مع مظلومية الشعب الفلسطيني، كيف تحول العالم إلى مؤيد ومناصر رغم السيطرة الإعلامية ورغم تعاون الأنظمة والحكومات مع كيان الإجرام والاحتلال في تسويق رؤيتها وتنفيذ استراتيجيتها.

الهولوكست الذي صمم كدعاية لاستدرار التعاطف والدعم خلق وعيا معاكسا وتهمة معاداة السامية فقدت مفعولها في إسكات الأصوات والقضاء على المعارضة.

من هنا نفهم بعض المبررات التي يسوقها قاده اللوبي اليهودي الذي مازال يري أن التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ليس نتاج جرائم الإبادة والتهجير القسري وجرائم الحرب وضد الإنسانية، بل انه يرى أنه ناتج عن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي وعدم الاعتماد على وسائل الإعلام الممولة والحكومية ومن الأسباب التي يقولونها تصاعد الكراهية ومعاداة السامية وغسل أدمغة الشباب ومعنى ذلك أن الإجرام الذي يرتكبه كيان الاحتلال ليس هو السبب، فذلك حق وواجب ويجب مواصلة الإجرام في الأراضي الفلسطينية وأيضا يجب القضاء على كل من يعارض الإجرام في الخارج اعتمادا على الأنظمة المتصهينة التي أصبحت الآن تحارب شعوبها إرضاء للإجرام اليهودي.

التضامن العالمي الذي لا سابق له في مناصرة قضية شعب من الشعوب، تفوق على كل القضايا ضد التحالف الصهيوني الصليبي الذي يريد مواصلة الإجرام.

أسقطت العدالة الإنسانية وحوربت الأمم المتحدة وتحولت إلى لعبة في أيدي الإجرام والمجرمين ولم تستطع حماية نفسها ولا العاملين لديها.

الإجرام والمجرمون الداعمون لهم يرون أنه يجب السيطرة على كل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، لا إيقاف ارتكاب الجرام ومحاسبه المجرمين؛ كيان الاحتلال منع كل وسائل الإعلام من تغطية كل جرائمه وقتل وأباد أكثر من 230 صحفيا وقتل الناشطين الذين ينقلون الأخبار بشكل مباشر ومتعمد وقتل أكثر من سبعين ألف شهيد وثلاثمائة ألف جريح.

قادة اللوبي اليهودي يلقون اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي ولا يهتمون لسفك دماء الأبرياء ويستغربون كيف صدقت شعوب العالم أن اليهود قتلة ومجرمون وهم أبرياء.

رئيس المؤتمر اليهودي (رون لاودر) وصف خروج المظاهرات المؤيد لمظلومية الشعب الفلسطيني انفجاراً معادياً للسامية واقترح إسكات كل وسائل التواصل الاجتماعي بكل الوسائل ومنها إنفاق الأموال الكثيرة من أجل نقل الحقائق التي يريدها لا الحقائق التي حركت عقول وقلوب وضمائر الشعوب.

من يعارض الإجرام وجرائم الاحتلال، معاد للسامية ومعاد للحضارة الغربية، فالجميع ضحايا المجرمين (الأعداء نشروا دعاياتهم ضد اليهود والحضارة الغربية في كل المراحل التعليمية من رياض الأطفال حتى 12عاما وفي الكليات والجامعات؛ غيروا الكتب وشوهوا تاريخنا وغسلوا أدمغة الشباب لكراهية إسرائيل وأمريكا).

المعادلة بسيطة التي يقترحها، ليس وقف كل تلك الجرائم ومحاسبة القتلة والمجرمين إنما يجب اتخاذ كل الأساليب القمعية والبوليسية من أجل القضاء على المظاهرات ومنعها من الاستمرار؛ ويجب السيطرة على كل وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وجعلها تنشر الأكاذيب التي يريدها على أنها هي الحقائق لا غيرها (وسائل التواصل الاجتماعي تروج الدعايات الكاذبة، يجب وقفها وتحويل عملها إلى نشر الحقائق، فهي ساحة حرب ومعركة للجيل القادم تماما مثل التعليم).

ما تم نشره لا يتعدى 30%من الإجرام ومع ذلك يراها أكاذيب وليس هذا رأيه، بل رأي قادة التحالف الصهيوأمريكي وهو ما يؤكد صدق الوصف الذي قاله القس مارتن لوثر (لم تشرق الشمس أبدأ على أكثر الناس تعطشا لسفك الدماء والمنتقمين من اليهود الذين يتصورون أنفسهم ليكونوا شعب الله ويعتقدون أنهم يجب أن يقتلوا ويسحقوا الأمم).

