الفلسطينيون يلجأون للجنائية الدولية بعد أن خذلتهم المنظمة الدولية

رام الله/عواصم/الثورة/متابعات –
وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس الأول 20 اتفاقية دولية منها اتفاق روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية وذلك بعد يوم من اخفاق مشروع قرار فلسطيني أمام مجلس الامن الدولي يدعو لحصول الفلسطينيين على الاستقلال في عام 2017م.
وتمهد هذه الخطوة التي أغضبت اسرائيل والولايات المتحدة السبيل للمحكمة كي تتولى الولاية القضائية بشأن الجرائم التي ارتكبت في الاراضي الفلسطينية وتحقق في ممارسات القادة الاسرائيليين والفلسطينيين في الصراع الدامي المستمر منذ سنوات.
وقال عباس في تصريحات أذاعها التلفزيون الحكومي خلال اجتماع ضم قادة فلسطينيين: “نعم سنشتكي يعتدى علينا وعلى أرضنا كل يوم لمن نشكو مجلس الأمن خذلنا هنالك منظمة دولية سنذهب إليها ونشكو أمرنا لها”.
وكانت بعثة المراقبة الفلسطينية لدى الأمم المتحدة قالت انها ستسلم إلى الأمم المتحدة الوثائق التي وقعت حديثا للانضمام إلى معاهدة روما التي تأسست بموجبها المحكمة الجنائية الدولية. لكن البعثة عادت في وقت لاحق لتقول انها أرجأت التسليم وانه سيتم على الارجح اليوم الجمعة.
وطبقا لمعاهدة روما فإن الفلسطينيين سيصبحون عضوا بالمحكمة في اول يوم من الشهر الذي يعقب فترة انتظار مدتها 60 يوما بعد تسليم وثائق الانضمام الموقعة والمصدق عليها إلى الامم المتحدة في نيويورك.
وخلال الأشهر التي سبقت اقتراع مجلس الامن الثلاثاء الماضي على مشروع القرار الفلسطيني اعترفت السويد بدولة فلسطين فيما وافقت برلمانات فرنسا وبريطانيا وأيرلندا على طلبات غير ملزمة تحث حكومات هذه الدول على ان تحذو حذوها.
وشنت اسرائيل حرب إبادة دموية على غزة شهري يوليو وأغسطس الماضيين استشهد فيها أكثر من 2100 فلسطيني وقتل 67 جنديا اسرائيليا وستة مدنيين اسرائيليين. وقال نتنياهو في بيان: “سنتخذ خطوات للرد وسندافع عن جنود إسرائيل”.
وادعت الولايات المتحدة أمس الأول أن الخطوة التي اتخذها عباس بتوقيع 20 اتفاقية دولية من بينها المحكمة الجنائية الدولية تثير قلقا عميقا ولا تساعد جهود السلام في المنطقة.
وزعم جيف رادكي المتحدث باسم الخارجية الأميركية قائلاٍ: “هذه خطوة تصعيدية لن تحقق ايا من النتائج التي تمنى معظم الفلسطينيين منذ فترة طويلة رؤيتها لشعبهم.” وأضاف قائلا: “تحركات كهذه ليست الحل.”
ويسعى الفلسطينيون لاقامة دولتهم المستقبلية على اراضي الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية العربية وقطاع غزة وهي المناطق التي احتلتها اسرائيل في حرب 1967م.
وتزايد الزخم للاعتراف بدولة فلسطين بعد ان نجح عباس في محاولة للحصول على اعتراف من الناحية الفعلية بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2012م الامر الذي كفل للفلسطينيين حق الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية.
وأعلن مسؤولون فلسطينيون الثلاثاء الماضي أن المعارضة الأميركية لمشروع القرار الفلسطيني أمام مجلس الامن الدولي جعلت من فشله أمرا محتوما. ويدعو مشروع القرار لاقامة دولة فلسطينية في عام 2017م بعد فترة لا تتجاوز العام من اجراء مفاوضات سلام.
ورفضت الولايات المتحدة واستراليا مسودة القرار فيما وافقت عليه ثماني دول وامتنعت خمس دول عن التصويت. وعجز الفلسطينيون عن ضمان ما يطمحون اليه وهو موافقة تسعة أعضاء بمجلس الامن وهو ما كان سيضطر الولايات المتحدة الى ممارسة حق النقض (الفيتو) بوصفها احدى الدول الخمس الدائمة العضوية بالمجلس التي لها حق النقض.
