المساعدات.. ورقة ابتزاز صهيونية تحرم الغزيين من التقاط أنفاسهم

 

الثورة / متابعات

منذ إعلان وقف حرب الإبادة على غزة، لم تتغير ملامح المعاناة كثيرًا، إذ واصلت سلطات الاحتلال استخدام المعابر والمساعدات الإنسانية كورقة ضغطٍ سياسية وأمنية، متلكئة في تنفيذ بنود الاتفاق الذي نصّ على إدخال كميات كافية من الإمدادات إلى القطاع المنهك.
تحاول في المقابل ترويج رواية مضللة عبر نشر صور محددة لأسواق غزة تُظهر توافر المواد الغذائية، لتوحي للعالم بأن الأوضاع المعيشية آخذة في التحسن بعد وقف الإبادة. غير أن هذه المشاهد المنتقاة بعناية تُخفي وراءها واقعًا مغايرًا تمامًا، إذ تبقى الأسعار باهظة تفوق قدرة الغالبية الساحقة من السكان، فيما يعاني معظمهم من انعدام الأمن الغذائي وغياب السيولة النقدية وندرة السلع الأساسية في الأحياء المدمّرة.
وبينما تتكدّس شاحنات المساعدات الإنسانية الأممية والدولية على المعابر، يواجه أكثر من مليوني فلسطيني واقعًا يوميًا قاسيًا من الجوع والحرمان ونقص الدواء، في ظل انهيار شبه كامل للبنية التحتية.
سياسة خنق وابتزاز إنساني
ووفق معطيات نشرها المكتب الإعلامي الحكومي بغزة، فقد دخل القطاع 986 شاحنة مساعدات فقط منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر الجاري، بينها 14 شاحنة غاز طهي و28 شاحنة سولار.
ويشير المكتب إلى أن هذا العدد هو من أصل 6600 شاحنة يفترض دخولها حتى مساء أمس الاثنين، حيث نص اتفاق وقف النار على دخول 600 شاحنة يومياً، ما يعكس استمرار سياسة الخنق والتجويع والابتزاز الإنساني التي يمارسها الاحتلال بحق أكثر من 2.4 مليون مواطن في غزة.
ويؤكد المكتب أن هذه الكميات المحدودة لا تغطي الحد الأدنى من الاحتياجات الإنسانية والمعيشية، وأن القطاع بحاجة ماسّة إلى تدفق عاجل ومنتظم لما لا يقل عن 600 شاحنة مساعدات يومياً، تشمل المواد الغذائية والطبية والإغاثية، ووقود التشغيل، وغاز الطهي، لضمان الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة.
وبين أن أكثر من 22 ألف جريح ومريض بحاجة عاجلة للسفر لإجراء نصف مليون عملية جراحية، في حين أن 288 ألف أسرة بلا مأوى تحتاج إلى خيام وبيوت متنقلة مؤقتة، وهي على أعتاب فصل الشتاء.
الشتاء يطرق أبواب الخيام
مخاوف بقاء غزة في هذه الدوامة، عبرت عنها هبة علاء الدين التي لا تعلم من أين ستأتي بملابس تقي أطفالها برد الشتاء داخل خيمة قماشية.
في العدوان الأخير على غزة الذي شنه الاحتلال في أغسطس/ آب الماضي على المدنية بغرض احتلالها، فقدت الأسرة المكونة من 7 أفراد منزلها. كان انهيار المنزل الكائن في محيط بركة الشيخ رضوان الحلقة الأكبر في سلسلة الخسارات التي منيت بها الأسرة منذ بدء الحرب.
تقول: “خلال 600 من الإبادة آثرنا عدم مغادرة مدينة غزة والانتقال من مكان إلى آخر، خلالها احترق جزء من المنزل، وتضررت الشقق السكنية لإخوة زوجي بشكل كبير. ولكن في الهجوم الأخير سحق المنزل تماما. المنطقة بلا معالم وكأن زلزالاً ضربها”.
تصمت هبة قليلاً وهي تنظر إلى أطفالها، وتكمل بأن ما تعيشه الآن هو الأصعب أمام ما مرت بها من أزمات، فالشتاء على الأبواب ولا نعلم كيف سنتدبر أمرنا معه.
تلك مخاوف تكرر المؤسسات الدولية الدعوة لتجاوزها بزيادة الإمدادات الإنسانية إلى القطاع المنكوب، حيث أعلن برنامج الغذاء العالمي أن كميات الإمدادات الإنسانية التي دخلت إلى غزة خلال أسبوعين من إعلان وقف الحرب، ما تزال محدودة، وتكفي لتلبية احتياجات نحو نصف مليون شخص فقط لمدة أسبوعين.
وأشار البرنامج إلى أن بعض الشحنات نجحت في الوصول إلى شمال القطاع، إلا أن الكميات التي وصلت “ليست بالمستوى المطلوب” لتغطية احتياجات السكان الذين يواجهون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والمساعدات الأساسية.
في حين، أفاد المتحدث باسم الأونروا، عدنان أبو حسنة، بأن سلطات الاحتلال تواصل تمنع إدخال نحو 6,000 شاحنة كانت تنتظر على أبواب قطاع غزة، تكفي لتأمين المواد الغذائية لسكان القطاع لمدة ستة أشهر، إلى جانب مئات الآلاف من الخيام ومستلزمات الإيواء الضرورية مع اقتراب فصل الشتاء.
ويوضح أبو حسنة أن ما سمح بدخوله كان عددا محدودا من الشاحنات التي تحمل مواد تجارية، بينما يعتمد 95% من سكان غزة على المساعدات الإنسانية ولا يملكون القدرة على شراء هذه المواد بأنفسهم.
ماراثون منع انهيار الاتفاق
بدوره يحذر رئيس شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، من الاكتفاء بالحديث عن عدد الشاحنات دون النظر إلى نوعية المساعدات التي تدخل، مشيرًا إلى أن الخطوة الأهم في هذه المرحلة تتمثل في إدخال المواد الغذائية والملابس والخيام ومستلزمات المأوى والمياه، إلى جانب إنشاء محطات تحلية وخزانات مياه لتأمين الحد الأدنى من الاحتياجات اليومية.
ويؤكد الشوا في حديث سابق لـ “العربي الجديد”، إن قطاع غزة بحاجة إلى أكثر من 1000 شاحنة مساعدات يوميًا لتلبية الاحتياجات الفعلية.
يحدث ذلك فيما تقول وسائل إعلام مصرية إن مشاورات مكثفة جرت في القاهرة بين المسؤولين المصريين وقيادة حماس، ركزت على إعادة فتح معبر رفح بالكامل وتسليم ما تبقّى من جثامين الأسرى الإسرائيليين، تمهيدا للانتقال إلى المفاوضات المقبلة في العاصمة القطرية الدوحة.
وقالت قناة القاهرة الإخبارية، إن رئيس المخابرات اللواء حسن رشاد، توجه اليوم إلى دولة الاحتلال اليوم لبحث تثبيت وقف إطلاق النار الهش في قطاع غزة، وسط مساع دبلوماسية لمنع انهياره.

قد يعجبك ايضا