الحسني: علينا استلهام القيم والمعاني العظيمة من سيرة المصطفى لبناء الوطن وتوحيد الأمة

كثيرة هي القيم والمعاني التي ينبغي للمسلمين استلهامها وهم يحتفلون بذكرى المولد النبوي ويرى الشيخ يعقوب الحسني إمام جامع الإيمان أنه يجب علينا استخلاص الدليل والمنهج والأسوة من مولده (صلى الله عليه وسلم) لحياتنا المعاصرة مؤكداٍ أن ميلاده صلى الله عليه وسلم كان بشارة ثورة على ظلم الجاهلية وظلامها مثلما كانت بعثته مبعث تغيير لركام العقائد الفاسدة والمناهج الكاسدة وكانت نبوته أيضاٍ مفتتح حياة من الجهاد والعمل والتحرر من الاستبداد والاستعباد وكانت هجرته نقلة حضارية لبناء مجتمع المساواة والإخاء وإرساء دستور المدينة الفاضلة الحقيقية..
سيرة النبي منارة للعدل
ويضيف الحسني: إنه حريَ بنا أن نتخذ من سيرة نبينا العطرة منارة لمستقبل تعمه العدالة واحترام الحقوق والحريات الإنسانية ويسوده الرخاء والتماسك وإنه ما أحوج الأمة خلال هذه المرحلة الدقيقة من عمرها أن تتأسى بذكرى مولد نبي الله صلى الله عليه وسلم وبسيرته الكريمة وما أرسته من قيم العمل والمثابرة والتصميم لتكون سبباٍ رئيساٍ لشحذ وتقوية عزيمتنا في مواجهة تحديات الحاضر وتدفع مسيرتنا لتحقيق آمال وطموحات كل فرد يمني لقد انتقلت البشرية بعد مولد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من ظلمة الجاهلية والظلم والفوضى والاستبعاد لنور الإيمان والعدل والأخلاق الحميدة والمساواة.. فمولده ثم بعثه وإرساؤه لدستور المدينة يعد بمثابة الثورة على كل ما هو فاسد ليحل محله الأمان والسلام للمجتمع الذي يحقق له الاستقرار والصفاء النفسي وحب المصطفى صلى الله عليه وسلم في قلوب المسلمين ليس بالقدر الكافي فقد قال تبارك وتعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) .. وقال عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين)..
وفي يوم مولده ليسأل كل مؤمن نفسه: هل يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من ماله وولده ونفسه¿.. وعلى من يجيب بنعم فلنسأله عن دليل هذا الحب ومظاهر ترجمته .. فالحب ليس بالكلمات فقط بل يجب أن يتجسد في صورة أفعال وسلوكيات تطبق على أرض الواقع وليعلم الجميع أن أفضل وسيلة للاحتفال بذكرى مولد المصطفي صلى الله عليه وسلم هي الاقتداء به. فكثير من سننه مهجورة رغم أن العلم الحديث يبث وينشر يوماٍ بعد يوم الكثير من سلوكيات الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام لها مردود صحي إيجابي وفيها صلاح المسلم دنيا وآخرة.

نصرة الرسول
وحول كيفية نصرة الرسول في يوم مولده يقول الحسني: نصرة النبي صلى الله عليه وسلم تقتضي من المسلمين العمل على نشر سيرة الرسول في العالم أجمع وتوضيح أنه جاء رحمة للعالمين وأن الدين الحنيف دين هداية وسلام يسعى لتحقيق الأمن الاجتماعي والتعايش السلمي بين بني البشر أجمعين..
وللأسف – يقول الحسني- أصبح المسلم الصغير لا يعرف الكثير عن حياة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعن سننه وتصرفاته إزاء المواقف المختلفة.. فالكتب الدراسية ووسائل الإعلام قاصرة في هذا الصدد وهنا تقع على عاتقها مهمة غرس محبة الرسول في نفوس النشء وحب الاقتداء به وتعليمهم سيرته وأخلاقه الحميدة وقصة كفاحه العظيمة حتى ينشأ الطفل على حبه ويتعلم كيفية الدفاع عنه ويتخذه قدوة في كل قول وفعل.
ويؤكد الحسني أن على حكومتنا استلهام العبر من السيرة النبوية وهي تبني الوطن فالرسول الكريم بنى دولته في المدينة على القيم والأخلاقيات الحميدة وهذا ما يجب أن تتأسى به الحكومة المعاصرة فتنبذ الفرقة والعصبية وتتوحد على كلمة سواء وتعمل على بناء ما تهدم وتنشر القيم والأخلاق وتسعى لتحقيق آمال الشعب في العيش الكريم.
وأخيراٍ: أقول نريد أن نستلهم من ذكرى مولده كيف بدد الله به الظلمة في وقت وصل الظلم فيه إلى أقصى درجاته وكيف بنى الحضارة التي كانت الركيزة الأساسية لها هو الإنسان بكل ما يحمله من قيم فمحمد صلى الله عليه وسلم جاء ليرسي قواعد المساواة والعدل والحرية, وجاء ليؤسس لحضارة عالمية كان عمادها القيم الإنسانية السامية التي لا يختلف عليها أحد”.
ولهذا يجب أن نتذكر جيداٍ كيف بنى محمد صلى الله عليه وسلم هذه الحضارة¿ ونتعلم (أن مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسم بالحمى والسهر  لأن الوطن سيبنى بالاجتماع وليس بالفرقة بالتراحم وليس بالتناحر فمحمد صلى الله عليه وسلم أرسى لنا خطوات أساسية لنهضة الأمة  فقال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه).
ودعا الحسني إلى تبني خطاب ديني جديد يتناسب وروح العصر الذي نعيش فيه متسلحاٍ بأدواته ينشر بين شبابنا قيم الاعتدال والوسطية والتسامح والحوار ويواجه جميع دعاوى الغلو والتطرف التي تظهر من الحين للآخر ويتصدى لأي صوت ينسب للإسلام والمسلمين ما ليس فيهم.

قد يعجبك ايضا