وانهارت محادثات السلام التي جرت بوساطة أميركية في ابريل الماضي بسبب النزاع على البناء الاستيطاني الاسرائيلي واتفاق لمبادلة الاسرى فضلا عن قرار عباس التوقيع على أكثر من عشرة نصوص دولية سابقة ترى اسرائيل انها خطوة منفردة تخل بالمفاوضات.
وتطرقت الدبلوماسية الفلسطينية الكبيرة حنان عشراوي قائلة: “كنا نلعب منذ عام 1991م لعبة الشخص المحبوب الذي يتجنب اثارة المشاكل خلال المفاوضات وفي الوقت نفسه تلاشى احتمال حل الدولتين”.
وأضافت انه لا توجد خطط في الوقت الراهن للتقدم بشكوى رسمية للمحكمة الجنائية الدولية لكن الخطوة التي اتخذها عباس “مؤشر واضح لاسرائيل والمجتمع الدولي بأنه يتعين على اسرائيل ان تكف عن وتنبذ جرائم الحرب التي تقترفها لاسيما المستوطنات”.
ومن بين الاتفاقات الاخرى التي وافق عليها عباس عدة بنود خاصة بالولاية القضائية للمحكمة الجنائية الدولية والتزامات ضد الاسلحة المحظورة والذخائر العنقودية علاوة على تعهدات اقل اثارة للجدل بشأن الحقوق الدولية للمرأة والملاحة والبيئة.
وفي هذه الأثناء أعربت الخارجية الفلسطينية أمس عن إدانتها لـ”فقدان مجلس الأمن دوره في حماية الأمن والسلم العالميين” وذلك على خلفية رفضه مشروع قرار يهدف إلى إنهاء الاحتلال.
وقالت الخارجية الفلسطينية: إنها “تدين تراجع الدور الذي أصبح يمثله مجلس الأمن الدولي في حماية الأمن والسلم العالميين وتنازله عن دوره الأساس الذي تشكل من أجله”.
وأضاف البيان: إن مجلس الأمن الدولي أصبح “أداة طيعة بيد بعض الدول التي لا تريد للمجلس أن يلعب دوره الحقيقي في تحقيق العدالة والأمن والسلم في العالم وفي حماية الحقوق المسلوبة للدول المقهورة والمحتلة بل تحول الي أداة تستغلها تلك الدول لتحقيق مآربها وفي حماية الدول المعتدية والدفاع عنها بدل من حماية الدول المعتدي عليها والمسلوبة حقوقها”.
وأشار البيان إلى أن “مأساة المجلس الأخيرة” هي “مؤامرة التصويت علي مشروع القرار الفلسطيني العربي” وهو ما اعتبرته وزارة الخارجية “برهان علي فقدان المجلس لمؤهلاته في البقاء سندا قويا للمستضعفين وفي حماية حقوقهم بعد أن استغل أبشع استغلال من قبل من يسمي بدولة الفيتو”.
واستخدمت الولايات المتحدة الأميركية حق النقض (الفيتو) 80 مرة منذ تأسيس الأمم المتحدة عام 1945م ضد مشروعات قرارات قدمت لمجلس الأمن 42 منها كانت ضد إدانة ممارسات إسرائيل في المنطقة العربية من بينها 31 ضد قرارات تخدم القضية الفلسطينية.
واتهمت الخارجية الفلسطينية “تلك الدولة بالتعرض لسيادة دول أخرى في المجلس عبر سياسة الابتزاز والضغط والترهيب لمنعها من استخدام حقها المشروع كدولة سيادية في التصويت لصالح القرار الفلسطيني” وهو ما اعتبرته “تدخلاٍ سافراٍ في تصويت الدول الأخرى بعد الاستفراد بالمجلس وهيمنتها عليه”.
وتعهدت وزارة الخارجية بتقييم “نتائج هذا التدخل السافر ودور المجلس لكي تحدد آليات التحرك المستقبلية بالتنسيق مع العديد من دول العالم التي لم تعد تري في مجلس الأمن ذلك الدور الرئيس الذي تشكل من أجله”.

قد يعجبك ايضا