افتتاح موسم تصدير المانجو وفق آلية توافقية مع الجمعيات والمصدرين بعد التأكد من نضج المحصول للتسويق
مسؤول الصادرات بهيئة تطوير تهامة - مدير المنطقة الزراعية الوسطى يحيى حاتم لـ»الثورة«
المسارعة إلى قطف الثمار قبل نضوجها ظاهرة غير صحية من قبل بعض المزارعين الذين يقومون بجني الفاكهة بداية موسم الحصاد قبل نضوجها ، بهدف الحصول على أسعار عالية بداية الموسم ، تؤثر -بحسب المعنيين- على سمعة المنتج اليمني في الأسواق الخارجية، هذا ما حدث بالضبط فيما يتعلّق بمحصول المانجو بمحافظة الحديدة، حيث تفاجأ المزارعون قبل أيام بصدور قرار من الهيئة العامة لتطوير تهامة المنطقة الوسطى يخاطب مصدري الخضروات والفاكهة بعدم السماح بافتتاح موسم التصدير لمحصول المانجو هذا العام ١٤٤٧ هجرية حتى إشعار آخر ، وأرجعت الهيئة سبب اتخاذ القرار نظراً لعدم وصول معظم ثمار المانجو لمرحلة النضج الفسيولوجي حيث يتم القطف من قبل المزارعين مبكراً في هذه المرحلة ما يؤدي إلى انخفاض جودتها وقيمتها الغذائية ، وتصديرها حالياً يؤدي للإساءة والإضرار بالسمعة الممتازة للمانجو اليمني في الأسواق الخارجية بحسب القرار ، الذي أدى إلى استياء من قبل مزارعي المانجو ، والذين قدموا احتجاجاً على هذا القرار إلى المعنيين في الهيئة.. « الثورة» تابعت القضية بين متخذي القرار في الهيئة والمزارعين وخرجت بالحصيلة التالية :
الثورة / أحمد المالكي
نتيجة التسرّع
بداية تحدث الأخ يحي محمد محمد حاتم- مسؤول الصادرات بهيئة تطوير تهامة مدير المنطقة الزراعية الوسطى لـ«الثورة» موضحا دواعي اتخاذ مثل هذا القرار الذي أدى إلى استياء بعض مزارعي المانجو والذي أوضح بدوره أن اتخاذ قرار تأخير فتح موسم تصدير المانجو جاء نتيجة التسرع الحاصل من قبل المزارعين والمصدرين بغية الحصول على سعر جيد مع بداية الموسم وهو ما يؤدي إلى تهور المزارعين وقطف الثمار قبل نضجها التام ، وهي لم تصل بعد لمرحلة النضج الفسيولوجي، ويقصد بالنضج الفسيولوجي وصول الثمرة لمرحلة اكتمال نموها من الداخل و تصل لحجمها الطبيعي وتتوقف العمليات الحيوية التي تزيد من حجم ووزن الثمرة وتكون الثمرة قادرة على التلوين واستكمال تحول النشا إلى سكر وتكون قادرة على تحمل ظروف التخزين والنقل ، حيث يعمد المزارعون -بحسب حاتم- لقطف الثمار قبل الوصول إلى مرحلة النضج التام وبالتالي عدم مقدرة الثمرة على التلوين وعدم القدرة على تحول النشا لسكريات، الأمر الذي يضطر المزارعين إلى إنضاجها صناعيا وبشكل مفرط باستخدام الكربون ولمدة تتراوح من يوم إلى ثلاثة أيام الأمر الذي يؤدي إلى تلون جلد الثمرة دون تحول النشا داخل الثمرة لسكريات بشكل تام ويصبح طعمها حامضا ، وعند تصدير هذه الثمار تسيئ لسمعة المنتج الوطني من المانجو حيث يعزف المستهلك بالبلد المستورِد عن شراء المانجو اليمني لاحقا الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على كمية السحب من السوق المحلي للتصدير وبالتالي تكدس الإنتاج وحدوث انخفاض بالسعر لاحقا ، وبالتالي نفقد الثقة ونفقد حصتنا من السوق الخارجي لصالح المانجو من القرن الإفريقي.
موسم التصدير
ويضيف يحيى حاتم : «لذلك أتت فكرة تأخير بداية موسم التصدير للمانجو عدة أيام ، وليس التوقيف حتى تكتمل نمو الثمار بالمزارع المبكرة لضمان تصدير بضاعه ذات جودة عالية للحفاظ على سمعة منتجنا من المانجو بالأسواق الخارجية.
