المرأة اليمنية في عيون العالم

وفاء الكبسي

 

في زمنٍ تتكاثر فيه صورُ الانهزام وتبهت فيه ملامح الهوية، ينهض من اليمن وجهٌ آخر للمرأة؛ وجهٌ فاطميُّ الملامح، قرآنيُّ الروح، يفرض حضوره على العالم دون أن يطلب منصة أو ضوءًا. إنّها المرأة اليمنية الفاطمية… المرأة التي أعادت تعريف القوة، وكتبت من قلب الحصار روايةً عالميةً لا يمكن تجاهلها.

حين ينظر العالم إلى المرأة اليمنية اليوم، لا يراها في حدود الأدوار النمطية؛ بل يسمع في صوتها صدى الزهراء عليها السلام، ويرى في خطاها أثرًا من دربها المبارك. في البيت تُربّي جيلاً قرآنيًا، وفي الساحات تُشارك أخيها الرجل في صناعة الموقف، وفي ميدان المواجهة تُرسل القوافل، وتُذيب الذهب وتشحذ الهمم، وتربط الجبهة بالروح.

هذه الثباتية الإيمانية جعلت العالم يتساءل: من أين تستمدّ هذه المرأة كل هذا الصمود؟

والجواب يشرق من داخلها: من مشكاةٍ لا تنطفئ… من مدرسة الزهراء.

لم تكن المرأة اليمنية مجرد عنوان للمعاناة في التغطيات الإعلامية؛ بل تحوّلت إلى رمز للقوة الروحية. الصحافة الأجنبية وصفتها بأنها “امرأة لا تُقهر”، والمنظمات الدولية تقف أمام مشاهدها في ساحات الاحتجاج متفاجئة من قدرتها على تحويل الألم إلى وعي، والجوع إلى كرامة، والحصار إلى فرصة للتماسك.

لقد رآها العالم تحمل طفلها في يد، وراية الحق في يد أخرى.

رآها تواسي الأمهات، وتودّع أبناءها الشهداء بدمعٍ صامتٍ يضجّ بالعزة.

رآها تعلّم، وتكتب، وتغيث، وتُنفق، وتقاوم، وتثق بوعد الله.

ليست المرأة اليمنية نجمة فضائيات، ولا ناشطة تلهث خلف مؤتمرات دولية. حضورها عالميّ، لأنها تمثّل مدرسة أخلاقية وإنسانية لا تستطيع الأرض إخفاءها.

تصل قصتها إلى العالم حين تخرج من قريتها البسيطة لتقدّم ما بيدها من مال وذهب دعماً للمستضعفين.

وتصل حين تقف في ساحات اليمن للغضب لأجل غزة والقدس، فيراها الملايين نموذجًا لامرأة رسالية لا تتبدّل مبادئها بتبدّل الظروف.

وحين تُرفع صورها في القنوات الإعلامية، فإنها لا تُرفع كضحية، بل كمعجزة صمود.

في عيون العالم، تحوّلت المرأة اليمنية الفاطمية إلى حالةٍ ملهِمة:

قدوة في التربية حين تصنع جيلاً يخطو بنهج القرآن، ثابتًا على الحق.

قدوة في العطاء حين تتصدّر القوافل المادية والمعنوية.

قدوة في الوعي حين تُسهم في نشر الثقافة القرآنية بين النساء وأوساط المجتمع.

وقدوة في الحضور الرسالي حين تربط بيتها، ومدرستها، ومجتمعها بقبسٍ من نور الزهراء عليها السلام.

لم يكن العالم ليمنح المرأة اليمنية هذا اللقب لو لم يرَ فيها تجسيدًا حيًّا لمدرسة الزهراء؛

امرأةٌ تحمل الإيمان في قلبها، والوعي في فكرها، والرحمة في يدها، والصلابة في موقفها.

وهكذا…

تظهر المرأة اليمنية الفاطمية في عيون العالم ليس كصورةٍ عابرة، بل كـ نورٍ يمتدّ من تاريخ الزهراء ليضيء حاضر الأمة؛ نورٌ لا يخبو، وجهادٌ لا ينطفئ.

 

 

 

قد يعجبك ايضا