الأحزاب السياسية مطالبة بإحياء ثقافة التسامح والتعايش مع الآخر


حوار / أسماء حيدر البزاز –
الدكتور أحمد حميد الدين أستاذ الدراسات العليا بأكاديمية الشرطة والمعهد العالي للقضاء والقانون العام بجامعة صنعاء تحدث لـ«الثورة» عن جملة من القضايا الوطنية والسياسية ملخصة بدور الأحزاب والقوى السياسية في إنجاح المرحلة والانتقال إلى الخط التأسيسي للدولة الحديثة والابتعاد عن المناكفات السياسية عبر مختلف المعتركات ومحافل الإعلام محذرا من خطورة التلاعب بالقضايا المصيرية تحت فضاء المهاترات السياسية إلى تفاصيل الحوار الصحفي:
• الأحزاب السياسية وثقافة التسامح مع الآخر.. كيف تقرأون أفق ذلك¿
– إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن .. القانون أولا هو الذي يفرض ثقافة التعايش من خلال لجم المتفرد بالسلطة وكبح المتسلط على الثروة وفرض وتطبيق مبدأ المساواة ثم يأتي الدور على المجتمع المدني وعلى رأسه المكونات السياسية للتعامل فيما بينها بروح التسامح والتعايش السلمي
• وصول المرأة اليمنية إلى مراكز صناعة القرار .. ما المعوقات والتحديات¿
– المرأة في أحسن وضعها الآن بالرغم من الحالة الاستثنائية التي نعيشها والتي عادة تنكفئ المرأة في ظلها ومن الناحية النظرية لا يوجد ما يعيق المرأة أن تصل إلى مكانة صناعة القرار وكل شيء صار مفتوح وبدون قيود لكن الصعوبة في الذهنية المجتمعية القائمة على مبدأ سيادة الرجل.
ومن الناحية النظرية قانونا وسياسة وإعلاميا لا تحديات تذكر بل العكس أصبحت مشاركة المرأة ورقة يزايد عليها الكل ومن الناحية العملية فإن من المعوقات وليس التحديات ما يتمثل في طبيعة المرأة التي قد لا تتوافر لها البيئة في ظل الانفلات الأمني والأخلاقي ومع ذلك نرى نماذج نسويه مشاركة بقوة سواء من جهة المعارضة أو السلطة وتمثل كل التيارات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.
وأجد في الجيل الشاب ما يمثل تحديا ويناصر المرأة مختلف الاتجاهات الرجولية كمظهر تحضر وإن كان المجتمع لازال يحتكر نسبة من مختلف الأنشطة السياسية للرجل بحكم الموروث .
• برأيكم .. ما هي الأوضاع المناسبة والمهيئة لتنفيذ الحكومة برنامجها ¿
– الأجواء صعبة أمام الحكومة لتنفيذ برنامجها ولو نسبة من برنامجها ولكن في رأيي أن تعاون السلطة الرئاسية والمكونات السياسية سيكون له الأثر الإيجابي في نجاح التنفيذ.
وقد تسهلت أمور كثيرة أمام الحكومة بغياب بعض المتنفذين القبليين والعسكريين وضعف الآخرين ويبقى الهاجس الأمني هو الأهم أمام الحكومة.
• ما الدور المعول على الحوار بين القوى السياسية في استتاب الأمن وإنجاح المرحلة¿
– في الحقيقة أنه مع وجود مؤسسة عسكرية موحدة محايدة تحت آمر واحد تعمل على الدفاع على وحدة ومقدرات الوطن واستتباب الأمن وليس مؤسسة عسكرية وسيطة تسعى لإرضاء جميع الأطراف سواء كان مخطئاٍ سيكون للحوار أثره في إيقاف العنف والتخريب لاسيما إذا ما صدقت نوايا المتحاورين ومن لم تكن نواياه صادقة سيفكر حينها كثيرا بعواقب نواياه بما سيواجهه من المؤسسة العسكرية التي يجب أن تكون بمثابة المراقب لمن تسول له نفسه العبث والتخريب هنا وهناك لتستخدم معه مطرقة الحداد بدون مؤسسة عسكرية واحدة مستقلة عن الأشخاص والتبعيات حيث يكون مصير المفاوضات السياسية هو مضيعة للوقت وإهدار للاقتصاد الوطني وتضييق على الشعب في أبسط الخدمات وتجويع له وفرصة لمزيد من العنف والتخريب
* الإعلام ورسالته الحضارية والإنسانية والوطنية .. أين يقف إعلامنا بين تلك الأبعاد¿
– في الحقيقة لازال الإعلام على خط التوتر والتشقق والتصدع ولكن هناك بعض الاقتراحات نطرحها على ميثاق شرف إعلامي غير مكتوب أرى تحديده في: أولويات المرحلة الراهنة بحيث يكون الإعلام عامل توازن وتوافق بين الأطراف والقوى في المجتمع بما يهيئ أرضية مشتركة من التعايش بين أبناء المجتمع – المساهمة في إرساء روابط التعايش الأهلي واللحمة الوطنية ليستطيع الوطن معالجة جروح الماضي بعيداٍ عن أجواء الشحن المناطقي أو الحزبي أو الفئوي …الخ – المساهمة في عبور الحوار الوطني إلى مرساه الآمن ليدخل اليمن العهد الجديد الذي يستحقه – بقدر ما يكون القيام بتلك الواجبات هي العناصر الأولى لكن ينقص الكثيرين الوعي بالجانب التعليمي والثقافي والتوعوي. وهنا تتجاذب الإعلام قاعدتان: الأولى حريته في الرأي والثانية احترامه لحقوق الآخرين والتطبيق العملي الذي يوفق بين القاعدتين المتضادتين هو ترك الإعلام دون قيود مسبقة حرا مع وجود الرقابات اللاحقة عليه وأهمها الرقابة القضائية بحيث يخضع لرقابة التعويض المادي الذي يرهق كاهله ويعوض ما تضرر منه فحرية الإعلام اليوم في أزهى عصورها إلى الحد الذي نطالب فيه أن تتحرك الرقابات اللاحقة لتحد من أضراره.
