من الذي حول العمل الإنساني إلى أداة عدوان؟

محمد عبد المؤمن الشامي

 

في زمن تتقاطع فيه الشعارات الإنسانية مع مصالح العدوان، ويستغل العدو الغطاء الدولي لتجنيد عملاء داخل مؤسسات يُفترض أنها تعمل لإنقاذ الشعوب، يخرج السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي ليكشف المستور ويضع الحقائق أمام الشعب اليمني والعالم. ما أعلن عنه السيد القائد ليس مجرد تصريحات سياسية، بل كشف أمني وتحقيقي مدعوم بأدلة قاطعة عن خلايا تجسسية نشطت داخل منظمات دولية، أبرزها برنامج الغذاء العالمي واليونيسف، وغيرها من المنظمات الإنسانية الكبرى، واستغلت واجهة المساعدات الإنسانية لتسهيل أعمال عدوانية ضد الدولة اليمنية ومؤسساتها الحيوية.

وفقًا لما أوضحه السيد القائد، فإن هذه الخلايا لم تكتفِ بجمع المعلومات، بل لعبت دورًا مباشرًا في استهداف اجتماعات الحكومة اليمنية، من خلال رصدها وإبلاغ العدو الإسرائيلي، ومواكبة تنفيذ الجرائم. ولم يكن هذا النشاط عشوائيًا، بل كان منسقًا ومدعومًا بالتوجيه الخارجي من قوى دولية، حيث كانت تلك الخلايا مزودة بأجهزة ومعدات تجسسية متقدمة، بما فيها أجهزة لاختراق الاتصالات وأنظمة متابعة معلوماتية تُستخدم عادة في أعمال الاستخبارات العالمية.

وأشار السيد القائد إلى أن ما حدث في اليمن يذكّر بما وصفه بـ مصائد الموت الأمريكية في قطاع غزة، حيث استُخدمت الشعارات الإنسانية لتغطية الأعمال العدوانية وتسهيل اختراق المدنيين والمؤسسات، وهو أسلوب يعكس نهجًا ممنهجًا لاستغلال العمل الإنساني لصالح العدوان. وأضاف أن هناك خلايا محددة داخل المنظمات كانت تعمل بتنسيق مع أجهزة العدو، وتستفيد من حماية قانونية مزعومة تحت ستار العمل الإنساني، ما جعل تحركها أكثر سهولة وخطورة على الأمن الوطني.

واستشهد السيد القائد بمثال خلية تابعة لبرنامج الغذاء العالمي على رأسها مسؤول الأمن والسلامة لفرع البرنامج في اليمن، والتي كانت جزءًا من شبكة تجسسية مسؤولة عن رصد الاجتماعات الحكومية ونقل المعلومات إلى العدو. وان الأجهزة الامنية تمتلك كل الأدلة والوثائق التي تثبت تورط هذه الخلايا، بما فيها سجلات الاتصالات والبيانات التقنية للأجهزة المستخدمة.

كما أكد السيد القائد أن ما قامت به هذه الخلايا يتجاوز حدود العمل الإنساني، ويشكل عدوانًا صريحًا على الشعب اليمني والدولة، في حين أن توجيه اللوم للأجهزة الأمنية والحكومة في صنعاء يُعد محاولة لتبرئة الجواسيس ومجرمي هذه المنظمات. وأضاف أن الأمم المتحدة وبعض المنظمات الدولية لم تتخذ أي موقف حازم تجاه هذه الانتهاكات، وهو ما يعزز استمرار نشاط الخلايا العدوانية تحت غطاء العمل الإنساني.

السؤال الجوهري الذي يطرحه هذا الملف هو: من الذي حول العمل الإنساني إلى أداة عدوان؟ الجواب، وفقًا لما كشفه السيد القائد، يتمثل في الخلايا التجسسية المنتسبة للمنظمات الإنسانية نفسها، بدعم وتوجيه خارجي من القوى الدولية مثل الولايات المتحدة وإسرائيل، وبغياب الرقابة الحازمة من المنظمات الأممية، مما سمح لهذه الخلايا بمواصلة أنشطتها العدوانية تحت ستار الإنسانية.

هذا التحليل يضع العالم أمام حقيقة واضحة: الأموال الدولية والمشاريع الإغاثية يجب أن تبقى أدوات للإنقاذ والمساعدة، لا وسائل للتجسس والاختراق السياسي والأمني. وما يحدث اليوم في اليمن يمثل تحولًا خطيرًا في أدوات الحرب على الدولة والشعب، بعد فشل الحصار العسكري والاقتصادي، لجأ العدو إلى استغلال المنظمات الإنسانية كواجهة لتسهيل نشاطاته العدوانية.

صنعاء لم تُعلن الحرب على الإنسانية، بل مارست حقها المشروع في حماية سيادتها ومساءلة كل من يسيء استخدام العمل الإنساني. وهذا يوضح أن الدفاع عن الأمن الوطني اليمني لا يقتصر على الجبهات العسكرية فقط، بل يمتد إلى كل زاوية يُستغل فيها شعار الإنسانية لتحقيق مصالح عدوانية خارجية.

القضية هنا ليست أمنية فحسب، بل أخلاقية وسيادية. فالاستغلال العدواني للعمل الإنساني يمثل انتهاكًا صارخًا للضمير الإنساني الدولي. واليمن حين تواجه هذه الخلايا لا تدافع عن نفسها فقط، بل عن مفهوم الإنسانية الحقيقي: الإنسان الحر الذي لا يُستغل تحت شعارات براقة، والذي تُحترم كرامته وحريته بعيدًا عن التلاعب والاستخدام العدواني.

ختامًا، الرسالة واضحة: الإنسانية ليست أداة يُستغلها العدو لتحقيق أهداف سياسية أو استخباراتية. وكل من يحاول تحويل المساعدات الإنسانية إلى أداة عدوان سيواجه سياسة صارمة من الدولة اليمنية وأجهزتها الأمنية، حفاظًا على سيادة الشعب وكرامته، وعلى معنى الإنسانية الحقيقي الذي يقوم على حماية الإنسان لا استغلاله.

قد يعجبك ايضا