الذين يتظاهرون ضد اليهود معادون للسامية وللحضارة الغربية ومن الشباب الذين غسلت أدمغتهم وتلقوا الأخبار الكاذبة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

الإجرام المتواصل الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية، ناتج عن نظام عنصري وإجرامي في كل مجالاته سياسية واقتصادية ودينيه وثقافية وتعليمية وفي كل الشؤون؛ نظام يربى عليه الأطفال ويدعوا اليه الحاخامات وتطبقه كل السلطات المدنية والعسكرية على السواء؛ يصف الضحايا بأنهم مجرمون وحشرات وبهائم وان قتلهم واجب ومن يفعل ذلك فإنه ينفذ إرادة الله.

تحرك الجماهير والشعوب للتضامن مع مظلومية الشعب الفلسطيني رغم العقوبات والمضايقات والإجراءات، يصوره قادة اللوبي اليهودي على أسباب كاذبة كي يبرروا استمرار الإجرام ودعمهم للمجرمين ومنها:

1 -تغيير المتطرفين للمناهج وتشويه تاريخ اليهود وغسل أدمغة الشباب لكراهية إسرائيل وأمريكا.

2 -الفجوة بين الأجيال وتلقي 50%من الشباب أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعي.

3 -انفجار معاداة السامية بسبب التعليم.

4 -الآثار السلبية الجانبية لتدريس الهولوكست دون حصره على اليهود.

وكل تلك الأسباب وغيرها محاولة كاذبة لتبربر الإجرام واستمراره، لأن شعوب العالم تضامنت مع الضحايا الأبرياء في مواجهة القتلة والمجرمين والظلم والطغيان.

كان الإعلام حكرا على الرواية اليهودية بفعل السيطرة الكبيرة عليه من قبلهم، لكن دخول وسائل التواصل الاجتماعي كبديل، أنهى تلك السيطرة المطلقة وأتاح الفرصة لنشر الحقائق التي تسعى اليها الشعوب لا المقننة المفلترة التي تؤمنها الأنظمة والحكومات واللوبيات وجماعات الضغط.

اعتمد اللوبي الصيوأمريكي على دعم كيان الاحتلال من خلال تسويق الهولوكست وعلى محاربه وتكميم المعارضين بواسطة تهمة معاداه السامية بالإضافة إلى القدرات الكبيرة في إسكات كل من يعارض اللوبي، رؤساء ووزراء وقادة ومفكرين وغيرهم وأبرز مثال اغتيال الناشط الأمريكي (شيرلي كيرك) الذي أعلن نيته الخروج عن دائرة خدمة اللوبي اليهودي فتم قتله وسط حشد من مؤيديه، ليكون عبرة للآخرين ومنعا لمواصلة التمرد عليهم والى الآن لم يتم الكشف عن الفاعلين ولا نشر أخبار المحاكمة لأن الفاعل ليس عربيا ولا مسلما.

التحالف الصهيوني الصليبي غسل أدمغه الشعوب بالأكاذيب التي روجها والآن الشعوب استفاقت من غفوتها وعادت إلى وعيها وهو تحول لا يرغبون به؛ الكاتبة الأمريكية الصهيونية (كامي دافيس) تحكي قصتها مع غسل الدماغ الذي تعرضت له منهم (لقد حولوني إلى بوق لتسويق دعاياتهم، لكن الحرب على غزة جعلتني استفيق من غفلتي –اكتشفت خلال السنتين الماضيتين ما سرقه الصهاينة من الفلسطينيين، سرقوا الأراضي والبيوت وسرقوا التاريخ؛ وغرسوا البغض والكراهية للعرب والمسلمين ولأهل فلسطين.

أخبرونا ألا نثق بالعرب ولا نصدق روايتهم لتاريخهم وحينما ذهبت إلى فلسطين وعدتهم بعدم الركوب مع أي سائق عربي، لكن شاءت الصدفة أن أصل في عطلتهم، فما كان مني إلا أن ركبت سيارة عربي عرفني بالقدس وأسوارها وأبوابها وتاريخها، فعرفت أن القدس جزء من تاريخه وتاريخ الفلسطينيين وأنهم يحبونها ويقدسونها، لقد غسلوا ادمغة الأمريكيين وشعوب العالم؛ والآن أصبح الأمريكيون يدركون حجم ما تم غسله من أدمغتهم لصالح الدعاية الصهيونية الكاذبة ويحاولون ضبط عقولهم وقلوبهم وإعادة النظر في رؤيتنا للعالم وخاصة رؤينا للعرب)

لقد صنع إجرام التحالف الصهيوني الصليبي تاريخه بنفسه وقدمه للعالم، كما قدم النازية الألمانية واستدر بها عطف العالم لتمويل الاستيطان في فلسطين وقدم الفاشية في إيطاليا حاكم النازية وفرض عليها التمويل ولم يحاكم الأخرى، لأن الضحايا من العرب والمسلمين ومن النصارى الذين لا يتفقون معهم في مذهبهم؛ وقدم الأمم المتحدة والقوانين الدولية كمرجعية للعالم، لكنه سخر منها وعطلها وداسها، لأنها تعارضت مع مصالحه وأهدافه.

 

 

قد يعجبك ايضا