رد حركة “حماس” .. و”استراتيجية الانتقاء” وإعادة الاعتبار للإجماع الفلسطيني

الثورة نت/..

يعكس رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مقترح ترامب مدى ذكاء الحركة السياسي في التعامل مع موقف منحت فيه ترامب موافقة في بعض، وطلبت نقاشات تفصيلية في بعض آخر، وأعادت بعضه إلى الإجماع الفلسطيني، مجددة موافقتها على إدارة القطاع من خلال هيئة فلسطينية مستقلة.

وهذا التحرك على توازنات عديدة أعاد المقترح برمته للرئيس الأمريكي، وأحال المسؤولية على العدو الإسرائيلي، في الوقت نفسه.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، وسام عفيفة، في تعليق له، وفق ما نشرة موقع المركز الفلسطيني للإعلام، أن الحركة “لم تتعامل مع الورقة ككتلة واحدة للرفض أو القبول، بل أختارت مقاربة تفصيلية تُميّز بين البنود التي يمكن الشروع فيها فورًا، وبين البنود التي تمسّ جوهر الحقوق الفلسطينية”.

وأشار إلى أن الرد جاء “بعد مشاورات واسعة داخلية وفصائلية ومع وسطاء إقليميين ودوليين، ما يمنحه طابعًا وطنيًا لا يعكس فقط موقف الحركة بل موقفًا فلسطينيًا عامًا”.

وأضاف أن لغة الحركة “رحّبت بالإيجابي وتجاهلت ما يتعارض مع حق الشعب في تقرير مصيره”، وهو ما انسجم مع “المواقف العربية والإسلامية من مصر وقطر إلى باكستان، التي عبّرت عن تحفظات واضحة على الخطة”.

الكاتب والصحفي، علي بو رزق، من جهته يرى أن رد حماس جاء “وطنيا مسؤولا، يضع الاعتبار الأول والثاني والثالث لمصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي مصلحة حزبية”، موضحًا أن الرد “لم يأت بالموافقة المشروطة، بل بالموافقة التي تحتمي بالموقف الفلسطيني الجامع والمظلة العربية والإسلامية”.

وأضاف أن أهمية الموقف تكمن في أنه “أعاد الكرة للمربع الإسرائيلي، بعد أن حاول ترامب وحليفه الإسرائيلي أن يصوّرا غزة وكأنها وحدها في مواجهة العالم”.

فيما رأى رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، أن “رد حركة حماس يعكس فهمًا دقيقا للواقع الحالي، ويحافظ على هامش لتحقيق ما يمكن من حقوق وطنية وحقن الدماء، مع استحضار ضرورة أن يكون إطار وطني فلسطيني جامع يقرر في مجمل القضايا الوطنية”.

إلى ذلك، قال المحلل السياسي الفلسطيني، إياد القرا، إن “ردّ حركة حماس على مقترح ترامب بشأن غزة اتسم باستراتيجية الانتقاء، إذ رحبت الحركة بالبُنود التي تتوافق مع المصالح الوطنية، مثل وقف العدوان، وانسحاب الاحتلال، وإدخال المساعدات، ورفض التهجير، بينما أبدت استعدادًا للتفاوض حول القضايا الأخرى”.

وأوضح القرا لـ”قدس برس” أن هذه الصيغة “تعكس موقفًا سياسيًا مرنًا يوازن بين الثوابت والواقعية؛ فهي تُظهر أن الحركة ليست طرفًا معرقلًا، بل فاعلًا سياسيًا يحدد خطوطًا حمراء واضحة لا يمكن تجاوزها”.

فيما قال المحلل السياسي الأردني، حازم عياد، إن ردّ حركة حماس على المقترح الأمريكي “شكّل تحولًا مهمًا في مسار الأحداث، إذ نقل الكرة إلى الملعب الإسرائيلي، وحوّل بذكاء الضغوط الأمريكية والغربية والإقليمية نحو الكيان الصهيوني، بعد أن كانت مركزة على الحركة”.

ولفت إلى أن حركة “حماس” أكدت أن أي اتفاق يجب أن ينسجم مع مصالح الشعب الفلسطيني وحقه في إدارة شؤونه، وأن يكون ثمرة توافق وطني لا قرارًا فرديًا، ما يعني أننا أمام جولات تفاوضية طويلة وشاقة ستحدد المسار النهائي للحرب.

كما أشار إلى أن رد “حماس” كان دبلوماسيا بتركه الباب مفتوحا للتفاوض والحوار حول كافة الملفات مع إدارة ترامب أخذا بعين الاعتبار مصالح الشعب الفلسطيني والدول العربية في الآن ذاته، ما يعني أننا أمام مسار تفاوضي طويل ويرجح ان يكون منتجا.

وقد تضمنت خطة ترامب – نتنياهو حزمة مقترحات أثارت جدلا واسعا منذ الإعلان عنها، لا سيما بعد تأكيد دول عربية وإسلامية أنها ليست بذات النص الذي عرض على زعماء هذه الدول خلال اللقاء مع ترامب.

وطرحت الخطة رؤية إجرائية وأخرى متعلقة بترتيبات سياسية وأمنية تمس مباشرة قضايا السيادة ومستقبل القطاع.

وبينما حاولت واشنطن تمريرها عبر مظلة عربية وإسلامية، جاء موقف حماس ومعها الفصائل ليعيد التأكيد أن أي تسوية لا يمكن أن تُفرض بمعزل عن الإجماع الوطني الفلسطيني.

وهنا يطفو إلى السطح الرد الذي قدمته “حماس” بكل ما فيه من “ذكاء سياسي” أمسكت من خلاله العصا من الوسط، واشركت الإجماع الفلسطيني والعربي والإسلامي في مسار استكمال المفاوضات.

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، مساء الجمعة، موافقتها على الإفراج عن أسرى الاحتلال الاسرائيلي وفق مقترح الرئيس ترامب، وتسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية مستقلة (تكنوقراط)، فيما ربطت بقية ماورد في مقترح ترامب بما اعتبرته “موقف وطني فلسطيني جامع”.

وأكدَّت، في بيان أنها سلمت قرارها للوسطاء، “وبما يحقق وقف الحرب والانسحاب الكامل من القطاع”، معلنة “موافقتها على الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب”، مشترطة “توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل”، مؤكدة “استعدادها للدخول فوراً من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك”.

وجددت الحركة، “موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني واستناداً للدعم العربي والإسلامي”.

وفيما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة، قالت الحركة “إنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستناداً إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية”.

وأعربت عن تقديرها، “للجهود العربية والإسلامية والدولية، الداعية إلى وقف الحرب على قطاع غزة وتبادل الأسرى ودخول المساعدات فوراً ورفض احتلال القطاع ورفض تهجير شعبنا الفلسطيني منه”.

وأشارت إلى أنها “أجرت مشاورات معمقة في مؤسساتها القيادية، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية، ومشاورات مع الإخوة الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب”.

قد يعجبك ايضا