رهان بليد!

وديع العبسي

 

 

من يرون أن الاصطفاف إلى جانب أمريكا والكيان الصهيوني، أو التواطؤ بالصمت عن بلطجتهما في منطقتنا ومساعيهما المستمرة لإخضاع دول المنطقة لمخططاتهما، فيه مجلبة للخير واستقرار للشعوب وتحريك للتنمية، ما الذي قالوه أو سيقولونه وقد بدأ الكيان الإسرائيلي معركته في سوريا «ناريا» وعلى طريق التهامها لصالح ما يسمى بمشروع «إسرائيل الكبرى».؟!
يرى هؤلاء أن من يتقدم خطوات نحو أمريكا والكيان أو من يوقع معهما «صك» الخضوع والتبعية يعني أنه صاحب رؤية وتوجه «براجماتي» ويهمه مصلحة بلده وشعبه. ورغم أن وقائع العقود الماضية قد نسفت هذه التصورات الانهزامية، إلا أن هؤلاء مع ذلك يصرّون على البقاء في مُربَّعِهم، حتى لم يعد بمقدورهم كما يبدو الخروج من عباءة الكذبة والوهم الأمريكي.
قبل أسبوع غزا العدو الصهيوني عمق الجنوب السوري، وعلى غير كل مرة جاء الغزو دمويا سقط على إثره (15) شهيداً سورياً وعديد الجرحى. العدو تحدث عن ملاحقة مطلوبين، لكنه تجاهل أن ذلك لا يعطيه الحق بالتحرك داخل جغرافية دولة مستقلة وعضو في الأمم المتحدة باسمها السوري، والأسبوع الماضي استمر في انتهاكه سيادة البلد في غير منطقة ولا رادع له.
لم يشفع لسوريا حالة التهادي والتهاون مع العدو، وحتى مساعي سلطة دمشق الحالية إلى التطبيع، لم يشفع لها لدى الكيان، ليس فقط ليكف أذاه عن المواطنين السوريين وإنما على الأقل ليراعي أنه بفعله الهمجي هذا يُحرج هذه السلطة.
في كل الأحوال قدم الكيان شاهدا واضحا على أنه لا وزن لديه لأي دولة أو نظام أو نُخب مدافعة، وأن أهدافه في عمليات قضم الأراضي العربية مستمرة، وإنما تعاطيه مع الأنظمة المنفتحة عليه يأتي في سياق تأجيلها إلى وقتها حسب مخططه، لذلك فإنه حين يأتي هذا الوقت يتحرك مباشرة وبالشكل الذي يراه مناسباً، مستخفا بكل من مد إليه يده ليصافحه.
لم يعد بإمكان أحد «تخمين» أو توقع أن هذا الكيان يمكن أن يكون على غير هذه الصورة من المكر والخداع ومن عدم احترام سيادة الدول على أراضيها، أو توقع انه يمكن أن يستثني أي دولة تقع ضمن أهدافه من استهدافها.
ويتذكر الجميع كيف أن الـ«نتتياهو» رفع في قاعة الأمم المتحدة خارطة ما يسمها بـ«إسرائيل الكبرى» وفيها شطْب لدول بأكملها، وأخرى أجزاء منها وبينها دول مطبعة ودول «راضية عنه» بكل صفاقة، دون أن يُقيم أي وزن لهذه الدول.
وسيبقى العدو بهذا المستوى من الخطورة والأذى لشعوبنا العربية والإسلامية. والذين يتصورون أن معارضته لن تجلب إلا الجوع والدمار، بينما «دسّ» رؤوسنا في التراب على الأقل سيمنع عنا هذه المخاطر إنْ لم يجلب لنا إمكانات الرفاهية، من يتبنوا هذا الطرح لا يمكنهم تقديم نموذج واحد يدعم ما يقولون، بل انه حتى السعودية التي تقدم للأمريكي الداعم لـ«إسرائيل» مئات المليارات من الدولارات، بل والتي رأينا منها ما رأينا من موقف «ودود» للكيان حين كانت تمده سرا بالمواد النفطية والغذائية بسبب الحصار الذي يفرضه عليه اليمن، ليست بمنأى عن استهدافه، وخارطة «نتنياهو» الطموحة لـ«إسرائيل الكبرى» أظهرت التهام مخططه لمساحة كبيرة من أراضيها.
بالتالي هذا يؤكد أن مذهب أولئك بالخضوع والمهادنة مع هذا الكيان، والقبول بما يمارسه من عربدة أو السكوت عنه وإنْ مجاملة لأمريكا وخطب وِدّها، لن يحظى بأي ميزة أو تقدير وإنما مزيدا من التمادي والاستضعاف لأمة تعدادها يتجاوز الملياري مسلم.

قد يعجبك ايضا