• برأيك ما الدور الذي يلعبه المجتمع الدولي في الدفع بعجلة التسوية السياسية في اليمن حاليا ¿
– لاشك أن للقوى الدولية تلعب دوراٍ بارزاٍ في سياسات العالم الثالث ومنها اليمن خصوصا في الآونة الأخيرة التي زاد تدخل المجتمع الدولي حينما رأى مصالحه تتأثر نتيجة الانفلات بفعل الصراع الداخلي ومظهر هذا الدور قرارات مجلس الأمن الأخيرة وعلى رأسها قراره التهديدي في مواجهة من سماهم معرقلي التسوية السياسية.
* الدستور الجديد للدولة الاتحادية كيف ترون ملامحه وأهميته لبناء الدولة اليمنية الحديثة¿
– الإبقاء على المكتسبات السابقة في الدساتير وخصوصا إثبات الهوية الدينية والقومية والسياسية والاهتمام أكثر بالحقوق العامة السياسية والاجتماعية والحريات العامة وما يحقق تبادل السلطة بطرق ديمقراطية سلسة وحق المساوة في الوظائف العامة والثروات والتأكيد على مبدأ سيادة القانون والأخذ بالقواعد الدستورية المتضمنة التجارب العالمية في الأنظمة السياسية والتأكيد على النظام البرلماني القائم على مبدأ الفصل بين السلطات مع الرقابات المتبادلة ومنع الجيش والقضاء من الحزبية وأن يمنع رئيس الدولة من الانتماء أو رئاسة أي حزب باعبتاره مرجع السلطات بالإضافة إلى التأكيد على حرية الفرد في أن ينظم نفسه تحت أي كيان سياسي أو مهني أو اجتماعي وكفالة حرية المرأة والاقتصاد والسفر والإقامة والرأي والتعبير في حدود الشريعة الإسلامية.
• الدولة الاتحادية والنظام الفيدرالي .. كيف تقرؤون أبعاد هذا المستقبل انطلاقا من واقع اليمن اليوم ¿
– أولا سنحتاج إلى فترة حتى تستقر الأمور إذا تم تشكيل الدولة الاتحادية حيث يبدو أن حظ اليمن أن تعيش فترات انتقالية متعددة وسوف نشهد اضطرابات ونحتاج الى توحيد كل القوى السياسية لنعبر المرحلة بسلام ونحن بأمس حاجة اليوم إلى توعية شعبية حتى يستوعب الرأي العام فكرة الفيدرالية .. ومن المبكر القول بنجاح الفكرة وإخراجها دون معوقات وتأتي ضرورة أن يحدد الدستور نسبة كبيرة من الثروة والإيرادات الأخرى مركزيا ونسبة محدودة للإقليم لتحقيق عدالة توزيع الثروة و التمهيد المجتمعي للأقاليم ولكن ما يعيقنا هو أننا مازلنا نعاني من عدم وجود خطط استراتيجية وسياسة موحدة للحكومة وتداخلات الاختصاص للرئاسة والحكومة ومن الصعوبة بمكان فهم المجتمع أنه عامل اتحاد واستقرار مجتمعي ذلك أن المفهوم فدرلة الدولة أنه انقسام وانفراد بالثروة ويحتاج طمأنة الأقاليم الفقيرة بعكس ذلك وشعور بعض الأقاليم بعدم وجود بعض المرافق أنه إقصاء وإفقار لها وسوف تظهر الصعوبات بمناقشة التفاصيل حين وضع الدستور وقانون الأقاليم والمفروض أن يقوم الإعلام المرئي بوضع خطة إعلامية للتوعية في هذا الجانب باستضافة الخبراء الدستوريين والسياسيين الاجتماعيين لتوضيح بعض الإشكاليات.
• برأيكم ما هي معوقات التوافق السياسي في اليمن¿
– غياب الرؤية الوطنية وحلول المصالح الضيقة محل المصلحة العامة حيث إن التوافق معناه التنازل ببعض المصالح لنيل أخرى وليس التمترس والجمود حول مطالب محددة بالإضافة إلى غياب المرونة عند الفرقاء وبقاء مفاصل الحكم والثروة بيد النخبة المتنفذة وتضارب المصالح فيما بينها وعدم مأسسة الدولة (سلطة ومعارضة) وارتهان بعض السياسيين لأجندة خارجية ولا ننسى اننا ورثنا تركة من المشاكل تراكمات حوالي نصف قرن من الصعب حلها في سنة أو سنتين والسبيل إلى ذلك هو تكاتف الخيرين ونسيان المصالح الضيقة وترك المؤسسات القانونية لحل القضايا دون الدخول في المهاترات السياسية أي نحن بحاجة إلى قليل من السياسة كثير من تطبيق القانون وتبادل السلطة سلميا عبر الانتخابات وتوزيع الثروة من خلال ميزانية منضبطة في صورة مشاريع تنموية لا مكافآت شخصية وهبات ومنح لذوي النفوذ وإعادة أراضي الجنوب والشمال لأصحابها وللدولة وإعادة الوظائف كفيل باستقرار المتضررين وعدم الأخذ بمعيار التصويت استنادا إلى قاعدة التوافق التي يستحيل وجودها في ظل تناقضات السياسيين.

قد يعجبك ايضا