بالتنسيق
وأكد حاتم أن القرار لم يكن ارتجاليا كما أوضحنا وتم بالتنسيق مع الجهات المعنية بالوزارة والهيئة والمصدرين أنفسهم ، وقد حرصنا على تسويق أي مزرعة فوراً عند اكتمال نضج ثمارها ، وقمنا بالتعاون مع الاتحاد التعاوني الزراعي ممثلا بجمعيات المديريات ومجلس المصدرين اليمنيين ، بوضع آليه استجابة سريعة تتمثل في النزول الميداني من قبل وحدة التسويق بالجمعيات مع المشرف الفني لهيئة تطوير تهامة للمزارع التي نتلقى من مالكيها طلب التسويق للتأكد من وصولها للنضج المناسب للتصدير وتوثيق ذلك ومن ثم يتم الإذن للمزارع بتسويقها وتشجيعه على الانتساب للجمعيات إن كان لازال غير منتسب حتى يتسنى لاحقا تنظيم تسويق المانجو عبر الجمعيات الزراعية.
حجم الإنتاج والتصدير
وأكد حاتم أن العمل بهذه الآلية قد بدأ بعد يوم واحد من قرار تاجبل التصدير مؤقتا بنزول ميداني للمزارع والتأكد من وجود مزارع جاهزة والترخيص لها ، مبيّناً أن كمية المانجو المصدر الموسم التصديري السابق 1446هجرية بلغ قرابة 120000طن ، حيث كان موسماً استثنائياً بامتياز اذ لأول مرة يحدث أن استمر موسم إنتاج وتصدير المانجو ثمانية أشهر كاملة حيث تم تصدير أول شحنة في نوفمبر 2024م ، واستمر التصدير لأواخر الشهر السابع من عام 2025م ، وارتفع عن موسم التصدير للعام 1445هجرية بواقع 50000 طن تقريبا بنسبه زيادة بلغت 41 ٪ ، وتوقع يحي حاتم استمرار النمو المطرد لصادرات المانجو لهذا الموسم بنسبة 25 ٪ كحد ادنى ، كما يتوقع أن يتجاوز إنتاج هذا الموسم عتبة كمية الإنتاج للموسم السابق 1446هـ البالغة قرابة مائتي ألف طن محلي.
وتوقع أن يصدر منها مائة وأربعون ألف طن والبقية تسويق محلي، وأشار إلى أنه في العام الماضي تم تسويق 80000طن محلي ، وتصدير 120000طن وأن الإنتاج السنوي يبلغ تقريبا حول 200000طن.
كما اوضح حاتم أن تأجيل افتتاح موسم التصدير للمانجو لم يدم عدة أيام حيث تم خلال هذه الفترة وضع آلية مع الجمعيات والمصدرين وتكثيف فرق الإشراف الفني بمراكز الصادرات ومن ثم افتتاح موسم التصدير بتاريخ29/ 11/ 2025مبفعالية احتفالية بحضور محافظ المحافظة ورئيس هيئة تطوير تهامة ووكيل قطاع التسويق تم فيها تكريم المصدرين المتميزيين الموسم الماضي وفنيي الإشراف المتميزين بمراكز إعداد الصادرات ووضع خطة الإشراف الفني الميداني إيذانا ببدء موسم التصدير للعام 1447هجرية
قصور
المزارعون بدورهم أشاروا إلى أن القصور الواضح الذي شاب عملية اتخاذ القرار، أثار تساؤلات حول مدى إنصافه ، حيث نص التعميم على ملاحظة قطف بعض الثمار قبل النضج الفسيولوجي كحجة رئيسية لإيقاف ومنع التصدير ومع ذلك فإن القرار لم يحدد بوضوح علامة النضج الفسيولوجي الواجب الالتزام بها لثمار المانجو مما يترك المزارعين والمصدرين في جهالة فنية حول المعيار المطلوب تجنبا للمخالفة ، وبحسب المزارع طارق فقيه أحد مزارعي المانجو بالحديدة فإن ، خطوة التراجع عن قرار الإيقاف الكلي والتوجه نحو آلية بديلة تعتمد على الإشراف الفني المباشر والنزول الميداني والمعاينة ، تعكس الحرص على المصلحة العامة والاستماع إلى المزارعين وهو القرار الصحيح الذي كان يجب اتخاذه منذ البداية.
