منسق برنامج التصنيع الزراعي والسمكي بوزارة الزراعة والموارد المائية لـ»الثورة«:نجحنا في تصنيع آلات محلية لمعالجة المنتجات الزراعية والحيوانية

القطاع الزراعي يعاني من فجوة واضحة بسبب ارتفاع تكاليف شراء الآلات المستوردة

 

نسعى لتسهيل حصول المزارعين على خطوط إنتاج ومعدات مصنعة محلياً بأسعار تنافسية ومناسبة
تطوير تقنيات التصنيع بالاستفادة من الخبرات الوطنية المتراكمة بهدف تحسين جودة الإنتاج
عدم التطبيق الكامل للتسهيلات المالية والضريبية على المنتج المحلي تحديات قائمة أمام المشروع
البرنامج يهدف إلى تنسيق الجهود بين الجمعيات التعاونية والقطاع الخاص والجهات الرسمية

 

في مسعى استراتيجي لرسم ملامح اقتصاد مقاوم ومستدام، تبرز حركة التصنيع الزراعي والسمكي المحلي في اليمن كقاطرة حقيقية لتعزيز الأمن الغذائي ودرء شبح التبعية للاستيراد هذا التحول العميق، الذي ينطلق من رؤية «تحويل التحديات إلى فرص»، لا يكتفي بالإنتاج التقليدي، بل يقتحم عمق سلاسل القيمة عبر تطوير تقنيات المعدات والمعالجة محلياً، دافعاً بذلك عجلة التنمية المستدامة نحو أفق جديد من الاكتفاء الذاتي.

الثورة / يحيى الربيعي

في السياق، أوضح منسق برنامج التصنيع الزراعي والسمكي بوزارة الزراعة والموارد المائية عبدالكريم العامري لـ»الثورة»، أن البرنامج يهدف إلى تنسيق الجهود بين كل من الجمعيات التعاونية والقطاع الخاص والجهات الرسمية، ويضع الأساس لخفض التكاليف وتحقيق فائدة ملموسة في دخل المزارعين، إضافة إلى خلق فرص عمل حيوية في عمق الريف اليمني.

رؤية لكسر الاستيراد

وأوضح أن هناك رؤية شاملة تقودها مؤسسة بنيان التنموية، تؤمن إيماناً راسخاً بالقدرات المجتمعية اليمنية على تطوير حلول هندسية محلية للآلات والمعدات الزراعية. وأكد العامري أن الهدف الأساسي يتمحور حول تسهيل حصول المزارعين على خطوط إنتاج ومعدات مصنعة محلياً بأسعار تنافسية ومناسبة، وهو ما يصب مباشرة في تحسين جودة الإنتاج وتطوير تقنيات التصنيع، مستفيداً من الخبرات الوطنية المتراكمة.

وأشار العامري إلى أن القطاع الزراعي يعاني من فجوة واضحة سببها ارتفاع تكاليف شراء الآلات المستوردة، وصعوبة وصولها، والأزمة المستمرة في تأمين قطع الغيار. ولتدارك هذا الخلل، يسعى المشروع بفاعلية لتصنيع آلات ومعدات وطنية تلبي الاحتياجات النوعية للحقول، مثل معدات معالجة الحبوب والبذور، فرز وتعبئة المنتجات، وحتى إنتاج معدات الري المحوري التي كان الاعتماد في إيجادها بالكامل على الاستيراد الباهظ الثمن. وفي هذا الإطار، أكد العامري قدرة الجمعيات الزراعية والسمكية على إنشاء وحدات تصنيع جماعية، مما يمثل تحولاً نوعياً في الإدارة الإنتاجية.

نجاحات ميدانية

واستعرض العامري النجاحات الملموسة التي حققها المشروع في الميدان، مشيراً إلى أن المبادرة أثمرت عن تصنيع آلات محلية لمعالجة الحبوب والفواكه والخضروات والبن والسمسم والجلود، لتشمل أغلب حلقات سلاسل القيمة، وهذه الآلات أسهمت مباشرة في توفير الجهد وتخفيض تكاليف الإنتاج بشكل كبير مقارنة بالاعتماد على الآلات المستوردة، إضافة إلى تطوير آلات فرز وتعبئة تضمن الحفاظ على جودة المنتج وتزيد قيمته التسويقية.

زيادة الدخل

وأوضح العامري أن التجربة المحلية أثبتت بالأرقام أن تحويل المنتجات الزراعية الخام إلى منتجات مصنّعة ومحسّنة يزيد من دخل المزارع بنسبة تصل إلى 40 % خلال الموسم الزراعي الواحد، الأمر الذي يخلق بالتوازي فرص عمل حقيقية للشباب والنساء في المجتمع المحلي. ويتم ذلك عبر التركيز على تعزيز حلقات سلاسل القيمة من خلال جمع البيانات لتحديد الاحتياجات، وتوجيه الإنتاج والتصنيع، بما يتناسب مع متطلبات السوق، وإنشاء وحدات تصنيع مجتمعية لمعالجة وتعبئة وتجفيف المنتجات لرفع قيمتها التسويقية.

تحديات قائمة

وحول مسار المضي قدماً، أكد العامري أن المشروع يسعى بشكل حثيث لتوحيد جهود الجمعيات التعاونية والشركات المحلية والجهات الرسمية لضمان وصول المعدات للمزارعين بأسعار عادلة ودعم الأمن الغذائي. غير أن نجاح هذا المسار الطموح يتطلب تضافر الجهود لمواجهة تحديات لا تزال قائمة، أبرزها: عدم التطبيق الكامل للتسهيلات المالية والضريبية على المنتج المحلي، واستمرار التعريفات الجمركية على المواد الأولية التي يحتاجها المصنِّع المحلي لتطوير آلات جديدة، ونقص حاد في البنية التحتية والتدريب التقني في بعض المناطق.

وختم العامري حديثه برسالة واضحة، مفادها أن «التصنيع الزراعي والسمكي المحلي يعد خطوة استراتيجية لتحقيق اقتصاد مقاوم ومستدام، ودعم التنمية الريفية، وتحسين الأمن الغذائي الوطني»، مؤكداً أن نجاح هذا المشروع المحوري يعتمد على التنسيق المشترك والتعاون بين كافة الشركاء لضمان وصول المنتجات المصنعة محلياً وتحقيق أثر اقتصادي ملموس على مستوى المجتمع والاقتصاد الوطني ككل.

قد يعجبك ايضا