مولد النبي .. إحياء للقدوة الحسنة والمنهج المستقيم


استطلاع / أسماء حيدر البزاز –
لا يوجد خلق حسن يأمر به القرآن ويدعو إليه إلا وهو آخذ به ولا يوجد فيه خلق سيئ نهى عنه إلا وهو متعال عنه صلوات الله وسلامه عليه فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خْلقاٍ وأكرمهم وأتقاهم , فقال عنه ابن كثير رحمه الله في تفسيره: إنه صلى الله عليه وسلم صار امتثال القرآن أمراٍ ونهياٍ سجيةٍ له وخلقاٍ …. فما أمره القرآن فعله وما نهاه عنه تركه هذا ما جبله الله عليه من الخْلق العظيم من الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خْلقُ جميل.
وهنا استهل العلامة عبد الله العامري حياة الرسول مع أهله كقدوة حسنة وحية للحياة الطيبة والهانئة قائلا: كان صلى الله عليه وآله وسلم خير الناس وخيرهم لأهله وخيرهم لأمته من طيب كلامه وحْسن معاشرة زوجته بالإكرام والاحترام حيث قال عليه الصلاة والسلام: (( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي )) وكان من كريم أخلاقه صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أهله وزوجه أنه كان يْحسن إليهم ويرأف بهم ويتلطف إليهم ويتودد إليهم فكان يمازح أهله ويلاطفهم ويداعبهم وكان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يرقق اسم عائشة ـ رضي الله عنها ـ كأن يقول لها: (يا عائش ) ويْكرمها بأن يناديها باسم أبيها بأن يقول لها: (يا ابنة الصديق) وما ذلك إلا تودداٍ وتقرباٍ وتلطفاٍ إليها واحتراماٍ وتقديراٍ لأهلها.
كان يعين أهله ويساعدهم في أمورهم ويكون في حاجتهم وكانت عائشة تغتسل معه صلى الله عليه وسلم من إناءُ واحد فيقول لها: (دعي لي) وتقول له: دع لي.
وكان إذا هويت شيئاٍ لا محذورِ فيه تابعها عليه وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب وكان من لطفه وحسن خْلْقه مع أهله أنه يمكنها من اللعب عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم – وقال صلى الله عليه وسلم “إن من أعظم الأمور أجرٍا النفقة على الأهل” وعن عائشة رضي الله عنها قالت “خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس : اقدموا فتقدموا ثم قال لي : تعالي حتى أسابقك فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس: تقدموا فتقدموا ثم قال لي : تعالي أسابقك فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذا بتلك.
وأضاف بالقول : إنه ومن دلائل شدة احترامه وحبه لزوجته خديجة رضي الله عنها إن كان ليذبح الشاة ثم يهديها إلى خلائلها (صديقاتها) وذلك بعد مماتها وقد أقرت عائشة رضي الله عنها بأنها كانت تغير من هذا المسلك منه
العفو والتواضع
من جانبها شددت المرشدة خديجة المتوكل – وزارة الأوقاف على ضرورة جعل مناسبة المولد النبوي فرصة حية لإحياء القدوة الحسنة اقتداء بالنبي في جميع صفاته وأخلاقه فعن أنس رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم من احسن الناس خلقٍا فأرسلني يومٍا لحاجة فقلت لة: والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به صلى الله عليه وسلم فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال يا أنس أذهبت حيث أمرتك¿ قلت نعم أنا أذهب يا رسول الله – فذهبت وهذا دليل على مدى عفوه وتسامحه مع كل من حوله.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : مِه مِه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تزرموه دعوه) فتركوه حتى بال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: (إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر إنما هي لذكر الله والصلاة وقراءة القرآن) قال: فأمر رجلاٍ من القوم فجاء بدلو من ماء فشنه عليه.
وأضافت خديجة المتوكل بالقول : ما أجمل حلمه وعفوه وتواضعه صلوات ربي وسلامه عليه فقد كان صلى الله عليه وسلم يجيب دعوتهم دعوة الحر والعبد والغني والفقير ويعود المرضى في أقصى المدينة ويقبل عذر المعتذر.وكان صلى الله عليه وسلم سيد المتواضعين يتخلق ويتمثل بقوله تعالى: (( تلúكِ الدارْ الآخرِةْ نِجúعِلْهِا للذينِ لاِ يْريدْونِ عْلْواٍ في الأرúض وِلاِ فِسِاداٍ وِالúعِاقبِةْ للúمْتقينِ )) فكان أبعد الناس عن الكبر : (لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبدَ فقولوا عبد الله ورسوله) ويقول صلى الله عليه وسلم : (آكل كما يأكل العبد وأجلس كما يجلس العبد) وكان يجلس على الأرض وعلى الحصير والبساطفإذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل ينزع يده ولا يصرف وجهه من وجهه حتى يكون الرجل هو يصرفه ولم ير مقدمٍا ركبتيه بين يدي جليس له.
السلام
وأما الداعية إيمان النجدي – جامعة القرآن الكريم وعلومه فتقول : جسد النبي مثالا حيا للسلام فكان يبدأ الناس بالسلام ويقول: أفشوا السلام بينكم , أما إذا صافحه أحد أصحابه فكان آخر من يسحب يده إذا صافح إلى أن يسحب الصحابي يده من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسلم على الناس بحرارة بمودة بطلاقة وجه أن تسألهم عن أحوالهم وعن أولادهم وعن صحتهم وعن معاشهم وعن أعمالهم هذا منتهى الأدب ومنتهى الود . وكان عليه الصلاة والسلام بشوشاٍ ضاحكاٍ يلقى أصحابه بالبشاشة وقد قال:” تبسْمْكِ في وجه أخيكِ لكِ صدِقةَ ” وكان يقبل عذر المعتذر وجميعنا يتذكر قصة حاطب بن ابي بلتعه قال له: يا حاطب وقد أخبر قريش أن محمداٍ سيغزوهم ما حملك على ما فعلت¿ قال: والله يا رسول الله ما كفرت ولا ارتددت ولكني لصيق في قريش أردت بهذا الكتاب أن أحمي أهلي ومالي وأنا موقن أن الله سينصرك فاغفر لي ذلك يا رسول الله فقال عليه الصلاة والسلام: إني صدقته فصدقوه, ولا تقولوا فيه إلا خيراٍ, الإنسان اللئيم لا يسترضى ولا يرضى لكن الإنسان المؤمن يسترضى ويرضى, كان يقول: ” من أتاه أخوه متنصلا فليقبل ذلك منه محقا أو مبطلا ” فصلوات الله وسلامه عليك يا حبيبي يا رسول الله.

قد يعجبك ايضا