ويضيف طارق فقيه: نود التأكيد على أن هذا التوضيح لا يعفي القرار الأولي من الخطأ الإجرائي بل يؤكده، وكان من الممكن تجنب الإيقاف لو كانت هناك آلية واضحة لتحديد موعد افتتاح موسم التصدير ومعايير فنية محددة للنضج الفسيولوجي.
مؤكداً على أهمية اعتماد آلية شفافة ومستدامة قائمة على مراكز الفحص المتخصصة لمنح الشهادات الصحية وشهادات الجودة مما يضمن مطابقة المنتجات للمواصفات الدولية ويحمي سمعة المنتج اليمني.
وقال فقيه : «نأمل أن يتم الالتزام بهذه الآلية في المستقبل وأن تكون هناك خطوات عملية نحو تحسين الإجراءات وتجنب القرارات التعسفية».
مضيفاً: إن المشكلة الأساسية في هذا القرار ليست فقط في نتائجه الكارثية بل في منهجية صياغته وتنفيذه المعيبة، كون القرار لم يحدد بوضوح الهدف الحقيقي الذي يسعى لتحقيقه، وإذا كان الهدف الجودة والسمعة: فالأداة هي مراكز الفحص الصارمة عند التصدير. وإذا كان الهدف مكافحة الجشع: فالأداة هي العقاب الفردي للمخالف، ومنع التصدير ليس حلا بل هو تهرب رقابي يؤدي إلى تدمير السوق المحلي على رؤوس المزارعين الملتزمين وغير الملتزمين وفق المزارع طارق فقيه.
بسبب الجشع
الأخ عبدالله عطروس- خبير في التسويق الزراعي بوزارة الزراعة والثروة السمكية والموارد المائية أوضح بدوره أن المزارعين والمصدرين يعرفون مواعيد النضج الفيسلوجي للثمار ولكنهم يتجاهلون ذلك بسبب الجشع وطمعهم لجني بعض الأرباح واستغلال حاجة الأسواق لهذه الثمار ، لذا يجب تفعيل الرقابة الداخلية بحزم ودون تهاون.
وأكد عطروس أن أفضل حل لمشكلة الكساد هو، التصنيع والزام مصنع باجل بتصنيع لب المانجو وتشجيع قيام معامل صغيرة للتصنيع الغذائي للمانجو وغيرها من المحاصيل، يصاحب ذلك تقنين عملية استيراد المنتج المعلب للب المانجو التي تستخدم في البوفيات…
ميزة وفرصة
بدوره عبد الرؤوف الصبري أشار إلى أن الموسم يبدأ الآن، وهي الميزة والفرصة في الحصول على حصة في الأسواق الخارجية لوجود أصناف مبكرة في الإنتاج من التيمور في الوقت الذي لا يتواجد فيه المنافسون في السوق ولذلك لا يغلق باب التصدير. بل ينظم ويتم التوعية والإرشاد والرقابة والتفتيش ، والمفترض ان نسعى لتوسيع حصتنا في السوق الخارجي وليس لتقليصها ، كما أن المفروض- بحسب عبد الرؤوف السماح بالتصدير مع وضع ضوابط رقابية صارمة في المنافذ على جودة ونضج المنتج ، ومعاقبة المخالف ، من خلال تطبيق الغرامات والعقوبات على المصدرين الذين يثبت تلاعبهم بالنضج الفسيولوجي دون المساس بحق باقي المزارعين في التصريف.
نزول ميداني
وكان فريق من الهيئة العامة لتطوير تهامة ومجلس المصدرين بتهامة نفّذ نزولاً ميدانياً استهدف مزارع المانجو الجاهزة، بهدف الإشراف على عمليات ما قبل الحصاد وتوعية المزارعين بمتطلبات الجودة والتصدير.
وطاف الفريق بالمزارع التي تلقت الجمعيتان طلبات مزارعيها لتسويق المحصول، حيث تم التركيز على التوعية بأفضل ممارسات القطف وتوجيه المزارعين إلى طرق القطف السليمة التي تضمن الحفاظ على جودة الثمرة.
وأكد الزائرون على ضرورة مراعاة فترة الأمان (PHI) للمبيدات لضمان خلو المنتج من أي متبقيات كيماوية، حفاظاً على الصحة العامة وسمعة المنتج اليمني.
منوهين بأهمية تشجيع المزارعين الذين لم ينتسبوا للجمعيات الزراعية على سرعة الانتساب للاستفادة من خدماتها، وتوحيد العمل الزراعي في المديريات تحت مظلتها، بإشراف فني مباشر من هيئة تطوير تهامة.
